أَن الْكَذِب عدم مُطَابقَة الْوَاقِع والصدق مطابقته. وَالثَّانِي: أَنَّهُمَا مُطَابقَة الِاعْتِقَاد أَو لَا مطابقته. وَالثَّالِث: مطابقته الْوَاقِع مَعَ اعْتِقَاد الْمُطَابقَة، وَلَا مُطَابقَة مَعَ اعْتِقَاد لَا مطابقته. وعَلى الْأَخيرينِ يكون بَينهمَا الْوَاسِطَة.
وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبَاب الأول وجوب تَبْلِيغ الْعلم إِلَى من لَا يعلم، وَالْمَذْكُور فِي هَذَا الْبَاب التحذير عَن الْكَذِب فِي التَّبْلِيغ، وَذكر هَذَا الْبَاب عقيب الْبَاب الْمَذْكُور من أنسب الْأَشْيَاء.
١٠٦ - حدّثنا علِيُّ بنُ الجَعْدِ قالَ: أخْبَرَنا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبرنِي مَنْصُورٌ قالَ: سَمِعْتُ رِبْعِيَّ بنَ حِرَاش يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: قالَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا تَكْذِبُوا عليَّ فإنَّهُ مَنْ كَذَبَ عليَّ فَلْيَلِجِ النَّارَ) .
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الحَدِيث فِي النَّهْي عَن الْكَذِب على النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، المستلزم للإثم المستلزم لدُخُول النَّار، والترجمة فِي بَيَان إِثْم من كذب عَلَيْهِ، عَلَيْهِ السَّلَام.
بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة. الأول: عَليّ بن الْجَعْد، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وبالدال الْمُهْملَة، الْجَوْهَرِي الْبَغْدَادِيّ، وَقد تقدم. الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج. الثَّالِث: مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر. الرَّابِع: ربعي، بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن حِرَاش، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الرَّاء وبالشين الْمُعْجَمَة: ابْن جحش، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وبالشين الْمُعْجَمَة: ابْن عَمْرو بن عبد الله بن مَالك بن غَالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مُضر الْغَطَفَانِي الْعَبْسِي، بِالْمُوَحَّدَةِ أَبُو مَرْيَم الْكُوفِي الْأَعْوَر العابد الْوَرع، يُقَال: إِنَّه لم يكذب قطّ، وَكَانَ لَهُ ابْنَانِ عاصيان على الْحجَّاج، فَقيل للحجاج: إِن أباهما لم يكذب كذبة قطّ، لَو أرْسلت إِلَيْهِ فَسَأَلته عَنْهُمَا. فَأرْسل إِلَيْهِ فَقَالَ: هما فِي الْبَيْت. فَقَالَ: قد عَفَوْنَا عَنْهُمَا لصدقك وَحلف أَن لَا يضْحك حَتَّى يعلم أَيْن مصيره إِلَى الْجنَّة أَو إِلَى النَّار فَمَا ضحك إلَاّ بعد مَوته. وَله أَخَوان: مَسْعُود، وَهُوَ الَّذِي تكلم بعد الْمَوْت. وربيع، وَهُوَ أَيْضا حلف أَن لَا يضْحك حَتَّى يعرف أَفِي الْجنَّة أم لَا. فَقَالَ غاسله: إِنَّه لم يزل مُبْتَسِمًا على سَرِيره حَتَّى فَرغْنَا. وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: لم يروَ عَن مَسْعُود شَيْء إلَاّ كَلَامه بعد الْمَوْت. وَقَالَ الْكَلْبِيّ: كتب النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، إِلَى حِرَاش بن جحش، فَحرق كِتَابه، وَلَيْسَ لربعي عقب، والعقب لِأَخِيهِ مَسْعُود. وَقَالَ ابْن سعد: حدث عَن عَليّ وَلم يقل: سمع. وَعَن أبي الْحسن الْقَابِسِيّ: أَنه لم يَصح لربعي سَماع من عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، غير هَذَا الحَدِيث. وَقدم الشَّام وَسمع خطْبَة عمر، رَضِي الله عَنهُ، بالجابية. قَالَ الْعجلِيّ: تَابِعِيّ ثِقَة، توفّي فِي خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله عَنهُ، وَقيل: توفّي سنة أَربع وَمِائَة، وَلَيْسَ فِي (الصَّحِيحَيْنِ) : حِرَاش بِالْمُهْمَلَةِ سواهُ. والربعي: بِحَسب اللُّغَة نِسْبَة إِلَى الرّبع. والحراش: جمع الحرش، وَهُوَ الْأَثر. الْخَامِس: عَليّ بن أبي طَالب بن عبد الْمطلب بن هَاشم بن عبد منَاف الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ الْمدنِي، أَمِير الْمُؤمنِينَ، ابْن عَم رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَخَتنه على بنته فَاطِمَة الزهراء. وَاسم أبي طَالب: عبد منَاف، على الْمَشْهُور. وَأم عَليّ: فَاطِمَة بنت أَسد بن هَاشم بن عبد منَاف وَهِي أول هاشمية ولدت هاشميا، أسلمت وَهَاجَرت إِلَى الْمَدِينَة وَتوفيت فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَصلى عَلَيْهَا رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَنزل فِي قبرها. وكنية عَليّ: أَبُو الْحسن، وكناه رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: أَبَا تُرَاب، وَهُوَ أَخُو رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بالمؤاخاة. وَقَالَ لَهُ: أَنْت أخي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. وَهُوَ أَبُو السبطين وَأول هاشمي ولد بَين هاشميين، وَأول خَليفَة من بني هَاشم، وَأحد الْعشْرَة المبشرة بِالْجنَّةِ، وَاحِد السِّتَّة أَصْحَاب الشورى الَّذين توفّي رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَهُوَ عَنْهُم رَاض، وَأحد الْخُلَفَاء الرَّاشِدين، وَأحد الْعلمَاء الربانيين، وأوحد الشجعان الْمَشْهُورين، والزهاد الْمَذْكُورين، وَأحد السَّابِقين إِلَى الْإِسْلَام، شهد مَعَ رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، الْمشَاهد كلهَا إلَاّ تَبُوك، اسْتَخْلَفَهُ فِيهَا على الْمَدِينَة، وأصابته يَوْم أحد سِتّ عشرَة ضَرْبَة، وَأَعْطَاهُ الرَّايَة يَوْم خَيْبَر وَأخْبر أَن الْفَتْح يكون على يَدَيْهِ. ومناقبه جمة، وأحواله فِي الشجَاعَة مَشْهُورَة وَأما علمه فَكَانَ من الْعُلُوم بِالْمحل الْأَعْلَى. رُوِيَ لَهُ عَن رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، خَمْسمِائَة حَدِيث وَسِتَّة وَثَمَانُونَ حَدِيثا، اتفقَا مِنْهَا على عشْرين، وَانْفَرَدَ البُخَارِيّ بِتِسْعَة، وَمُسلم بِخَمْسَة عشر. ولي الْخلَافَة خمس سِنِين. وَقيل: إلَاّ شهرا. بُويِعَ لَهُ بعد عُثْمَان، رَضِي الله عَنهُ، لكَونه أفضل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute