مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله:(فَإِنَّهَا دَار الْهِجْرَة وَالسّنة) وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَيحيى بن سُلَيْمَان الْجعْفِيّ سكن مصر، وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الْمُحَاربين مطولا عَن عَليّ بن عبد الله وَعَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله وَفِي الْمَغَازِي والاعتصام عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة. قَوْله:(قَالَ ابْن وهب: أَخْبرنِي يُونُس) وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْمَظَالِم فِي: بَاب مَا جَاءَ فِي السقائف حَيْثُ قَالَ: حَدثنِي يحيى بن سُلَيْمَان، قَالَ: حَدثنِي ابْن وهب، قَالَ: حَدثنِي مَالك وَأَخْبرنِي يُونُس عَن إِبْنِ شهَاب ... إِلَى آخِره مُخْتَصرا، حَاصله أَن عبد الله بن وهب روى هَذَا الحَدِيث عَن مَالك، وروى عَن يُونُس بن يزِيد أَيْضا وَله فِيهِ شَيْخَانِ، والْحَدِيث الَّذِي يَأْتِي فِي الْمُحَاربين يُفَسر هَذَا لِأَنَّهُ مُخْتَصر مِنْهُ.
قَوْله:(رَجَعَ إِلَى أَهله وَهُوَ بمنى) أَي: وَالْحَال أَن أَهله بمنى وَأَرَادَ بِهِ منزله، ويوضحه مَا فِي حَدِيث الْمُحَاربين عَن ابْن عَبَّاس: كنت أقرىء رجَالًا من الْمُهَاجِرين مِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، فَبَيْنَمَا أَنا فِي منزله بمنى وَهُوَ عِنْد عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي آخر حجَّة حَجهَا إِذْ رَجَعَ إِلَى عبد الرَّحْمَن، فَقَالَ: لَو رَأَيْت رجلا أَتَى أَمِير الْمُؤمنِينَ الْيَوْم، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! هَل لَك فِي فلَان؟ يَقُول: لَو قد مَاتَ عمر لقد بَايَعت فلَانا. فوَاللَّه مَا كَانَت بيعَة أبي بكر إِلَّا فلتة فتمت، فَغَضب عمر، ثمَّ قَالَ: إِنِّي إِن شَاءَ الله لقائم العشية فِي النَّاس فمحذرهم هَؤُلَاءِ الَّذين يُرِيدُونَ أَن يغصبوهم أُمُورهم، قَالَ عبد الرَّحْمَن: فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: لَا تفعل فَإِن الْمَوْسِم يجمع رعاع النَّاس وغوغاءهم، إِلَى أَن قَالَ: فامهل حَتَّى تقدم الْمَدِينَة فَإِنَّهَا دَار الْهِجْرَة وَالسّنة، فتخلص بِأَهْل الفقة وأشراف النَّاس فَتَقول مَا قلت مُتَمَكنًا، فيعي أهل الْعلم مَقَالَتك ويضعونها على موَاضعهَا. فَقَالَ عمر: أما وَالله إِن شَاءَ الله لأقومن بذلك أول مقَام أقومه بِالْمَدِينَةِ ... الحَدِيث بِطُولِهِ، فَإِن لم يقف النَّاظر فِيهِ لم يحصل لَهُ تمكن فِي فهم حَدِيث الْبَاب لِأَنَّهُ مُخْتَصر، والمطول شرح لَهُ، فَلذَلِك ذكرنَا مِنْهُ قدر الِاحْتِيَاج هَهُنَا، وَسَيَجِيءُ مزِيد الْكَلَام فِي الْمُحَاربين إِن شَاءَ الله تَعَالَى. قَوْله:(إِن الْمَوْسِم) أَي: موسم الْحَج، وَهُوَ مُجْتَمع النَّاس، وسمى بِهِ لِأَنَّهُ معلم لجَمِيع النَّاس. قَوْله:(رعاع النَّاس) بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الْعين الْمُهْملَة الأولى: الأسقاط والسفلة وغوغاؤهم، أصل الغوغاء الْجَرَاد حَتَّى يخف للطيران، ثمَّ استعير للسفلة من النَّاس المسرعين إِلَى الشَّرّ، وَيجوز أَن يكون من الغوغاء: الصَّوْت والجلبة الْكَثِيرَة لِكَثْرَة لغلطهم وصياحهم. قَوْله:(وَالسّنة) ويروى: والسلامة عَن الْكشميهني. قَوْله:(وتخلص) أَي: تصل. قَوْله:(أول مقَام) أَرَادَ بِهِ قِيَامه فِي الْمَدِينَة بالْكلَام وَالْحكم.