للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي النِّكَاح عَن عبد بن حميد عَن عبد الرَّزَّاق.

قَوْله: (مَسْرُورا) حَال، أَي: فرحان. قَوْله: (تبرق) بِضَم الرَّاء، أَي: تضيء وتستنير من الْفَرح، قَوْله: (أسارير وَجهه) الأسارير جمع الْأَسْرَار، وَهُوَ جمع السرر: وَهِي الخطوط الَّتِي تكون فِي الجبين، وبرقانها يكون عِنْد الْفَرح. قَوْله: (ألم تسمعي) أَي: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَائِشَة: ألم تسمعي مَا قَالَ المدلجي؟ بِضَم الْمِيم وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة وَكسر اللَّام وبالجيم، واسْمه: مجزز، بِضَم الْمِيم وَفتح الْجِيم وَكسر الزَّاي الأولى الْمُشَدّدَة، ونسبته إِلَى مُدْلِج بن مرّة بن عبد مَنَاة بن كنَانَة، بطن من كنَانَة كَبِير مَشْهُور بالقيافة، والقائف هُوَ من يتتبع الْآثَار ويعرفها وَيعرف شبه الرجل بأَخيه وَأَبِيهِ، وَالْجمع: الْقَافة، يُقَال: فلَان يقوف الْأَثر ويقتافه قيافة، مثل: قفا الْأَثر واقتفاه، وَكَانَت الْجَاهِلِيَّة تقدح فِي نسب أُسَامَة بن زيد لكَونه أسود وَزيد أَبيض، فَمر بهما مجزز وهما تَحت قطيفة قد بَدَت أقدامهما من تحتهَا، فَقَالَ: إِن هَذِه الْأَقْدَام بَعْضهَا من بعض، فَلَمَّا قضى هَذَا الْقَائِف بإلحاق نسبه، وَكَانَت الْعَرَب تعتمد قَول الْقَائِف ويعترفون بحقية القيافة، فَرح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكَونه زجرا لَهُم عَن الطعْن فِي النّسَب، وَكَانَت أم أُسَامَة بركَة حبشية سَوْدَاء، وَكَانَ أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة بن شرَاحِيل بن كَعْب بن عبد الْعُزَّى، وَأمه أم أَيمن حاضنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ يُسمى حب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَاخْتلفُوا فِي الْعَمَل بقول الْقَائِف: فأثبته الشَّافِعِي وَاسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث، وَالْمَشْهُور عَن مَالك إثْبَاته فِي الْإِمَاء ونفيه فِي الْحَرَائِر، ونفاه أَبُو حنيفَة مُطلقًا لقَوْله تَعَالَى: {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} (الْإِسْرَاء: ٦٣) . وَلَيْسَ فِي حَدِيث المدلجي دَلِيل على وجوب الحكم بقول الْقَافة لِأَن أُسَامَة كَانَ نسبه ثَابتا من زيد قبل ذَلِك، وَلم يحْتَج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك إِلَى قَول أحد، وَإِنَّمَا تعجب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من إِصَابَة مجزز كَمَا يتعجب من ظن الرجل الَّذِي يُصِيب ظَنّه حَقِيقَة الشَّيْء الَّذِي ظَنّه، وَلَا يثبت الحكم بذلك، وَترك رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِنْكَار عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يتعاطَ فِي ذَلِك إِثْبَات مَا لم يكن ثَابتا.

٦٥٥٣ - حدَّثنا يَحْياى بنُ بُكَيْرٍ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ ابنِ عَبْدِ الله بنِ كَعْبٍ أنَّ عبْدَ الله بنَ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بنَ مالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عنْ تبُوكَ قَالَ فلَمَّا سلَّمْتُ علَى رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ يَبْرُقُ وجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ وكانَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حتَّى كأنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ وكُنَّا نَعْرِفُ ذالِكَ مِنْهُ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (استنار وَجهه) إِلَى آخِره، وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب بن مَالك الْأنْصَارِيّ السّلمِيّ الْمَدِينِيّ، يكنى أَبَا الْخطاب، عبد الله بن كَعْب بن مَالك الْأنْصَارِيّ رُوِيَ عَن أَبِيه كَعْب بن مَالك بن أبي كَعْب بن الْقَيْن بن كَعْب بن سَواد بن غنم ابْن كَعْب بن سَلمَة السّلمِيّ الخزرجي الْأنْصَارِيّ الْمدنِي.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: السماع فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: أَن شَيْخه وَشَيخ شَيْخه مصريان، وعقيلاً أيلي، والبقية مدنيون. وَفِيه: ثَلَاثَة من التَّابِعين على نسق وَاحِد وهم: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب، وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الله، وَعبد الله بن كَعْب. وَفِيه: رِوَايَة الابْن عَن الْأَب عَن الْجد.

وَحَدِيث كَعْب هَذَا قِطْعَة من تَوْبَته، وَسَيَأْتِي بِطُولِهِ فِي الْمَغَازِي. وَأخرجه فِي مَوَاضِع مُخْتَصرا وَمُطَولًا، فَفِي الْمَاضِي أخرج فِي الْوَصَايَا قِطْعَة وَفِي الْجِهَاد قِطْعَة، وَفِي الَّذِي يَأْتِي فِي وُفُود الْأَنْصَار وَفِي موضِعين من الْمَغَازِي وَفِي أَرْبَعَة مَوَاضِع من التَّفْسِير وَفِي الْأَحْكَام مطولا ومختصراً، وَأخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن أبي الطَّاهِر وَعَن مُحَمَّد بن رَافع. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الطَّلَاق عَن أبي الطَّاهِر. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن سُلَيْمَان وَعَن مُحَمَّد بن جبلة وَمُحَمّد بن يحيى وَمُحَمّد بن معدان.

قَوْله: (فَلَمَّا سلمت) ، وَجَوَابه مَحْذُوف تَقْدِيره: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَا وَكَذَا. وَقَوله: (وَهُوَ يَبْرق وَجهه) ، جملَة حَالية وَمعنى: يَبْرق، يلمع. قَوْله: (إِذا سر) ، على صِيغَة الْمَجْهُول من السرُور. قَوْله: (استنار) ، أَي: أَضَاء وتنور، قَوْله: (كَأَنَّهُ قِطْعَة قمر) ، أَي: كَأَن الْموضع الَّذِي تبين فِيهِ السرُور، وَهُوَ جَبينه قِطْعَة قمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>