للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أنْ تَفْشَلَا وَالله ولِيُّهُمَا وعَلى الله فلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ} (آل عمرَان: ١٢٢) .

إِذْ هَمت بدل من: إِذْ غَدَوْت، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: أَو عمل فِيهِ معنى سميع عليم، والطائفتان حَيَّان من الْأَنْصَار: بَنو سَلمَة، بِفَتْح السِّين وَكسر اللَّام من الْخَزْرَج، و: بَنو حَارِثَة من الْأَوْس، وهما الجناحان، وَقد ذكرنَا أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج يَوْم أحد فِي ألف، وَقيل: فِي تسعماية وَخمسين وَالْمُشْرِكُونَ فِي ثَلَاثَة آلَاف، وَوَعدهمْ الْفَتْح إِن صَبَرُوا، فانخذل عبد الله بن أبي بِثلث النَّاس ثمَّ هَاتَانِ الطائفتان همتا أَن تَفْشَلَا أَي: يتجنبا ويتخلفا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويذهبا مَعَ عبد الله بن أبي، وَلَكِن الله عصمهما فَلم ينصرفوا ومضوا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَذكرهمْ الله تَعَالَى نعْمَته بعصمته. فَقَالَ: {إِذْ هَمت طَائِفَتَانِ} (آل عمرَان: ١٢٢) . وألهم تعلق الخاطر بِمَالِه قدر، والفشل الْجُبْن والخور، وَلَكِن لم يكن همهما عزماً، فَلذَلِك قَالَ الله: {وَالله وليهما} (آل عمرَان: ١٢٢) . أَي: ناصرهما، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: الله ناصرهما ومتولى أَمرهمَا، فَمَا لَهما يفشلان وَلَا يتوكلان على الله؟

٤٠٥١ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ عنِ ابنِ عُيَيْنَةَ عنْ عَمْرٍ وعنْ جابِرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ فِينَا {إذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أنْ تَفْشَلَا} (آل عمرَان: ١٢٢) . بَني سَلِمَةَ وبَنِي حَارِثَةَ وَمَا أُحِبُّ أنَّهَا لَمْ تَنْزلْ وَالله يَقُولُ {وَالله ولِيُّهُمَا} (آل عمرَان: ١٢٢) . (الحَدِيث ٤٠٥١ طرفه فِي: ٤٥٥٨) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَابْن عُيَيْنَة هُوَ سُفْيَان وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار. والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن عَليّ بن عبد الله. وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَأحمد بن عَبدة.

قَوْله: (بني سَلمَة) ، بِالْجَرِّ على أَنه بدل من قَوْله: (فِينَا) وَبني حَارِثَة عطف عَلَيْهِ. قَوْله: (وَمَا أحب أَنَّهَا) أَي: أَن الْآيَة (لم تنزل) وَالْحَال أَن الله تَعَالَى يَقُول: {وَالله وليهما} (آل عمرَان: ١٢٢) . وَحَاصِل المعني: أَن ذَلِك فرط الاستبشار بِمَا حصل لَهُم من الشّرف بثناء الله وإنزاله فيهم آيَة ناطقة بِصِحَّة الْولَايَة، وَأَن ذَلِك ألهم غير الْمَأْخُوذ بِهِ، لِأَنَّهُ لم يكن عَن عزم وتصميم.

٤٠٥٢ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ حدَّثنا سُفْيَانُ أخْبرَنَا عَمْرٌ وعنْ جابِرٍ قَالَ قَالَ لِي رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَلْ نَكَحْتَ يَا جابِرُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ مَاذَا أبِكْراٌ أمْ ثَيِّباً قُلْتُ لَا بَلْ ثَيِّبَاً قَالَ فهَلَاّ جارِيَةً تُلَاعِبُكَ قُلْتُ يَا رسُولَ الله إنَّ أبِي قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وتَرَكَ تِسْعَ بَناتٍ كُنَّ لِي تِسْعَ أخَوَاتٍ فكَرِهْتُ أنْ أجْمَعَ إلَيْهِنَّ جارِيَةً خَرْقَاءَ مِثْلَهُنَّ ولَكِنِ امْرَأةً تَمْشُطُهُنَّ وتَقُومُ عَلَيْهِنَّ قَالَ أصَبْتَ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (إِن أبي قتل يَوْم أحد) وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار.

والْحَدِيث أخرجه فِي النِّكَاح عَن قُتَيْبَة بِهِ.

قَوْله: (مَاذَا؟) أَي: مَا كَانَ نكاحك؟ أنكحت بكرا أم ثَيِّبًا؟ والهمزة فِي: أبكراً؟ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار. قَوْله: (لَا) أَي: قلت: لَا نكحت بكرا، بل نكحت ثَيِّبًا. قَوْله: (فَهَلا جَارِيَة) يَعْنِي بكرا تلاعبك، وَهَذِه الْجُمْلَة فِي مَحل النصب لِأَنَّهَا صفة لقَوْله: جَارِيَة. قَوْله: (إِن أبي) ، هُوَ عبد الله بن عَمْرو بن حرَام الْأنْصَارِيّ. قَوْله: (تسع بَنَات) ، وَفِي رِوَايَة الشّعبِيّ: (سِتّ بَنَات) ، فَكَانَ ثَلَاث بَنَات مِنْهُنَّ متزوجات أَو بِالْعَكْسِ، وَفِي: بَاب اسْتِئْذَان الرجل الإِمَام: (ولي أَخَوَات صغَار) ، فَلم يعيّن عددهن، وَفِي (السِّيرَة) عِنْد الْخُرُوج إِلَى حَمْرَاء الْأسد: أَن أبي خلفني على أَخَوَات سبع، بِتَقْدِيم السِّين على الْبَاء، وَلَا إِشْكَال فِيهِ لِأَن ذكر الْقَلِيل لَا يُنَافِي ذكر الْكثير. قَوْله: (خرقاء) تَأْنِيث الأخرق وَهِي الحمقاء الجاهلة، والخرق، بِالضَّمِّ الْجَهْل والحمق، وَقد خرق يخرق خرقاً بِالْفَتْح، وَهُوَ الْمصدر، وبالضم الإسم، وَقيل: الخرقاء الْمَرْأَة الَّتِي لَا رفق بهَا وَلَا سياسة. قَوْله: (تمشطهن) ، بِضَم الشين الْمُعْجَمَة من: مشطتها الماشطة إِذا سرحت شعرهَا بالمشط، بِضَم الْمِيم وبالفتح، مصدر. قَوْله: (أصبت) ، يدل على أَن الثّيّب فِي هَذِه الْحَالة أولى من الْبكر الصَّغِيرَة، وَهَذَا هُوَ المُرَاد من قَول الْفُقَهَاء: الْبكر أولى إِذا لم يكن عذر فِيمَا يظْهر.

٩٤ - (حَدثنِي أَحْمد بن أبي سُرَيج أخبرنَا عبيد الله بن مُوسَى حَدثنَا شَيبَان عَن فراس عَن

<<  <  ج: ص:  >  >>