للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على قصَص ولد آدم من اللَّوْح الْمَحْفُوظ فَهُوَ ينْسَخ مِنْهَا وَيضْرب لكل على قصَّته مثلا فَإِذا نَام تمثل لَهُ تِلْكَ الْأَشْيَاء على طَرِيق الْحِكْمَة ليَكُون لَهُ بِشَارَة أَو نذارة أَو معاتبة ليكونوا على بَصِيرَة من أَمرهم (فَائِدَة) أعلم أَن البُخَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أخرج حَدِيث " من كذب عَليّ " هَهُنَا عَن خَمْسَة من الصَّحَابَة وهم عَليّ بن أبي طَالب وَالزُّبَيْر بن الْعَوام وَأنس بن مَالك وَسَلَمَة بن الْأَكْوَع وَأَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُم فَقدم حَدِيث عَليّ لَان فِيهِ النَّهْي عَن الْكَذِب عَلَيْهِ صَرِيحًا والوعيد للكاذب وَالْمرَاد من عقد الْبَاب التَّنْبِيه عَلَيْهِ ثمَّ عقبه بِحَدِيث الزبير لزِيَادَة فِيهِ وَهِي التَّنْبِيه على توقي الصَّحَابَة وتحرزهم من كَثْرَة الرِّوَايَة عَنهُ المؤدية إِلَى انجرار الْكَذِب الْخَطَأ ثمَّ عقب ذَلِك بِحَدِيث أنس للتّنْبِيه على نُكْتَة وَهِي أَن توقيهم لم يكن بالامتناع عَن اصل الحَدِيث لأَنهم مأمورون بالتبليغ وَإِنَّمَا كَانَ لخوفهم من الْإِكْثَار المفضى إِلَى الْخَطَأ ثمَّ عقب ذَلِك بِحَدِيث سَلمَة لما فِيهِ من التَّصْرِيح بالْقَوْل لِأَن الْأَحَادِيث الَّتِي قبله أَعم من نِسْبَة القَوْل وَالْفِعْل إِلَيْهِ ثمَّ ختم الْأَرْبَعَة بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة لما فِيهِ من الْإِشَارَة إِلَى اسْتِوَاء تَحْرِيم الْكَذِب عَلَيْهِ فِي حَال سَوَاء كَانَ فِي الْيَقَظَة أَو فِي النّوم (فَائِدَة أُخْرَى) اعْلَم أَن حَدِيث " من كذب عَليّ " فِي غَايَة الصِّحَّة وَنِهَايَة الْقُوَّة حَتَّى أطلق عَلَيْهِ جمَاعَة أَنه متواتر ونوزع بِأَن شَرط التَّوَاتُر اسْتِوَاء طَرفَيْهِ وَمَا بَينهمَا فِي الثرة وَلَيْسَت مَوْجُودَة فِي كل طَرِيق بمفردها أُجِيب بِأَن المُرَاد من إِطْلَاق كَونه متواترا رِوَايَة الْمَجْمُوع عَن الْمَجْمُوع من ابْتِدَائه إِلَى انتهائه فِي كل عصر وَهَذَا كَاف فِي إِفَادَة الْعلم وَحَدِيث أنس قد روى عَن الْعدَد الْكثير وتواترت عَنْهُم الطّرق وَحَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ رَوَاهُ عَن سِتَّة من مشاهير التَّابِعين وثقاتهم وَالْعدَد الْمعِين لَا يشْتَرط فِي التَّوَاتُر بل مَا أَفَادَ الْعلم كَاف وَالصِّفَات الْعليا فِي الروَاة تقوم مقَام الْعدَد أَو تزيد عَلَيْهِ وَلَا سِيمَا قد روى هَذَا الحَدِيث عَن جمَاعَة كثير من الصَّحَابَة فَحكى الإِمَام أَبُو بكر الصَّيْرَفِي فِي شَرحه لرسالة الشَّافِعِي أَنه روى عَن أَكثر من سِتِّينَ صحابياً مَرْفُوعا وَقَالَ بعض الْحفاظ أَنه روى عَن اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ صحابياً وَفِيهِمْ الْعشْرَة المبشرة وَقَالَ وَلَا يعرف حَدِيث اجْتمع على رِوَايَته الْعشْرَة المبشرة إِلَّا هَذَا وَلَا حَدِيث يرْوى عَن اكثر من سِتِّينَ صحابياً إِلَّا هَذَا وَقَالَ بَعضهم انه رَوَاهُ مِائَتَان من الصَّحَابَة وَقد اعتنى جمَاعَة من الْحفاظ بِجمع طرقه فَقَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ أَنه ورد من حَدِيث أَرْبَعِينَ من الصَّحَابَة وَكَذَا قَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار وَجمع طرقه أَبُو مُحَمَّد يحيى بن مُحَمَّد بن صاعد فَزَاد قَلِيلا وَجَمعهَا الطَّبَرَانِيّ فَزَاد قَلِيلا وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم بن مَنْدَه رَوَاهُ اكثر من ثَمَانِينَ نفسا وَجمع طرقه ابْن الْجَوْزِيّ فِي مُقَدّمَة كتاب الموضوعات فجاوز التسعين وَبِذَلِك حرم بن دحْيَة ثمَّ جمعهَا الحافظان يُوسُف بن خَلِيل الدِّمَشْقِي وَأَبُو بكر وهما متعاصران فَوَقع لكل مِنْهُمَا مَا لَيْسَ عِنْد الآخر وَتحصل من مَجْمُوع ذَلِك كُله رِوَايَة مائَة من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَقَالَ ابْن الصّلاح لم يزل عدده فِي ازدياد وهلم جرا على التوالي والاستمرار وَلَيْسَ فِي الْأَحَادِيث مَا فِي مرتبته من التَّوَاتُر وَقيل لم يُوجد فِي الحَدِيث مِثَال للمتواتر إِلَّا هَذَا وَقَالَ ابْن دحْيَة قد أخرج من نَحْو أَرْبَعمِائَة طَرِيق قلت قَول من قَالَ لَا يعرف حَدِيث اجْتمع على رِوَايَته الْعشْرَة إِلَّا هَذَا غير مُسلم فَإِن حَدِيث رفع الْيَدَيْنِ اجْتمع على رِوَايَته الْعشْرَة كَذَلِك حَدِيث الْمسْح على الْخُفَّيْنِ وَكَذَا قَوْله وَلَا حَدِيث يرْوى عَن اكثر من سِتِّينَ صحابياً إِلَّا هَذَا فَإِن حَدِيث السِّوَاك رَوَاهُ أثر من سِتِّينَ صحابياً بيّنت ذَلِك فِي شرح مَعَاني الْآثَار للطحاوي رَحمَه الله وَكَذَلِكَ قَول من قَالَ لم يُوجد من الحَدِيث مِثَال للمتواتر إِلَّا هَذَا فَإِن حَدِيث " من بنى لله مَسْجِدا " وَحَدِيث الشَّفَاعَة والحوض ورؤية الله فِي الْآخِرَة وَالْأَئِمَّة من قُرَيْش كلهَا تصلح مِثَالا للمتواتر فَافْهَم (فَائِدَة أُخْرَى) تَفْصِيل طرق الْأَحَادِيث الْمِائَة من الصَّحَابَة الَّتِي تحصلت من جَمِيع الْحفاظ الْمَذْكُورين هُوَ أَن أَرْبَعَة عشر حَدِيثا مِنْهَا قد صحت فَعِنْدَ البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَليّ بن أبي طَالب وَأنس بن مَالك وَأبي هُرَيْرَة والمغيرة أخرج البُخَارِيّ حَدِيثه فِي الْجَنَائِز وَعند البُخَارِيّ أَيْضا عَن الزبير بن الْعَوام وَسَلَمَة ابْن الْأَكْوَع وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أخرجه حَدِيثه فِي أَخْبَار بني إِسْرَائِيل وَعند مُسلم أَيْضا عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَعند غَيرهمَا من الصِّحَاح أَيْضا عَن عُثْمَان بن عَفَّان وَعبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عمر وَأبي قَتَادَة وَجَابِر وَزيد بن أَرقم وَمِنْهَا سِتَّة عشر حَدِيثا فِي الحسان وَهِي عَن طَلْحَة بن عبيد الله وَسَعِيد بن زيد وَأبي عُبَيْدَة بن الْجراح ومعاذ بن جبل وَعقبَة بن عَامر وَعمْرَان بن حُصَيْن وسلمان الْفَارِسِي وَمُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَرَافِع بن خديج وطارق الْأَشْجَعِيّ

<<  <  ج: ص:  >  >>