للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابنِ عُبَادٍ قَالَ كُنْتُ جالِسَاً فِي مَسْجِدِ المَدِينَةِ فدَخَلَ رَجُلٌ علَى وجْهِهِ أثَرُ الخُشُوعِ فقالُوا هذَا رَجُلٌ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ فصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزَ فِيهِمَا ثُمَّ خَرَجَ وتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ إنَّكَ حِينَ دَخَلْتَ المَسْجِدَ قالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ قَالَ وَالله مَا يَنْبَغِي لأِحَدٍ أنْ يقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ وسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَلِكَ رأيْتُ رُؤيَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقَصَصْتُهَا علَيْهِ ورَأيْتُ كأنِّي فِي رَوْضَةٍ ذَكَرَ مِنْ سِعَتِهَا وخُضْرَتِها وسْطَها عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ أسْفَلُهُ فِي الأرْضِ وأعْلَاهُ فِي السَّمَاءِ فِي أعْلَاهُ عُرْوَةٌ فَقِيلَ لِيَ ارْقَهْ قُلْتُ لَا أسْتَطِيعُ فأتَانِي مِنْصَفٌ فرَفَعَ ثِيَابِي مِنْ خَلْفِي فرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أعْلاهَا فأخَذْتُ بالعُرْوَةِ فَقيلَ لِي اسْتَمْسِكْ فاسْتَيْقَظْتُ وإنَّهَا لَفِي يَدِي فقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تِلْكَ الرَّوْضَةُ الإسْلَامُ وذَلِكَ العَمُودُ عَمُودُ الإسْلَامِ وتِلْكَ العُرْوَةُ عُرْوَةُ الوُثْقَى فأنْتَ علَى الإسْلَامِ حَتَّى تَمُوتَ وذَاكَ الرَّجُلُ عَبْدُ الله بنُ سَلَامٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: عبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالمسندي. الثَّانِي: أَزْهَر، بِسُكُون الزَّاي وَفتح الْهَاء: ابْن سعد الْبَاهِلِيّ مَوْلَاهُم السمان بتَشْديد الْمِيم الْبَصْرِيّ، يكنى أَبَا بكر، مَاتَ سنة ثَلَاث وَمِائَتَيْنِ. الثَّالِث: عبد الله بن عون بن أرطبان أَبُو عون الْبَصْرِيّ. الرَّابِع: مُحَمَّد بن سِيرِين. الْخَامِس: قيس بن عباد، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة: الْبَصْرِيّ، قَتله الْحجَّاج صبرا.

وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن عبد الله بن مُحَمَّد، وَأخرجه مُسلم فِي فَضَائِل عبد الله بن سَلام عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَعَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن جبلة.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (كنت جَالِسا فِي مَسْجِد الْمَدِينَة) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم قَالَ: (كنت بِالْمَدِينَةِ فِي نَاس فيهم بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فجَاء رجل فِي وَجهه أثر من خشوع) . قَوْله: (تجوز فيهمَا) ، أَي: خفف وتكلف الْجَوَاز فيهمَا. قَوْله: (ثمَّ خرج وتبعته) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: (فَأَتْبَعته فَدخل منزله وَدخلت، فتحدثنا، فَلَمَّا استأنس قلت لَهُ: إِنَّك لما دخلت قَالَ رجل: كَذَا وَكَذَا. قَوْله: (قَالَ: وَالله لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يَقُول مَا لَا يعلم) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم (قَالَ: سُبْحَانَ الله! مَا يَنْبَغِي لأحد) ، وَهَذَا إِنْكَار من عبد الله بن سَلام حَيْثُ قطعُوا لَهُ بالحنة، فَيحْتَمل أَن هَؤُلَاءِ بَلغهُمْ خبر سعد أَنه من أهل الْجنَّة وَلم يسمع هُوَ ذَلِك، أَو أَنه كره الثَّنَاء عَلَيْهِ بذلك تواضعاً، أَو غَرَضه: إِنِّي رَأَيْت رُؤْيا على عَهده، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك، وَهَذَا لَا يدل على النَّص بِقطع رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على أَنِّي من أهل الْجنَّة، فَلهَذَا كَانَ مَحل الْإِنْكَار. قَوْله: (لم ذَلِك؟) أَي: لأجل مَا قَالُوا ذَلِك القَوْل؟ قَوْله: (ذكر) أَي: عبد الله بن سَلام. قَوْله: (أرقه) ، بهاء السكت فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: أرق، بِدُونِ الْهَاء، وَهُوَ أَمر من رقى يرقى من بَاب علم يعلم إِذا ارْتَفع وَعلا، ومصدره: رقي، بِضَم الرَّاء وَكسر الْقَاف وَتَشْديد الْيَاء. قَوْله: (فَأَتَانِي منصف) ، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون النُّون، وَهُوَ الْخَادِم. وَفِي رِوَايَة الْكشميهني، بِفَتْح الْمِيم وَالْأول أشهر قَوْله: (فَرفع ثِيَابِي) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: (ثمَّ قَالَ: بثيابي من خَلْفي) ، وَوصف أَنه رَفعه من خَلفه بِيَدِهِ. قَوْله: (فرقيت) بِكَسْر الْقَاف على الْمَشْهُور وَحكي فتحهَا. قَوْله: (فَاسْتَيْقَظت) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: (وَلَقَد استيقظت) . قَوْله: (وَإِنَّهَا) الْوَاو فِيهِ للْحَال أَي: وَإِن العروة فِي يَدي، مَعْنَاهُ: أَنه بعد الْأَخْذ اسْتَيْقَظَ فِي الْحَال قبل التّرْك لَهَا، يَعْنِي: استيقظت حَال الْأَخْذ من غير فاصلة بَينهمَا، أَو أَن أَثَرهَا فِي يَدي كَانَ يَده بعد الاستيقاظ كَانَت مَقْبُوضَة بعد كَأَنَّهَا تسْتَمْسك شَيْئا، مَعَ أَنه لَا مَحْذُور فِي الْتِزَام كَون العروة فِي يَده عِنْد الاستيقاظ لشمُول قدرَة الله لنحوه. قَوْله: (الْإِسْلَام) يُرِيد بِهِ جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِالدّينِ، وَيُرِيد بالعمود: الْأَركان الْخَمْسَة أَو كلمة الشَّهَادَة وَحدهَا، وَيُرِيد بالعروة الوثقى الْإِيمَان قَالَ تَعَالَى: {وَمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بِاللَّه فقد استمسك بالعروة الوثقى} (الْبَقَرَة: ٦٥٢) . والوثقى على وزن فعلى من وثق بِهِ ثِقَة ووثوقاً، أَي: ائتمنه وأوثقه وَوَثَّقَهُ بِالتَّشْدِيدِ أحكمه. قَوْله: (وَذَلِكَ الرجل: عبد الله بن سَلام)

<<  <  ج: ص:  >  >>