للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من مَكَّة وَتَفَرَّقُوا فِي الْبِلَاد تخلفت عَنْهُم خُزَاعَة وأقامت بهَا، وَمعنى خزع فلَان عَن أَصْحَابه تخلف عَنْهُم، وَبَنُو لَيْث أَيْضا قَبيلَة. وَقَالَ الرشاطي: لَيْث فِي كنَانَة: لَيْث بن بكر بن عبد مَنَاة بن كنَانَة، وَفِي عبد الْقَيْس: لَيْث بن بكر بن حداءة بن ظَالِم بن ذهل بن عجل بن عَمْرو بن وَدِيعَة بن لكيز بن أفصى بن عبد الْقَيْس. قَوْله: (فَركب رَاحِلَته) ، الرَّاحِلَة: النَّاقة الَّتِي تصلح لِأَن ترحل. وَيُقَال: الرَّاحِلَة الْمركب من الْإِبِل ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى. وَفِي (الْعباب) : الرَّاحِلَة النَّاقة الَّتِي يختارها الرجل لمركبه ورحله على النجابة وَتَمام الْخلق وَحسن المنظر، فَإِذا كَانَت فِي جمَاعَة الْإِبِل عرفت، قَالَه القتيبي. وَقَالَ الْأَزْهَرِي: الرَّاحِلَة عِنْد الْعَرَب تكون الْجمل النجيب والناقة النجيبة، وَلَيْسَت النَّاقة أولى بِهَذَا الِاسْم من الْجمل، وَالْهَاء فِيهِ للْمُبَالَغَة، كَمَا يُقَال: رجل داهية وراوية. وَقيل: سميت رَاحِلَة لِأَنَّهَا ترحل، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {فِي عيشة راضية} (الحاقة: ٢١) أَي مرضية. قَوْله: (لَا يخْتَلى) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَي: لَا يجز وَلَا يقطع. قَالَ الْجَوْهَرِي: تَقول: خليت الخلا واختليته أَي: جززته وقطعته فاختلى، والمخلى مَا يجتز بِهِ الخلا، والمخلاة مَا يَجْعَل فِيهِ الْخَلَاء. وَقَالَ ابْن السّكيت: خليت دَابَّتي أخليها إِذا جززت لَهَا الخلا، وَالسيف يخْتَلى أَي: يقطع، والمختلون والخالون الَّذين يختلون الْخَلَاء ويقطعونه، واختلت الأَرْض أَي: كثر خَلاهَا، والخلا مَقْصُورا: الرطب من الْحَشِيش، الْوَاحِدَة خلاة، وَفِي بعض الطّرق وَلَا يعضد شَوْكهَا وَلَا يخبط شَوْكهَا وَمعنى الْجَمِيع مُتَقَارب، والشوك جمع الشَّوْكَة، وَشَجر شائك وَشَوْك وشاك. وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: هَذِه شَجَرَة شاكة، أَي: كَثِيرَة الشوك. قَوْله: (وَلَا يعضد) أَي: وَلَا يقطع، وَقد اسْتَوْفَيْنَا مَعْنَاهُ فِي بَاب: ليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب. قَوْله: (وَلَا تلْتَقط ساقطتها) أَي: مَا سقط فِيهَا بغفلة الْمَالِك، وَأَرَادَ بهَا اللّقطَة، وَجَاء: وَلَا يحل لقطتهَا إِلَّا لِمُنْشِد، وَجَاء: لَا يلتقط لقطتهَا إِلَّا من عرفهَا. والالتقاط من: لقط الشَّيْء يلقطه لقطا أَخذه من الأَرْض. قَوْله: (إلَاّ لِمُنْشِد) أَي: لمعرف. قَالَ أَبُو عبيد: المنشد الْمُعَرّف. وَأما الطَّالِب فَيُقَال لَهُ: نَاشد. يُقَال: نشدت الضَّالة إِذا طلبتها، وأنشدتها إِذا عرفتها، وأصل الإنشاد رفع الصَّوْت، وَمِنْه إنشاد الشّعْر. قَوْله: (إِمَّا أَن يعقل) من الْعقل وَهُوَ: الدِّيَة. قَوْله: (وَإِمَّا أَن يُقَاد) بِالْقَافِ من الْقود وَهُوَ: الْقصاص، وَيَأْتِي مزِيد الْكَلَام فِيهِ عَن قريب. قَوْله: (إلَاّ الْإِذْخر) بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة وَكسر الْخَاء الْمُعْجَمَة: هُوَ نبت مَعْرُوف طيبَة الرّيح، واحده إذخرة.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: (خُزَاعَة) لَا تَنْصَرِف للعلمية والتأنيث، مَنْصُوب لِأَنَّهُ اسْم: إِن. و (قتلوا رجلا) جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَهُوَ: (رجلا) ، فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا خبر إِن. قَوْله: (من بني لَيْث) فِي مَحل النصب لِأَنَّهُ صفة: (رجلا) . قَوْله: (عَام فتح مَكَّة) نصب على الظّرْف، وَمَكَّة، لَا تَنْصَرِف للعلمية والتأنيث. قَوْله: (بقتيل) أَي: بِسَبَب قَتِيل من خُزَاعَة. قَوْله: (قَتَلُوهُ) ، جملَة فِي مَحل الْجَرّ لِأَنَّهَا صفة لقَوْله: (بقتيل) ، أَي قتل بَنو اللَّيْث ذَلِك الْخُزَاعِيّ. قَوْله: (فاخبر) على صِيغَة الْمَجْهُول، و (النَّبِي) مفعول نَاب عَن الْفَاعِل. قَوْله: (فَركب) عطف على: فَأخْبر. وَقَوله: (فَخَطب) ، عطف على: ركب، وَالْفَاء فِي: فَقَالَ، تصلح للتفسير. قَوْله: (الْقَتْل) مَنْصُوب مفعول: حبس. قَوْله: (وسلط) ، يجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ: أَحدهمَا: صِيغَة الْمَجْهُول فَيكون مُسْندًا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على أَنه نَاب عَن الْفَاعِل، فعلى هَذَا يكون: والمؤمنون، بِالْوَاو لِأَنَّهُ عطف عَلَيْهِ. وَالْآخر: صِيغَة الْمَعْلُوم، وَفِيه ضمير يرجع إِلَى الله وَهُوَ فَاعله وَرَسُول الله مَفْعُوله، فعلى هَذَا يكون و: الْمُؤمنِينَ، بِالْيَاءِ لِأَنَّهُ عطف عَلَيْهِ. قَوْله: (أَلا) ، بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف اللَّام، للتّنْبِيه فتدل على تحقق مَا بعْدهَا. قَوْله: (وَإِنَّهَا) عطف على مُقَدّر لِأَن: أَلَا، لَهَا صدر الْكَلَام، والمقتضى أَن يُقَال: أَلا إِنَّهَا، بِدُونِ الْوَاو، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أَلا إِنَّهُم هم المفسدون} (الْبَقَرَة: ١٢) وَالتَّقْدِير: أَلا إِن الله حبس عَنْهَا الْفِيل وَإِنَّهَا لم تحل لأحد. قَوْله: (وَلَا تحل) عطف على قَوْله: (لم تحل) وَفِي الْكشميهني: (وَلم تحل) . وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي اللّقطَة من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى: (وَلنْ تحل) . وَهِي أليق بالمستقبل. قَوْله: (أَلا وَإِنَّهَا) الْكَلَام فِيهِ مثل الْكَلَام فِي: (أَلا وَإِنَّهَا لم تحل) ، وَكَذَا قَوْله: (أَلا وَإِنَّهَا سَاعَتِي) . قَوْله: (حرَام) مَرْفُوع لِأَنَّهُ خبر لقَوْل: إِنَّهَا. لَا يُقَال إِنَّه لَيْسَ بمطابق للمبتدأ، والمطابقة شَرط، لأَنا نقُول إِنَّه مصدر فِي الأَصْل فيستوي فِيهِ التَّذْكِير والتأنيث والإفراد وَالْجمع، أَو هُوَ صفة مشبهة وَلَكِن وصفيته زَالَت لغَلَبَة الإسمية عَلَيْهِ فتساوى فِيهِ التَّذْكِير والتأنيث. قَوْله: (لَا يخْتَلى) مَجْهُول، وَكَذَا: (لَا يعضد) و: (لَا يلتقط) . قَوْله: (فَمن قتل) على صِيغَة الْمَجْهُول. وَكلمَة: من، مَوْصُولَة تَتَضَمَّن معنى الشَّرْط وَلِهَذَا دخلت فِي خَبَرهَا الْفَاء، وَهُوَ قَوْله: (فَهُوَ بِخَير النظرين) وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: الْمَقْتُول كَيفَ يكون بِخَير النظرين؟ قلت: المُرَاد أَهله، وَأطلق عَلَيْهِ ذَلِك لِأَنَّهُ هُوَ السَّبَب. وَقَالَ الْخطابِيّ: فِيهِ حذف تَقْدِيره: من قتل لَهُ قَتِيل، وَسَائِر الرِّوَايَات تدل عَلَيْهِ. وَقَالَ بَعضهم: فِيهِ حذف وَقع بَيَانه فِي رِوَايَة

<<  <  ج: ص:  >  >>