الْإِيمَان فِي الْقلب وَعَن الزُّهْرِيّ عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِي أُسَارَى بدر لَو كَانَ مطعم بن عدي حَيا ثمَّ كلمني فِي هَؤُلَاءِ النتنى لتركتهم لَهُ) . قيل وَجه إِيرَاده هُنَا مَا تقدم فِي الْجِهَاد إِنَّه كَانَ قدم فِي سَار بدر أَي فِي طلب فداوءهم (قلت) هَذَا الْوَجْه غير ظَاهر على مَا لَا يخفى وَإِسْحَاق بن مَنْصُور بن بهْرَام الْمروزِي وَقد مضى فِي كتاب الصَّلَاة فِي بَاب الْجَهْر فِي الْمغرب حَدِيث جُبَير بن مطعم أَنه قَالَ سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَرَأَ فِي الْمغرب بِالطورِ قَوْله وَذَلِكَ أول مَا وقر الْإِيمَان فِي قلبِي أَي أول مَا حصل وقور الْإِيمَان فِي قلبِي إِي ثباته ووقوره وَإِن قلت تقدم بِالْجِهَادِ فِي بَاب فدَاء الْمُشْركين أَن جبيراً حِين سمع قِرَاءَته بالمغرب بِالطورِ كَانَ كَافِرًا وَقد جَاءَ إِلَى الْمَدِينَة فِي اسارى بدر وَإِنَّمَا أسلم بعد ذَلِك يَوْم الْفَتْح قلت التَّصْرِيح بِالْكَلِمَةِ والتزام أَحْكَام الْإِسْلَام كَانَ عِنْد الْفَتْح وَإِمَّا حُصُول وقور الْإِيمَان فِي صَدره فَكَانَ فِي ذَلِك الْيَوْم قَوْله " وَعَن الزُّهْرِيّ " مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الأول قَوْله " النتنى " بنونين مفتوحين بَينهمَا تَاء مثناه من فَوق وَهُوَ جمع نَتن بِفَتْح النُّون وَكسر التَّاء كزمن يجمع على زمني سمى أُسَارَى بدر الدّين قتلوا وصاروا جيفاً بالنتنى لكفرهم كَقَوْلِه تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْركين نجس} قَوْله لتركتهم أَي بِغَيْر فدَاء وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لليداتى كَانَت للمطعم وَهِي قِيَامه فِي نقض الصَّحِيفَة الَّتِي كتبتها قُرَيْش على بني هَاشم وَمن مَعَهم من الْمُسلمين حَتَّى حصروهم فِي الشّعب وَدخُول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي جواره حِين رَجَعَ من الطَّائِف وَمَات الْمطعم قبل وقْعَة الْبَدْر وَله بضع وَتسْعُونَ سنة (وَقَالَ اللَّيْث عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب وَقعت الْفِتْنَة الأولى يَعْنِي مقتل عُثْمَان فَلم تبقى من أَصْحَاب بدر أحد ثمَّ وَقعت الْفِتْنَة الثَّانِيَة يَعْنِي الْحرَّة فَلم تبقى من أَصْحَاب الْحُدَيْبِيَة أحد ثمَّ وَقعت الثَّالِثَة فَلم ترْتَفع وَلِلنَّاسِ طباخ) . تَعْلِيق اللَّيْث بن سعد هَذَا الَّذِي رَوَاهُ عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَصله أَبُو نعيم فِي الْمُسْتَخْرج من طَرِيق أَحْمد بن حَنْبَل عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ نَحوه قَوْله يَعْنِي مقتل عُثْمَان تَفْسِير لقَوْله الْفِتْنَة الأولى وَكَانَ مقتل عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ يَوْم الْجُمُعَة لثمان لَيَال خلت من ذِي الْحجَّة يَوْم التَّرويَة سنة خَمْسَة وَثَلَاثُونَ قَالَه الْوَاقِدِيّ وَعنهُ أَيْضا أَنه قتل يَوْم الْجُمُعَة لليلتين بَقِيَتَا من ذِي الْحجَّة وحاصروه تسع وَأَرْبَعين يَوْمًا وَقَالَ الزبير حاصروه شَهْرَيْن وَعشْرين يَوْمًا قَوْله " فَلم تبْق " بِضَم التَّاء من الْإِبْقَاء قيل هَذَا غلط لِأَن عليا وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَآخَرُونَ من الْبَدْرِيِّينَ عاشوا بعد عُثْمَان زَمَانا وَكَيف يُقَال فَلم تبْق الأولى من أَصْحَاب بدر أحدا واجيب بِأَنَّهُ ظن أَنهم قتلوا عِنْد مقتل عُثْمَان وَلَيْسَ ذَلِك مرَادا وَفِيه نظر لَا يخفى وَقَالَ الْكرْمَانِي المُرَاد عُثْمَان صَار سَببا لهلاك كثير من الْبَدْرِيِّينَ كَمَا فِي الْقِتَال الَّذِي بَين عَليّ وَمُعَاوِيَة وَنَحْوه ثمَّ قَالَ أحد نكرَة فِي سِيَاق النَّفْي فَيُفِيد الْعُمُوم ثمَّ أجَاب بقوله مَا من عَام إِلَّا وَقد خص إِلَّا قَوْله تَعَالَى {وَالله بِكُل شَيْء عليم} مَعَ أَن لفظ الْعَام الَّذِي قصد بِهِ الْمُبَالغَة اخْتلفُوا فِيهِ هَل مَعْنَاهُ الْعُمُوم أم لَا وَقَالَ الدَّاودِيّ الْفِتْنَة الأولى مقتل الْحُسَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قيل هَذَا خطأ لِأَن فِي زمن مقتل الْحُسَيْن لم يكن أحد من الْبَدْرِيِّينَ مَوْجُودا قَوْله " يَعْنِي الْحرَّة " تَفْسِير للفتنة الثَّانِيَة يَعْنِي الْفِتْنَة الثَّانِيَة هِيَ وقْعَة الْحرَّة أَي حرَّة الْمَدِينَة وَهِي خَارِجهَا وَهُوَ مَوضِع الَّذِي قَاتل عَسْكَر يزِيد بن مُعَاوِيَة فِيهِ أهل الْمَدِينَة فِي سنة اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ الْأَصَح أَنَّهَا كَانَت فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَكَانَ رَأس عَسْكَر يزِيد مُسلم بن عقبَة قَالَ الْمَدَائِنِي كَانَ فِي سَبْعَة وَعشْرين ألفا اثنى عشر ألف فَارس وَخَمْسَة عشر ألف راجل وَكَانُوا نزلُوا شَرْقي الْمَدِينَة فِي الْحرَّة وَهِي أَرض ذَات حِجَارَة سود وَلما وَقع الْقِتَال انتصر مُسلم بن عقبَة وَقتل سَبْعمِائة من وُجُوه النَّاس من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك أَن أهل الْمَدِينَة خلعوا يزِيد وولوا على قُرَيْش عبد الله بن مُطِيع وعَلى الْأَنْصَار عبد الله بن حَنْظَلَة بن أبي عَامر وأخرجوا عَامل يزِيد من بَين أظهرهم وَهُوَ عُثْمَان بن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute