مَسْعُود. وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن زُهَيْر بن حَرْب وَعُثْمَان بن أبي شيبَة وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير وَعَن أبي سعيد الْأَشَج. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْبر عَن مَحْمُود بن غيلَان.
قَوْله: (لم يكن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاحِشا) من الْفُحْش، وَأَصله الزِّيَادَة بِالْخرُوجِ عَن الْحَد. قَوْله: (وَلَا متفحشاً) أَي: وَلَا متكلفاً فِي الْفُحْش، حَاصله أَنه لم يكن الْفُحْش لَهُ لَا جبلياً وَلَا كسبياً. وروى التِّرْمِذِيّ من طَرِيق أبي عبد الله الجدلي، قَالَ: سَأَلت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، عَن خلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: (لم يكن فَاحِشا وَلَا متفحشاً، وَلَا سخاباً فِي الْأَسْوَاق، وَلَا يجزىء بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة، وَلَكِن يعْفُو ويصفح) . قَوْله: (أحسنكم أَخْلَاقًا) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: (أحاسنكم) ، وَحسن الْخلق اخْتِيَار الْفَضَائِل فِيهِ وَترك الرذائل، وَهُوَ صفة الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، والأولياء، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَعند مُسلم من حَدِيث عَائِشَة (كَانَ: خلقه الْقُرْآن يغْضب لغضبه ويرضى لرضاه) .
٠٦٥٣ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ يُوسُفَ أخْبَرَنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا أنَّها قالَتْ مَا خُيِّرَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَ أمْرَيْنِ إلَاّ أخَذَ أيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إثْمَاً فَإِن كانَ إثْمَاً كانَ أبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَمَا انْتَقَمَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِنَفْسِهِ إلَاّ أنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الله فيَنْتَقِمَ لله بِهَا. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة جدا. والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن القعْنبِي. وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن يحيى بن يحيى وقتيبة. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب عَن القعْنبِي بِهِ مُخْتَصرا.
قَوْله: (مَا خير) ، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (بَين أَمريْن) ، أَي: من أُمُور الدُّنْيَا، يدل عَلَيْهِ قَوْله: (مَا لم يكن إِثْمًا) ، لِأَن أُمُور الدّين لَا إِثْم فِيهَا. قَوْله: (أيسرهما) ، أَي: أسهلهما. قَوْله: (مَا لم يكن إِثْمًا) أَي: مَا لم يكن الأسهل إِثْمًا، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يخْتَار الأشق. قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: كَيفَ يُخَيّر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَمريْن أَحدهمَا إِثْم؟ قلت: التَّخْيِير إِن كَانَ من الْكفَّار فَظَاهر، وَإِن كَانَ من الله وَالْمُسْلِمين فَمَعْنَاه: مَا لم يؤد إِلَى إِثْم، كالتخيير فِي المجاهدة فِي الْعِبَادَة والاقتصاد فِيهَا، فَإِن المجاهدة بِحَيْثُ ينجر إِلَى الْهَلَاك لَا تجوز. قَوْله: (وَمَا انتقم لنَفسِهِ) ، أَي: خَاصَّة. فَإِن قلت: أَمر بقتل عقبَة بن أبي معيط وَعبد الله بن خطل وَغَيرهمَا مِمَّن كَانَ يُؤْذِيه؟ قلت: كَانُوا مَعَ أذاهم لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا ينتهكون حرمات الله تَعَالَى، وَقيل: أَرَادَ أَنه لَا ينْتَقم إِذا أوذي فِي غير السَّبَب الَّذِي يخرج إِلَى الْكفْر، كَمَا عَفا عَن ذَلِك الْأَعرَابِي الَّذِي جَفا فِي رفع صَوته عَلَيْهِ، وَعَن ذَاك الآخر الَّذِي جبذ بردائه حَتَّى أثر فِي كتفه، وَحمل الدَّاودِيّ عدم الانتقام على مَا يخْتَص بِالْمَالِ، قَالَ: وَأما الْعرض فقد اقْتصّ مِمَّن نَالَ مِنْهُ. قَوْله: (إلَاّ أَن تنتهك) ، هَذَا اسْتثِْنَاء مُنْقَطع، أَي: لَكِن إِذا انتهكت حُرْمَة الله انتصر لله تَعَالَى وانتقم مِمَّن ارْتكب ذَلِك، وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من حَدِيث أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِيهِ: (وَمَا انتقم لنَفسِهِ إلَاّ أَن تنتهك حُرْمَة الله فَإِن انتهكت حُرْمَة الله كَانَ أَشد النَّاس غَضبا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لله تَعَالَى) .
وَفِي الحَدِيث: الْأَخْذ بالأسهل والحث على الْعَفو والانتصار للدّين وَأَنه يسْتَحبّ للحكام التخلق بِهَذَا الْخلق الْكَرِيم فَلَا ينْتَقم لنَفسِهِ وَلَا يهمل حق الله تَعَالَى.
١٦٥٣ - حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ حدَّثَنا حَمَّادٌ عنْ ثابِتٍ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ مَا مَسِسْتُ حَرِيرَاً ولَا دِيبَاجَاً ألْيَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولَا شَمِمْتُ رِيحاً قَطُّ أوْ عَرْفَاً قَطُّ أطْيَبُ مِنْ رِيحِ أوْ عَرْفِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن الْمَذْكُور فِيهِ من صِفَاته، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد، وَفِي بعض النّسخ وَقع هَكَذَا، والْحَدِيث من أَفْرَاده، وَأخرجه مُسلم بِمَعْنَاهُ من رِوَايَة سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَنهُ.
قَوْله: (مَا مسست) ، بسينين مهملتين الأولى مَكْسُورَة وَيجوز فتحهَا وَالثَّانيَِة سَاكِنة وَكَذَا الْكَلَام فِي (شممت) . قَوْله: (وَلَا ديباجاً) وَفِي (الْمغرب) : الديباج