وَالصغَار وأتباعهم، وَلم يكن مُعَاوِيَة قصد هَذَا الْمَعْنى الَّذِي ذكره هَذَا الْقَائِل، وَإِنَّمَا كَانَ قَصده الْإِنْكَار عَلَيْهِم بإهمالهم إِنْكَار مثل هَذَا الْمُنكر وغفلتهم عَن تَغْيِيره، وَفِي هَذَا اعتناء الْوُلَاة بِإِزَالَة الْمُنْكَرَات وتوبيخ من أهملها. قَوْله: (وَيَقُول) ، عطف على قَوْله: (وَينْهى) أَي: يَقُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (إِنَّمَا هَلَكت بَنو إِسْرَائِيل حِين اتخذها) أَي: حِين اتخذ الْقِصَّة نِسَاؤُهُم، وَكَانَ هَذَا سَببا لهلاكهم، فَدلَّ على أَن ذَلِك كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِم، فَلَمَّا فَعَلُوهُ مَعَ مَا انْضَمَّ إِلَى ذَلِك مِمَّا ارتكبوا من الْمعاصِي هَلَكُوا. وَفِيه: معاقبة الْعَامَّة بِظُهُور الْمُنكر.
٩٦٤٣ - حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عنْ أبِيهِ عنْ أبِي سلَمَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إنَّهُ قَدْ كانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ وإنَّهُ إنْ كانَ فِي أُمَّتِي هَذهِ مِنْهُمْ فإنَّهُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ. (الحَدِيث ٩٦٤٣ طرفه فِي: ٩٨٦٣) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فِيمَا مضى قبلكُمْ من الْأُمَم) . وَعبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى الْقرشِي الأويسي الْمَدِينِيّ وَهُوَ من أَفْرَاده، وَإِبْرَاهِيم بن سعد يروي عَن أَبِيه سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَسعد يروي عَن عَمه أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي فضل عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن يحيى بن قزعة. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي المناقب عَن مُحَمَّد بن رَافع وَالْحسن بن مُحَمَّد.
قَوْله: (إِنَّه) أَي: إِن الشَّأْن قد كَانَ فِيمَا مضى قبلكُمْ من الْأُمَم، أَرَادَ: بني إِسْرَائِيل. قَوْله: (محدثون) ، بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة جمع: مُحدث، قَالَ الْخطابِيّ: الْمُحدث الملهم الَّذِي يلقِي الشَّيْء فِي روعه فَكَأَنَّهُ قد حدث بِهِ يظنّ فَيُصِيب، ويخطر الشَّيْء بِبَالِهِ فَيكون، وَهِي منزلَة جليلة من منَازِل الْأَوْلِيَاء، وَقيل: الْمُحدث هُوَ من يجْرِي الصَّوَاب على لِسَانه، وَقيل: من تكَلمه الْمَلَائِكَة. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: أَخْبرنِي بعض أَصْحَاب أبي عُيَيْنَة، قَالَ: محدثون، يَعْنِي: مفهمون. وَقَالَ ابْن وهب: ملهمون، وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: يصيبون إِذا ظنُّوا وَحَدثُوا. وَقَالَ ابْن التِّين: يَعْنِي متفرسون. وَقَالَ النَّوَوِيّ حاكياً عَن البُخَارِيّ: يجْرِي الصَّوَاب على ألسنتهم، وَهَذِه الْمعَانِي مُتَقَارِبَة. قَوْله: (وَإنَّهُ) أَي: وَإِن الشَّأْن أَن كَانَ فِي أمتِي مِنْهُم، أَي: من الْمُحدثين، فَإِنَّهُ عمر بن الْخطاب قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك على سَبِيل التوقع، وَقد وَقع ذَلِك بِحَمْد الله تَعَالَى. وَفِيه منقبة عَظِيمَة لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ
وَفِيه: كَرَامَة الْأَوْلِيَاء وَأَنَّهَا لَا تَنْقَطِع إِلَى يَوْم الدّين.
٠٧٤٣ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ أبي عَدِيٍّ عنْ شُعْبَةَ عنْ قَتَادَةَ عنْ أبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي عنْ أبِي سَعِيدٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كانَ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ رجُلٌ قتَلَ تِسْعَةً وتِسْعِينَ إنْسَاناً ثُمَّ خَرَجَ يَسْألُ فأتَى رَاهِبَاً فسَألَهُ فَقَالَ لَهُ هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ لَا فقَتَلَهُ فجَعَلَ يَسْألُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وكَذَا فأدْرَكَهُ المَوْتُ فَناءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا فاخْتَصَمَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ ومَلَائِكَةُ العَذَابِ فأوْحَى الله إِلَى هاذِهِ أنْ تَقَرَّبِي وأوْحَى الله إلَى هَذِهِ أنْ تَبَاعَدِي وَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إلَى هَذِهِ أقْرَبَ بِشِبْرٍ فغُفِرَ لَهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو الصّديق، بِكَسْر الْمُهْمَلَتَيْنِ وَتَشْديد الثَّانِيَة: واسْمه بكر بن قيس، أَو: بكر بن عَمْرو النَّاجِي، بالنُّون وَتَخْفِيف الْجِيم وَتَشْديد الْيَاء نِسْبَة إِلَى: نَاجِية بنت غَزوَان أُخْت عتبَة بن لؤَي وَهِي قَبيلَة كَبِيرَة، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن بنْدَار بِهِ وَعَن عبيد الله بن معَاذ وَعَن أبي مُوسَى. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الدِّيات عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
قَوْله: (ثمَّ خرج يسْأَل) ، أَي: عَن التَّوْبَة وَالِاسْتِغْفَار، وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق هِشَام عَن قَتَادَة، يسْأَل عَن أعلم أهل الأَرْض؟ فَدلَّ على رَاهِب. قَوْله: (فَأتى رَاهِبًا) ، الراهب وَاحِد رُهْبَان النَّصَارَى وَهُوَ الْخَائِف والمتعبد. قيل: فِيهِ إِشْعَار بِأَن ذَلِك كَانَ بعد رفع عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لِأَن الرهبانية إِنَّمَا ابتدعها أَتْبَاعه