للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ. قَوْله: (قَالَ: مِمَّن أَنْت؟) ويروى: فَقَالَ، بفاء الْعَطف. قَوْله: (أَو لَيْسَ عنْدكُمْ ابْن أم عبد؟) أَرَادَ بِهِ عبد الله بن مَسْعُود، لِأَن أمه أم عبد بنت عبدود بن سَوَاء مَاتَ ابْن مَسْعُود بِالْمَدِينَةِ، وَقيل: بِالْكُوفَةِ. وَالْأول أثبت سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَقيل: كَانَ مُرَاد أبي الدَّرْدَاء من هَذَا السُّؤَال أَنه فهم من عَلْقَمَة أَنه قدم دمشق لطلب الْعلم، فَقَالَ: أوَليس عنْدكُمْ من الْعلمَاء من لَا يحْتَاج إِلَى غَيره وَيُسْتَفَاد مِنْهُ؟ إِن الشَّخْص لَا يرحل عَن بَلَده لأجل طلب الْعلم إلَاّ إذَا لَمْ يَجِد أحدا يُعلمهُ. قَوْله: (صَاحب النَّعْلَيْنِ) أَي: نَعْلي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ ابْن مَسْعُود هُوَ الَّذِي كَانَ يحمل نَعْلي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويتعاهدهما. قَوْله: (والوساد) وَفِي رِوَايَة شُعْبَة: صَاحب السِّوَاك، بِالْكَاف، أَو السوَاد بِالدَّال، وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني: والوسادة، وَرِوَايَة: السوَاد، أوجه، لِأَن السوَاد السرَار، براءين بِكَسْر السِّين فيهمَا، والوساد: المخدة. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: السوَاد السرَار، تَقول: ساودته مساودة وسواداً، أَي: ساررته، وَأَصله: إدناء سوادك من سوَاده وَهُوَ الشَّخْص. قَوْله: (والمطهرة) ، بِكَسْر الْمِيم: الْإِدَاوَة وكل إِنَاء يتَطَهَّر بِهِ، وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ: والمطهر، بِغَيْر هَاء، وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خصص ابْن مَسْعُود بِنَفسِهِ اختصاصاً شَدِيدا، كَانَ لَا يَحْجُبهُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جَاءَ وَلَا يخفي عَنهُ سره، وَكَانَ يلج عَلَيْهِ ويلبسه نَعْلَيْه ويستره إِذا اغْتسل ويوقظه إِذا نَام، وَكَانَ يعرف فِي الصَّحَابَة بِصَاحِب السوَاد والسواك، وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إذنك عَليّ أَن ترفع الْحجاب وَتسمع سوَادِي حَتَّى انهاك. قَوْله: (وَفِيكُمْ الَّذِي أجاره الله من الشَّيْطَان؟) كَذَا هُوَ بواو الْعَطف فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: أفيكم؟ بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام، وَفِي رِوَايَة شُعْبَة: أَلَيْسَ فِيكُم أَو مِنْكُم؟ بِالشَّكِّ، وَمعنى قَوْله: (الَّذِي أجاره الله من الشَّيْطَان) يَعْنِي على لِسَان نبيه، وَفِي رِوَايَة شُعْبَة: أجاره الله على لِسَان نبيه، وَزَاد فِي رِوَايَته يَعْنِي عماراً، وَأَرَادَ بِهِ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَيْح عمار يَدعُوهُم إِلَى الْجنَّة ويدعونه إِلَى النَّار، وَذَلِكَ حِين أكرهوه على الْكفْر بسبه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قيل: وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد بذلك حَدِيث عَائِشَة مَرْفُوعا: مَا خير عمار بَين أَمريْن إلَاّ اخْتَار أشدهما رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ. قَوْله: (وَلَيْسَ فِيكُم) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام. قَوْله: (صَاحب سر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَرَادَ بِهِ حُذَيْفَة، فَإِنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعلمهُ أموراً من أَحْوَال الْمُنَافِقين، وأموراً من الَّذِي يجْرِي بَين هَذِه الْأمة فِيمَا بعده، وَجعل ذَلِك سرا بَينه وَبَينه. قَوْله: (الَّذِي لَا يعلم) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بِحَذْف الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي: يعلم، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: الَّذِي لَا يُعلمهُ، وَكَانَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِذا مَاتَ وَاحِد يتبع حُذَيْفَة، فَإِن صلى عَلَيْهِ هُوَ صلى عَلَيْهِ أَيْضا عمر، وإلَاّ فَلَا. قَوْله: (كَيفَ يقْرَأ عبد الله) يَعْنِي: ابْن مَسْعُود. قَوْله: (وَالذكر وَالْأُنْثَى) أَي: وَكَانَ يقْرَأ بِدُونِ: وَمَا خلق، وَهَذِه خلاف الْقِرَاءَة المتواترة الْمَشْهُورَة، وَيُقَال: قَرَأَ عبد الله: وَالذكر وَالْأُنْثَى، أنزل كَذَلِك ثمَّ أنزل، وَمَا خلق، فَلم يسمعهُ عبد الله وَلَا أَبُو الدَّرْدَاء، وسَمعه سَائِر النَّاس وأثبتوه، وَهَذَا كظن عبد الله: أَن المعوذتين ليستا من الْقُرْآن، وَالله أعلم.

٣٤٧٣ - حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ مُغِيرَةَ عنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ ذَهَبَ علْقَمَةُ إِلَى الشَّأمِ فَلَمَّا دَخَلَ المَسْجِدَ قَالَ أللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسَاً صَالحا فجَلَسَ إلَى أبي الدَّرْدَاءِ فَقَالَ أبُو الدَّرْدَاءِ مِمَّنْ أنْتَ قَالَ مِنْ أهْلِ الكُوفَةِ قَالَ ألَيْسَ فِيكُمْ أوْ مِنْكُمْ صاحِبُ السِّرِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ يَعْنِي حُذَيْفَةَ قَالَ قُلْتُ بلَى قَالَ ألَيْسَ فِيكُمْ أوْ مِنْكُمْ الَّذِي أجَارَهُ الله علَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ يعْنِي عَمَّارَاً قُلْتُ بَلَى قَالَ ألَيْسَ فيكُمْ أوْ مِنْكُمْ صاحِبُ السِّوَاك أَو السِّرَارِ قَالَ بَلَى قَالَ كَيْفَ كانَ عَبْدُ الله يَقْرَأُ واللَّيْلِ إذَا يَغْشَى والنَّهارِ إذَا تَجَلَّى قُلْتُ والذكَرِ والأنْثَى قَالَ مَا زَالَ بِي هاؤُلاءِ حَتَّى كادُوا يَسْتَنْزِلُونِي عنْ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ لله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. .

هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور من طَرِيق سُلَيْمَان بن حَرْب، وَهُوَ فِي نفس الْأَمر يُفَسر بعضه بعض الحَدِيث السَّابِق. قَوْله: (قَالَ: مِمَّن أَنْت) ويروى: فَقَالَ لي: مِمَّن أَنْت؟ قَوْله: (من الشَّيْطَان على لِسَان نبيه) ويروى: من الشَّيْطَان، يَعْنِي على لِسَان نبيه. قَوْله: (أَو السرَار) شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: (يستنزلوني) ويروي: يستنزلونني. قَوْله: (من رَسُول الله) ويروى: من نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>