للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غَلَبَهُ الوجَعُ، وعنْدَنَا كِتابُ اللَّهِ حَسْبُنَا، فاخْتَلفوا وكَثُرَ اللَّغَطُ، قالَ: (عَنِّي ولَا يَنْبَغِي عِنْدِي التنَازُعُ) . فَخَرَج ابنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزيَّةِ مَا حالَ بَيْنَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَيْنَ كِتابِهِ..

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

بَيَان رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: يحيى بن سُلَيْمَان بن يحيى بن سعيد الْجعْفِيّ الْكُوفِي أَبُو سعيد، سكن مصر وَمَات بهَا سنة سبع أَو ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: عبد الله بن وهب بن مُسلم الْمصْرِيّ. الثَّالِث: يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي. الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. الْخَامِس: عبيد الله بن عبد الله، بتصغير الابْن وتكبير الْأَب ابْن عتبَة بن مَسْعُود أَبُو عبد الله الْفَقِيه الْأَعْمَى، أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة. السَّادِس: عبد الله بن عَبَّاس.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع وَصِيغَة الْإِفْرَاد والإخبار بِصِيغَة الْإِفْرَاد والعنعنة. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي ومصري ومدني.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن عَليّ بن عبد الله، وَفِي الطِّبّ عَن عبيد الله بن مُحَمَّد كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّزَّاق وَفِيه وَفِي الِاعْتِصَام عَن ابْن إِبْرَاهِيم ابْن مُوسَى عَن هِشَام بن يُوسُف كِلَاهُمَا عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ. وَأخرجه مُسلم فِي الْوَصَايَا عَن مُحَمَّد بن رَافع وَعبد بن حميد عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَنهُ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْعلم عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن رَاهَوَيْه، وَفِي الطِّبّ عَن زَكَرِيَّا بن يحيى عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّزَّاق عَنهُ.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: (لما اشْتَدَّ) أَي: لما قوي. قَوْله: (اللَّغط) ، بِالتَّحْرِيكِ: الصَّوْت والجلبة. وَقَالَ الْكسَائي: اللَّغط، بِسُكُون الْغَيْن، لُغَة فِيهِ، وَالْجمع ألغاط. وَقَالَ اللَّيْث: اللَّغط أصوات مُبْهمَة لَا تفهم. تَقول: لغط الْقَوْم وألغط الْقَوْم مثل: لغطوا. قَوْله: (الرزيئة) ، بِفَتْح الرَّاء وَكسر الزَّاي بعْدهَا يَاء ثمَّ همزَة، وَقد تسهل الْهمزَة وتشدد الْيَاء، وَمَعْنَاهَا: الْمُصِيبَة. . وَفِي (الْعباب) الرزء الْمُصِيبَة وَالْجمع الارزاء وَكَذَلِكَ المرزية والرزيئة وَجمع الرزيئة الرزايا وَقد رزأته رزيئة أَي أَصَابَته مُصِيبَة ورزأته رزأ بِالضَّمِّ ومرزئة إِذا أصبت مِنْهُ خيرا مَا كَانَ، وَيَقُول: مَا رزأت مَاله، وَمَا رزئته بِالْكَسْرِ أَي: مَا نقصته.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: (لما) ظرف بِمَعْنى: حِين. قَوْله: (وَجَعه) بِالرَّفْع فَاعل: (اشْتَدَّ) . قَوْله: (قَالَ) جَوَاب (لما) وَقَوله: (ائْتُونِي) مقول القَوْل. قَوْله: (اكْتُبْ) مجزوم لِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمر، وَيجوز الرّفْع للاستئناف. قَوْله: (كتابا) مفعول: (اكْتُبْ) . قَوْله: (لَا تضلوا) نفي، وَلَيْسَ بنهي، وَقد حذفت مِنْهُ النُّون لِأَنَّهُ بدل من جَوَاب الْأَمر، وَقد جوز بعض النُّحَاة تعدد جَوَاب الْأَمر من غير حرف الْعَطف، و: (بعده) نصب على الظّرْف. قَوْله: (إِن رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، غَلبه الوجع) مقول قَول عمر، رَضِي الله عَنهُ، وغلبه الوجع، جملَة من الْفِعْل وَالْمَفْعُول، وَالْفَاعِل وَهُوَ: الوجع، فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا خبر: إِن. قَوْله: (كتاب الله) . كَلَام إضافي مُبْتَدأ، و (عندنَا) مقدما خَبره، و: (الْوَاو) ، للْحَال. قَوْله: (حَسبنَا) خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هُوَ حَسبنَا. أَي: كافينا. قَوْله: (فَاخْتَلَفُوا) تَقْدِيره: فَعِنْدَ ذَلِك اخْتلفُوا. قَوْله: (وَكثر اللَّغط) بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة جملَة معطوفة على الْجُمْلَة الأولى، وَيجوز أَن تكون الْوَاو للْحَال، وَالْألف وَاللَّام فِي: اللَّغط، عوضا عَن الْمُضَاف إِلَيْهِ، وَالتَّقْدِير: فَاخْتَلَفُوا وَالْحَال أَنهم قد كثر لغطهم. قَوْله: (قومُوا عني) أَي: قومُوا مبعدين عني، فَهَذَا الْفِعْل يسْتَعْمل بِاللَّامِ نَحْو: {قومُوا لله} (الْبَقَرَة: ٢٣٨) وبإلى نَحْو: {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} (الْمَائِدَة: ٦) وبالباء نَحْو: قَامَ بِأَمْر كَذَا، وَبِغير صلَة نَحْو: قَامَ زيد. وتختلف الْمعَانِي باخْتلَاف الصلات لتضمن كُله صلَة معنى يُنَاسِبهَا. قَوْله: (وَلَا يَنْبَغِي) من أَفعَال المطاوعة، تَقول: بغيته فانبغى، كَمَا تَقول: كَسرته فانكسر. وَقَوله: (التَّنَازُع) فَاعله. قَوْله: (يَقُول) حَال من ابْن عَبَّاس. قَوْله: (كل الرزيئة) مَنْصُوب على النِّيَابَة عَن الْمصدر، وَمثل هَذَا يعد من المفاعيل الْمُطلقَة. قَوْله: (مَا حَال) فِي مَحل الرّفْع، لِأَنَّهُ خبر: إِن. و: مَا، مَوْصُولَة، و: حَال، صلتها أَي: حجز أَي: صَار حاجزا.

بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: (وَجَعه) أَي: فِي مرض مَوته، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي: (لما حضر) ، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: (لما حضرت النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، الْوَفَاة) . وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ من رِوَايَة سعيد بن جُبَير: إِن ذَلِك كَانَ يَوْم الْخَمِيس

<<  <  ج: ص:  >  >>