أنس: أَمر أَبُو طَلْحَة أم سليم أَن تصنع للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنَفسِهِ خَاصَّة، ثمَّ أرسلتني إِلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة يَعْقُوب بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس: فَدخل أَبُو طَلْحَة على أُمِّي، فَقَالَ: هَل من شَيْء؟ فَقَالَت: نعم عِنْدِي كسر من خبز، فَإِن جَاءَنَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحده أشبعناه، وَإِن جَاءَ أحد مَعَه قلَّ عَنْهُم. وروى أَبُو نعيم من حَدِيث يَعْقُوب بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس، قَالَ لي أَبُو طَلْحَة: يَا أنس إذهب فَقُمْ قَرِيبا من رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا قَامَ فَدَعْهُ حَتَّى يتفرق أَصْحَابه ثمَّ اتبعهُ حَتَّى إِذا قَامَ على عتبَة بَابه، فَقل لَهُ: إِن أبي يَدْعُوك. وروى أَحْمد من حَدِيث النَّضر بن أنس عَن أَبِيه، قَالَت لي أم سليم: إذهب إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقل لَهُ: إِن رَأَيْت أَن تغدى عندنَا فافعل، وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن كَعْب، فَقَالَ: (يَا بني {إذهب إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَادعه وَلَا تدع مَعَه غَيره وَلَا تفضحني) . قَوْله: (وَلَيْسَ عندنَا مَا نطعمهم) ، أَي: قدر مَا يكفيهم. قَوْله: (فَقَالَت: الله وَرَسُوله أعلم) كَأَنَّهَا عرفت أَنه فعل ذَلِك عمدا لتظهر الْكَرَامَة فِي تَكْثِير ذَلِك الطَّعَام، وَدلّ ذَلِك على فطنة أم سليم ورجحان عقلهَا. قَوْله: (فَانْطَلق أَبُو طَلْحَة حَتَّى لَقِي رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، وَفِي رِوَايَة مبارك بن فضَالة: فَاسْتَقْبلهُ أَبُو طَلْحَة. فَقَالَ: (يَا رَسُول الله} مَا عندنَا إلَاّ قرص عملته أم سليم) . وَفِي رِوَايَة عَمْرو بن عبد الله فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: إِنَّمَا هُوَ قرص. فَقَالَ: إِن الله سيبارك فِيهِ. وَفِي رِوَايَة يَعْقُوب. فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: يَا رَسُول الله! إِنَّمَا أرْسلت أنسا يَدْعُوك وَحدك وَلم يكن عندنَا مَا يشْبع من أرى. فَقَالَ: أدخِل، فَإِن الله سيبارك فِيمَا عنْدك. وَفِي رِوَايَة النَّضر بن أنس عَن أَبِيه: فَدخلت عَليّ أم سليم وَأَنا مندهش، وَفِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى: أَن أَبَا طَلْحَة قَالَ: يَا أنس فضحتنا. وللطبراني فِي (الْأَوْسَط) : فَجعل يرميني بِالْحِجَارَةِ. قَوْله: (هَلُمِّي يَا أم سليم) ، كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة: هَلُمَّ، وَهِي لُغَة حجازية، فَإِن عِنْدهم لَا يؤنث وَلَا يثنى وَلَا يجمع، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {والقائلين لإخوانهم هَلُمَّ إِلَيْنَا} (الْأَحْزَاب: ٨١) . وَالْمرَاد بذلك طلب مَا عِنْدهَا. قَوْله: (عكة) ، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْكَاف: إِنَاء من جلد مستدير يَجْعَل فِيهِ السّمن غَالِبا وَالْعَسَل، وَفِي رِوَايَة مبارك بن فضَالة: فَقَالَ: هَل من سمن؟ فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: قد كَانَ فِي العكة شَيْء، فجَاء بهَا فَجعلَا يعصرانها حَتَّى خرج، ثمَّ مسح رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبابته، ثمَّ مسح القرص فانتفخ وَقَالَ: بِسم الله، فَلم يزل يصنع ذَلِك والقرص ينتفخ حَتَّى رَأَيْت القرص فِي الْجَفْنَة يتميع. قَوْله: (فأدمته) ، أَي: جعلته أداماً للمفتوت تَقول: أَدَم دلان الْخبز بِاللَّحْمِ يأدمه، بِالْكَسْرِ، وَقَالَ الْخطابِيّ: أدمته، أَي: أصلحته بالأدام. قَوْله: (إئذن لعشرة) ، أَي: إئذن بِالدُّخُولِ لعشرة أنفس، إِنَّمَا أذن لعشرة عشرَة ليَكُون أرْفق بهم، فَهَذَا يدل على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل منزل أبي طَلْحَة وَحده، وَجَاء بذلك صَرِيحًا فِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، وَلَفظه: فَلَمَّا انْتهى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْبَاب، فَقَالَ لَهُم: اقعدوا، وَدخل. فَإِن قلت: فِي رِوَايَة يَعْقُوب: أَدخل عَليّ ثَمَانِيَة، فَمَا زَالَ حَتَّى دخل عَلَيْهِ ثَمَانُون رجلا، ثمَّ دَعَاني ودعا أُمِّي ودعا أَبَا طَلْحَة فأكلنا حَتَّى شبعنا. قلت: هَذَا يحمل على تعدد الْقِصَّة، وَأكْثر الرِّوَايَات: عشرَة عشرَة، سوى هَذِه، فَإِنَّهُ أدخلهم ثَمَانِيَة ثَمَانِيَة، وَالله أعلم. قَوْله: (فَأَكَلُوا) ، وَفِي رِوَايَة مبارك بن فضَالة: فَوضع يَده فِي وسط القرص، قَالَ: كلوا بِسم الله، فَأَكَلُوا من حوالي الْقَصعَة حَتَّى شَبِعُوا، وَفِي رِوَايَة بكر بن عبد الله: فَقَالَ لَهُم: كلوا من بَين أصابعي. قَوْله: (وَالْقَوْم سَبْعُونَ أَو ثَمَانُون) ، كَذَا وَقع بِالشَّكِّ، وَفِي غير هَذَا الْموضع الْجَزْم بالثمانين، وَفِي رِوَايَة مبارك بن فضَالة: حَتَّى أكل مِنْهُ بضعَة وَثَمَانُونَ رجلا، وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد: كَانُوا نيفاً وَثَمَانِينَ، وَفِي رِوَايَة مُسلم من حَدِيث عبد الله بن أبي طَلْحَة: وأفضلوا مَا بلغُوا جيرانهم، وَفِي رِوَايَة عَمْرو بن عبد الله: وفضلت فضلَة فأهدينا لجيراننا، وَفِي رِوَايَة لسعد بن أبي سعيد: ثمَّ أَخذ مَا بَقِي فَجَمعه ثمَّ دَعَا فِيهِ بِالْبركَةِ، فَعَاد كَمَا كَانَ.
٩٧٥٣ - حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ الْمُثَنَّى حدَّثنا أبُو أحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ حدَّثنا إسْرَائِيلُ عنْ مَنْصُورٍ عنْ إبْرَاهِيمَ عنْ عَلْقَمَةَ عنْ عَبْدِ الله قَالَ كُنَّا نَعُدُّ الآياتِ بَرَكَةً وأنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفاً كُنَّا مَعَ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَفَرٍ فَقَلَّ المَاءُ فَقَالَ اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ فَجاؤُا بإنَاءٍ فِيهِ ماءٌ قَلِيلٌ فأدْخَلَ يَدَهُ فِي الإنَاءِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ والبَرَكَةُ مِنَ الله فلَقَدْ رأيْتُ المَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أصَابِعِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وهْوَ يُؤْكَلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute