أبي سعيد الْأَشَج وَعَن أبي كريب وَعَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار وَعَن عبيد الله بن معَاذ. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي السّنة: عَن مُسَدّد. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن الْحسن بن عَليّ الْخلال وَعَن مَحْمُود بن غيلَان. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن هِشَام. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي السّنة عَن مُحَمَّد بن الصَّباح وَعَن عَليّ بن مُحَمَّد وَعَن أبي كريب.
قَوْله:(لَا تسبوا أَصْحَابِي) ، خطاب لغير الصَّحَابَة من الْمُسلمين المفروضين فِي الْعقل، جعل من سيوجد كالموجود، ووجودهم المترقب كالحاضر، هَكَذَا قَرَّرَهُ الْكرْمَانِي، ورد عَلَيْهِ بَعضهم وَنسبه إِلَى التغفل بِأَنَّهُ وَقع التَّصْرِيح فِي نفس الْخَبَر بِأَن الْمُخَاطب بذلك خَالِد بن الْوَلِيد، وَهُوَ من الصَّحَابَة الْمَوْجُودين إِذا ذَاك بالِاتِّفَاقِ. قلت: نعم، روى مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة حَدثنَا جرير عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد قَالَ: كَانَ بَين خَالِد بن الْوَلِيد وَبَين عبد الرَّحْمَن شَيْء، فَسَبهُ خَالِد، فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:(لَا تسبوا أحدا من أَصْحَابِي) الحَدِيث، وَلَكِن الحَدِيث لَا يدل على أَن الْمُخَاطب بذلك خَالِد وَالْخطاب للْجَمَاعَة، وَلَا يبعد أَن يكون الْخطاب لغير الصَّحَابَة، كَمَا قَالَه الْكرْمَانِي: وَيدخل فِيهِ خَالِد أَيْضا لِأَنَّهُ مِمَّن سبّ على تَقْدِير أَن يكون خَالِد إِذْ ذَاك صحابياً، وَالدَّعْوَى بِأَنَّهُ كَانَ من الصَّحَابَة الْمَوْجُودين إِذْ ذَاك بالِاتِّفَاقِ يحْتَاج إِلَى دَلِيل، وَلَا يظْهر ذَلِك إلَاّ من التَّارِيخ. قَوْله:(أنْفق مثل أحد ذَهَبا) أَي: مثل جبل أحد الَّذِي بِالْمَدِينَةِ، زَاد البرقاني فِي المصافحة من طَرِيق أبي بكر بن عَيَّاش عَن الْأَعْمَش: كل يَوْم. قَوْله:(مَا بلغ مد أحدهم) أَي: الْمَدّ من كل شَيْء، وَهُوَ بِضَم الْمِيم فِي الأَصْل: ربع الصَّاع، وَهُوَ رَطْل وَثلث بالعراقي عِنْد الشَّافِعِي وَأهل الْحجاز، وَهُوَ رطلان عِنْد أبي حنيفَة وَأهل الْعرَاق، وَقيل: أصل الْمَدّ مُقَدّر بِأَن يمد الرجل يَدَيْهِ فَيمْلَأ كفيه طَعَاما، وَإِنَّمَا قدره بِهِ لِأَنَّهُ أقل مَا كَانُوا يتصدقون بِهِ فِي الْعَادة، وَقَالَ الْخطابِيّ: يَعْنِي أَن الْمَدّ من التَّمْر الَّذِي يتَصَدَّق بِهِ الْوَاحِد من الصَّحَابَة مَعَ الْحَاجة إِلَيْهِ أفضل من الْكثير الَّذِي يُنْفِقهُ غَيرهم من السعَة، وَقد يرْوى: مد أحدهم، بِفَتْح الْمِيم، يُرِيد: الْفضل والطول، وَقَالَ القَاضِي: وَسبب تَفْضِيل نَفَقَتهم أَن إنفاقهم إِنَّمَا كَانَ فِي وَقت الضَّرُورَة وضيق الْحَال، بِخِلَاف غَيرهم، وَلِأَن إنفاقهم كَانَ فِي نصرته، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وحمايته وَذَلِكَ مَعْدُوم بعده، وَكَذَا جهادهم وَسَائِر طاعاتهم. قَوْله:(وَلَا نصيفه) فِيهِ أَربع لُغَات: نصف بِكَسْر النُّون وَبِضَمِّهَا وَبِفَتْحِهَا، ونصيف بِزِيَادَة الْيَاء، مثل الْعشْر والعشير وَالثمن والثمين، وَقيل: النّصْف هُنَا مكيال يُكَال بِهِ.