هَذَا اللَّفْظ قد يرد بِمَعْنى الْمَدْح والإعجاب. وَقَالَ الدَّاودِيّ: مَعْنَاهُ أجهلت؟ ورد عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لم يَقع عِنْد أحد من أهل اللُّغَة بِهَذَا الْمَعْنى. قَوْله: (أوَجنة؟) كَذَلِك الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الْإِنْكَار، وَالْوَاو للْعَطْف. قَوْله: (هِيَ) ، فِي مَحل الرّفْع على الِابْتِدَاء وَخَبره مَحْذُوف تَقْدِيره: هِيَ جنَّة وَاحِدَة، والهمزة فِيهِ مقدرَة تَقْدِيره: أَهِي جنَّة وَاحِدَة؟ يَعْنِي: لَيست بجنة وَاحِدَة (إِنَّهَا جنان) وَهُوَ جمع تكسير وَيجمع على جنَّات أَيْضا، وَهُوَ جمع قلَّة. قَوْله: (وَإنَّهُ) أَي: وَإِن حَارِثَة (فِي جنَّة الفردوس) وَهُوَ أَوسط الْجنَّة وَأعلاها، وَمِنْه يتفجر أَنهَار الْجنَّة، والفردوس الْبُسْتَان، قَالَ الْفراء: عَرَبِيّ، وَقيل: بِلِسَان الرّوم، وَرُوِيَ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: الفردوس ربوة الْجنَّة وأوسطها وأفضلها.
٣٩٨٣ - حدَّثني إسْحَاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ أخْبرَنَا عَبْدُ الله بنُ إدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ حُصَيْنَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ سَعْدِ بنِ عُبَيْدَةَ عنْ أبِي عَبْدِ الرَّحْمانِ السُّلَمِيِّ عنْ عَلِيُ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا مَرْثدٍ والزُّبَيْرَ وكُلُّنَا فارِسٌ قالَ انْطَلِقُوا حَتَّى تَأتُوا رَوْضَةَ خاخٍ فإنَّ بِهَا امْرَأةً مِنَ المُشْرِكِينَ مَعَهَا كِتابٌ مِنْ حَاطِبِ بنِ أبِي بَلْتَعَةَ إلَى الْمُشْرِكِينَ فأدْرَكْنَاهَا تَسيرُ علَى بَعِيرٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَا الْكِتَاب فقالَتْ مَا مَعَنَا كِتَابٌ فأنَخْنَاها فالْتَمَسْنَا فلَمْ نَرَ كِتابَاً فَقُلْنَا مَا كَذَبَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ أوْ لَنُجَرِّدَنَّكِ فلَمَّا رأتِ الجِدَّ أهْوَتْ إلَى حُجْزَتِهَا وهْيَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ فأخْرَجَتْهُ فانْطَلَقْنَا بِهَا إلَى رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عُمَرُ يَا رسُولَ الله قَدْ خَانَ الله ورسُولَهُ والْمُؤْمِنِينَ فَدَعْنِي فَلأضْرِبَ عُنُقَهُ فقالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا حَمَلَكَ علَى مَا صَنَعْتَ قَالَ حاطِبٌ وَالله مَا بِي إِلَّا أكُونَ مُؤْمِنَاً بِاللَّه ورَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرَدْتُ أنْ تَكُونَ لِي عِنْدَ القَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ الله بِهَا عَنْ أهْلِي ومالِي ولَيْسَ أحَدٌ مِنْ أصْحَابِكَ إلَاّ لَهُ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ الله بِهِ عنْ أهْلِهِ ومالِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَدَقَ ولَا تَقُولُوا لَهُ إلَاّ خَيْرَاً فَقالَ عُمَرُ إنَّهُ قدْ خَانَ الله ورَسُولَهُ والمُؤْمِنِينَ فدَعْنِي فَلأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقالَ ألَيْسَ مِنْ أهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ لَعَلَّ الله اطَّلَعَ إلَى أهْلِ بَدْرٍ فَقال اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فقدْ وَجَبَتْ لَكُمْ الجَنَّةُ أوْ فَقَدْ غَفرْت لَكُمْ فدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ الله ورَسُولُهُ أعْلَمُ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَقَالَ: أَلَيْسَ من أهل بدر؟) إِلَى آخِره، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم هُوَ ابْن رَاهَوَيْه، وروى عَنهُ مُسلم أَيْضا، وَعبد الله بن إِدْرِيس بن يزِيد الأودي، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْوَاو وبالدال الْمُهْملَة: الْكُوفِي، و: حُصَيْن، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره نون: ابْن عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أَبُو الْهُذيْل الْكُوفِي، وَسعد بن عُبَيْدَة مصغر عَبدة أَبُو حَمْزَة الْكُوفِي السّلمِيّ، ختن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ الَّذِي يروي عَنهُ، واسْمه: عبد الله بن حبيب بن ربيعَة ولحبيب صُحْبَة، وَعلي هُوَ ابْن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَفِيه: ثَلَاثَة من التَّابِعين على نسق وَاحِد، وهم: حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن، وَسعد بن عُبَيْدَة، وَأَبُو عبد الرَّحْمَن.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْجِهَاد فِي: بَاب الجاسوس، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (وَأَبا مرْثَد) بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الرَّاء وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَفِي آخِره دَال مُهْملَة: واسْمه كناز، بِكَسْر الْكَاف وَتَخْفِيف النُّون وَفِي آخِره زَاي، أَي: ابْن الْحصين، وَيُقَال: الْحصين الغنوي، قَالَ الْوَاقِدِيّ: توفّي سنة ثِنْتَيْ عشرَة من الْهِجْرَة، زَاد غَيره: بِالشَّام فِي خلَافَة أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: (وَالزُّبَيْر) هُوَ ابْن الْعَوام، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقد تقدم فِي الْجِهَاد أَنه بعث عَليّ اً والمقداد وَالزُّبَيْر، وَلَا مُنَافَاة لاحْتِمَال أَنه بعث الْأَرْبَعَة. قَوْله: (تسير) ، جملَة وَقعت حَالا من الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي: (أدركناها) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute