مَكانَتُهُمْ وَمَكَانُهُمْ واحِدٌ
هَذَا فِيهِ نظر، لِأَن فِي قصَّة شُعَيْب هَكَذَا: {وَيَا قوم اعْمَلُوا على مكانتكم} (الْأَنْعَام: ٥٣١، هود: ٣٩، وَالزمر: ٩٣) . بِمَعْنى: مَكَانكُمْ، وَأما مكانتهم فَفِي سُورَة يس وَهُوَ قَوْله: {وَلَو نشَاء لمسخناهم على مكانتهم} (يس: ٧٦) . وَفِي التَّفْسِير: المكانة وَالْمَكَان وَاحِد، كالمقامة وَالْمقَام.
يَغْنَوْا يَعِيشُوا
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {كَأَن لم يغنوا فِيهَا} (هود: ٨٦، ٩٦) . ثمَّ فسره بقوله: يعيشوا، لِأَنَّهُ لما ذكر يغنوا بِدُونِ: لم، فسر: يعيشوا أَيْضا بِدُونِ: لم، وَالْأَصْل، كَأَن لم يغنوا فِيهَا، أَي: لم يعيشوا وَلم يقيموا بهَا.
تَأسَ تَحْزَنُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَا تأس على الْقَوْم الْفَاسِقين} (الْمَائِدَة: ٦٢) . وَفسّر تأس بقوله:؛ تحزن، وَلم يذكر لفظ: لَا، فِيهَا وَذكر هَذَا لَيْسَ فِي مَحَله لِأَنَّهُ فِي قصَّة مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
آسَى أحْزَنُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَكيف آسى على قوم كَافِرين} (الْأَعْرَاف: ٣٩) . وَفسّر: آسى، بقوله: إحزن، وَالْمعْنَى: كَيفَ أَحْزَن وأتندم وأتوجع؟
وَقَالَ الحَسَنُ {إنَّكَ لأَنْتَ الحَلِيمُ الرِّشِيدُ} (هود: ٧٨) . يَسْتَهْزِؤنَ بهِ
أَي: قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّك لأَنْت الْحَلِيم الرشيد} (هود: ٧٨) . يستهزؤن بِهِ: يَعْنِي أَنهم عكسوا على سَبِيل الإستعارة التهكمية إِذْ غرضهم: أَنْت السَّفِيه الغوي لَا الْحَلِيم الرشيد، وَوصل ذَلِك ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي الْمليح عَنهُ. قَوْله: (بِهِ) أَي: بشعيب.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ لَيْكَةُ الأيْكَةُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {كذب أَصْحَاب الأيكة الْمُرْسلين} (الشُّعَرَاء: ٦٧١) . قَرَأَ بَعضهم: ليكة، باللَاّم على وزن: لَيْلَة، فَقَالَ مُجَاهِد: هُوَ نفس الأيكة، وَقَالَ الرشاطي: الأيكة كَانَت منَازِل قوم شُعَيْب، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من سَاحل الْبَحْر إِلَى مَدين، وَكَانَ شجرهم الْمقل والأيكة عِنْد أهل اللُّغَة الشّجر الملتف، وَكَانُوا أَصْحَاب شجر ملتف، وَيُقَال: الأيكة الغيضة، وليكة اسْم الْبَلَد حولهَا، كَمَا قبل مَكَّة: بكة، وَقَالَ أَبُو جَعْفَر النّحاس: وَلَا يعلم ليكة اسْم بلد.
يَوْمَ الظِّلَّةِ إظْلَالُ الغَمامِ العَذَابِ عَلَيْهِمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَأَخذهُم عَذَاب يَوْم الظلة} (الشُّعَرَاء: ٩٨١) . يرْوى أَنه حبس عَنْهُم الْهَوَاء وسلط عَلَيْهِم الْحر فَأخذ بِأَنْفَاسِهِمْ فاضطروا إِلَى أَن خَرجُوا إِلَى الْبَريَّة، فأظلتهم سَحَابَة وجدوا لَهَا بردا ونسيماً، فَاجْتمعُوا تحتهَا، فأمطرت عَلَيْهِم نَارا فاحترقوا. فَكَانَ شُعَيْب، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، مَبْعُوثًا إِلَى أَصْحَاب مَدين وَأَصْحَاب الأية، فأهلكت مَدين بصيحة حبريل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَأَصْحَاب الأيكة بِعَذَاب يَوْم الظلة.
وَاعْلَم أَن البُخَارِيّ لم يذكر فِي هَذَا الْبَاب غير تَفْسِير الْأَلْفَاظ الْمَذْكُورَة فِيهِ، وَلم يَقع هَذَا أَيْضا إلَاّ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والكشميهني.