للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: (زوج النَّبِي، عَلَيْهِ السَّلَام) زوج الرجل امْرَأَته، وَزوج الْمَرْأَة بَعْلهَا، قَالَ الله تَعَالَى: {اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة} (الْبَقَرَة: ٣٥، الْأَعْرَاف: ١٩) وَيُقَال أَيْضا: هِيَ زَوجته. وَالْأول هُوَ الْأَفْصَح. قَوْله: (الْعرض) بِفَتْح الْعين، من عرضت إِلَيْهِ أَمر كَذَا، وَعرضت لَهُ الشَّيْء أَي أظهرته وأبرزته إِلَيْهِ. قَوْله: (من نُوقِشَ) من المناقشة وَهِي الِاسْتِقْصَاء فِي الْحساب حَتَّى لَا يُترك مِنْهُ شَيْء. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: أصل النقش استقصاؤك الْكَشْف عَن الشَّيْء، وَمِنْه نقش الشَّوْكَة إِذا استخرجها. وَقَالَ الْهَرَوِيّ: انتقشت مِنْهُ حَتَّى استقصيته مِنْهُ.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: (أَن عَائِشَة) ، بِفَتْح الْهمزَة: وَأَصله بِأَن عَائِشَة، ظَاهر هَذَا الْإِرْسَال لِأَن ابْن أبي مليكَة تَابِعِيّ لم يدْرك مُرَاجعَة عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَكِن ظهر وَصله بعد فِي قَوْله: قَالَت عَائِشَة: فَقلت. قَوْله: (زوج النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) كَلَام إضافي فِي مَنْصُوب لِأَنَّهُ صفة عَائِشَة. قَوْله: (كَانَت) فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهُ خبر: أَن. قَوْله: (لَا تسمع) إِلَى آخِره فِي مَحل النصب لِأَنَّهُ خبر: كَانَ. قَوْله: (لَا تعرفه) جملَة فِي مَحل النصب لِأَنَّهَا صفة لقَوْله: (شَيْئا) . قَوْله: (إلَاّ راجعت فِيهِ) اسْتثِْنَاء مُتَّصِل. وَقَوله: (راجعت) صفة لموصوف مَحْذُوف، وَالتَّقْدِير: لَا تسمع شَيْئا مَجْهُولا مَوْصُوفا بِصفة إلَاّ مَوْصُوفا بِأَنَّهُ مرجوع فِيهِ. قَوْله: (حَتَّى) للغاية بِمَعْنى: إِلَى. وَقَوله: (تعرفه) مَنْصُوب بِأَن الْمقدرَة. قَوْله: (وَأَن النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام،) عطف على قَوْله: (أَن عَائِشَة) . قَالَ الْكرْمَانِي: وَاعْلَم أَن هَذَا الْقدر من كَلَام ابْن أبي مليكَة مُرْسل، إِذْ لم يسْندهُ إِلَى صَحَابِيّ. قلت: قد ذكرت أَن قَول عَائِشَة: فَقلت، يدل على الْوَصْل، وَإِن كَانَ ذَاك بِحَسب الظَّاهِر يدل على الْإِرْسَال. قَوْله: (قَالَ) فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهُ خبر: أَن. قَوْله: (من حُوسِبَ عذب) مقول القَوْل و: من، مَوْصُولَة، و: حُوسِبَ، جملَة صلتها. وَقَوله: (عذب) خبر: من، لِأَنَّهُ مُبْتَدأ. قَوْله: (فَقلت) عطف على قَوْله: (قَالَ: من حُوسِبَ عذب) . وَقَوله: (قَالَت عَائِشَة) معترض بَينهمَا من كَلَام الرَّاوِي. قَوْله: (أَو لَيْسَ يَقُول الله؟) الْهمزَة للاستفهام. فَإِن قلت: همزَة الِاسْتِفْهَام تَقْتَضِي الصدارة، وحرف الْعَطف يَقْتَضِي تقدم الصدارة، فَمَا تَقْدِيره؟ قلت: هَهُنَا وَفِي أَمْثَاله يقدر الْمَعْطُوف عَلَيْهِ هُوَ مَدْخُول الْهمزَة نَحْو: أَكَانَ كَذَلِك وَلَيْسَ يَقُول الله تَعَالَى؟ وَفِي بعض النّسخ: أَو لَيْسَ الله يَقُول؟ فلفظة الله اسْم لَيْسَ وَخَبره يَقُول. فَإِن قلت: مَا اسْم لَيْسَ فِي الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة؟ قلت: إِمَّا أَن يكون لَيْسَ بِمَعْنى: لَا، فَكَأَنَّهُ قيل: أَو لَا يَقُول الله؟ وَإِمَّا أَن يكون فِيهِ ضمير الشَّأْن. قَوْله: (حسابا) نصب على أَنه مفعول مُطلق. و (يَسِيرا) ، صفته. قَوْله: (قَالَت) أَي: عَائِشَة. فَقَالَ: أَي النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. قَوْله: (إِنَّمَا ذَلِك) بِكَسْر الْكَاف لِأَنَّهُ خطاب للمؤنث، وَالْأَصْل فِيهِ: ذَا، وَهُوَ اسْم يشار بِهِ إِلَى الْمُذكر، فَإِن خاطبت جِئْت بِالْكَاف، فَقلت: ذَاك وَذَلِكَ، فَاللَّام زَائِدَة وَالْكَاف للخطاب وَفِيهِمَا دَلِيل على أَن مَا يومىء إِلَيْهِ بعيد وَلَا مَوضِع لَهُ من الْإِعْرَاب، وَهُوَ هَهُنَا مُبْتَدأ وَخَبره قَوْله: (الْعرض) . قَوْله: (وَلَكِن) للاستدراك. قَوْله: (من) مَوْصُولَة تَتَضَمَّن معنى الشَّرْط. وَقَوله: (نُوقِشَ) فعل الشَّرْط. قَوْله: (يهْلك) ، بِكَسْر اللَّام: جَوَاب الشَّرْط، وَيجوز فِيهِ الرّفْع والجزم، وَذَلِكَ لِأَن الشَّرْط إِذا كَانَ مَاضِيا يجوز الْوَجْهَانِ فِي الْجَواب، وَهُوَ من: هلك يهْلك، لَازم. وتيم تَقول: هلكه يهلكه هلكاً بِمَعْنى أهلكه، وَالْمعْنَى هَهُنَا على اللُّزُوم، وَإِن احْتمل التَّعَدِّي أَيْضا. قَوْله: (الْحساب) نصب لِأَنَّهُ مفعول ثَان لناقش، لِأَن أصل بَاب المفاعلة لنسبة أصل الْفِعْل إِلَى أحد الْأَمريْنِ مُتَعَلقا بِالْآخرِ صَرِيحًا، وَيَجِيء عكس ذَلِك ضمنا، فلأجل تعلقه بِالْآخرِ جَاءَ غير الْمُتَعَدِّي إِذا نقل إِلَى فَاعل مُتَعَدِّيا نَحْو: كارمته، فَإِن أَصله لَازم وَقد تعدى هَهُنَا، والمتعدي إِلَى مفعول وَاحِد إِذا نقل إِلَى فَاعل يتَعَدَّى إِلَى مفعولين نَحْو: جاذبته الثَّوْب، لَكِن بِشَرْط أَن لَا يصلح مفعول أصل الْفِعْل أَن يكون مشاركاً للْفَاعِل كَمَا فِي الْمِثَال الْمَذْكُور، فَإِن الثَّوْب لمَّا لم يصلح لِأَن يكون مشاركاً للْفَاعِل فِي المجاذبة احْتِيجَ إِلَى مفعول آخر يكون مشاركاً لَهُ فِيهَا، فيتعدى إِلَى اثْنَيْنِ، وَأما إِذا صلح مَفْعُوله للمشاركة فَلَا يتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ، بل يَكْتَفِي بمفعول كَمَا فِي: شاتمت زيدا. فَإِن قلت: أَيْن الْمَفْعُول الأول هَهُنَا؟ قلت: الضَّمِير الَّذِي نُوقِشَ فَإِنَّهُ مفعول نَاب عَن الْفَاعِل، وَالْمعْنَى: من ناقشه الله الْحساب يهْلك. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الظَّاهِر أَن الْحساب مَنْصُوب بِنَزْع الْخَافِض، أَي: فِي الْحساب، أَي: من جرى فِي حسابه المضايقة يهْلك. قلت: الظَّاهِر مَا ذَكرْنَاهُ.

بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: (كَانَت لَا تسمع) إِنَّمَا جمع بَين: كَانَت، الَّذِي هُوَ الْمَاضِي، وَبَين: لَا تسمع، الَّذِي هُوَ الْمُضَارع لِأَن كَانَت هُنَا لثُبُوت خَبَرهَا والمضارع للاستمرار فيتناسبان، أَو جِيءَ بِلَفْظ الْمُضَارع استحضاراً للصورة الْمَاضِيَة وحكاية عَنْهَا، فلفظه، وَإِن كَانَ مضارعاً، لَكِن مَعْنَاهُ على الْمَاضِي. قَوْله: (عذب) لَهُ مَعْنيانِ: أَحدهمَا: إِن نفس مناقشة الْحساب يَوْم

<<  <  ج: ص:  >  >>