قَالَ الذَّهَبِيّ: بَدْرِي قتل مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَوْم الخَنْدَق، وَوَقع فِي رِوَايَة عُثْمَان بن سعيد: فَانْطَلق حرَام ورجلان مَعَه: رجل أعرج وَرجل من بني فلَان، وَبَين ابْن هِشَام أَن اسْم الرجل الَّذِي من بني فلَان: الْمُنْذر بن مُحَمَّد بن عقبَة بن أحيحة ابْن الجلاح الخزرجي. قَوْله: (كونا) ، أَي: قَالَ حرَام للرجل الْأَعْرَج وللرجل الَّذِي من بني فلَان، وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويروى: كونُوا، بِاعْتِبَار أَن أقل الْجمع اثْنَان. قَوْله: (كُنْتُم) ، أَي: ثبتمْ، و: كَانَ، تَامَّة فَلَا تحْتَاج إِلَى خبر. وَقَالَ بَعضهم: فَإِن آمنوني كُنْتُم، وَقع هَذَا بطرِيق الِاكْتِفَاء. قلت: إِن أَرَادَ اكْتِفَاء كَانَ عَن الْخَبَر فَلَا يجوز إلَاّ إِذا كَانَ: كَانَ، تَامَّة، وَوَقع فِي رِوَايَة عُثْمَان بن سعيد: فَإِن آمنوني كُنْتُم كَذَا، وَوَقع لأبي نعيم فِي (الْمُسْتَخْرج) : فَإِن آمنوني كُنْتُم قَرِيبا مني. قلت: كَانَ، نَاقِصَة على هَاتين الرِّوَايَتَيْنِ على مَا لَا يخفى. قَوْله: (فَقَالَ: أتومنوني؟) أَي: فَقَالَ حرَام: أتعطوني الأمَان؟ والهمزة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستعلام، ويروى: أتومنونني؟ على الأَصْل. قَوْله: (أبلغ) بِالْجَزْمِ لِأَنَّهُ جَوَاب الِاسْتِفْهَام. قَوْله: (فَجعل يُحَدِّثهُمْ) أَي: جعل حرَام يحدث الْمُشْركين الَّذين أَتَى إِلَيْهِم، و: جعل من أَفعَال المقاربة وَهُوَ من الْقسم الثَّالِث مِنْهَا وَهُوَ مَا وضع لدنو الْخَبَر على وَجه الشُّرُوع فِيهِ وَالْأَخْذ فِي فعله. قَوْله: (وأومؤا) أَي: أشاروا. قَوْله: (قَالَ همام) ، هُوَ الْمَذْكُور فِي السَّنَد. قَوْله: (أَحْسبهُ) ، أَي: أَظن الطعْن أنفذه من جَانب إِلَى جَانب. قَوْله: (بِالرُّمْحِ) ، يتَعَلَّق بقوله: فطعنه، قَوْله: (قَالَ: الله أكبر فزت وَرب الْكَعْبَة) الْقَائِل بِهَذَا هُوَ حرَام، وَقد صرح بِهِ فِي الحَدِيث الَّذِي يَلِيهِ على مَا يَأْتِي وَمعنى. قَوْله: (فزت) يَعْنِي بِالشَّهَادَةِ. قَوْله: (فلحق الرجل) ، فِي ضَبطه مَعَ مَعْنَاهُ ثَلَاثَة أوجه: الأول: أَن يكون: لحق، على صِيغَة الْمَعْلُوم وَالرجل فَاعله، وَالْمرَاد بِهِ الرجل الَّذِي كَانَ رَفِيق حرَام، وَيكون فِيهِ حذف تَقْدِيره: فلحق الرجل بِالْمُسْلِمين. الثَّانِي: أَن يكون: لحق، على صِيغَة الْمَجْهُول، وَالتَّقْدِير: لحق الرجل الَّذِي هُوَ رَفِيق حرَام، يَعْنِي: صَار ملحوقاً فَلم يقدر أَن يبلغ الْمُسلمين قبل بُلُوغ الْمُشْركين إِلَيْهِم. الثَّالِث: أَن يكون لفظ: الرجل، بِسُكُون الْجِيم وَفتح اللَاّم وَيكون جمع: الراجل، وَيكون الْمَعْنى: فلحق الرِّجَال الْمُشْركُونَ بِالْمُسْلِمين فقاتلوهم وَقتل الْمُسلمُونَ كلهم، أَي: قتل السبعون الَّذين أرسلهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، غير الْأَعْرَج، فَإِنَّهُ كَانَ فِي رَأس جبل، وَفِي رِوَايَة حَفْص بن عمر عَن همام، تقدم فِي الْجِهَاد: فَقَتَلُوهُمْ إلَاّ رجلا أعرج صعد الْجَبَل، قَالَ همام: وَآخر مَعَه. قَوْله: (فَأنْزل الله علينا) ، الْمنزل هُوَ قَوْله: (إِنَّا قد لَقينَا رَبنَا فَرضِي عَنَّا وأرضانا) وَقَوله: (ثمَّ كَانَ من الْمَنْسُوخ) جملَة مُعْتَرضَة أَي: مِمَّا نسخت تِلَاوَته. وَقَالَ ابْن التِّين: إِمَّا أَن يكون كَانَ يُتْلَى ثمَّ نسخ رسمه، أَو كَانَ النَّاس يكثرون ذكره وَهُوَ من الْوَحْي ثمَّ تقادم حَتَّى صَار لَا يذكر إلَاّ خَبرا. قَوْله: (ثَلَاثِينَ صباحاً) يَعْنِي: فِي صَلَاة الْفجْر، وَفِي (شرف الْمُصْطَفى) : لما أُصِيب أهل بِئْر مَعُونَة جَاءَت الْحمى إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إذهبي إِلَى رعل وذكوان وَعصيَّة عَصَتْ الله وَرَسُوله، فَاتَتْهُمْ فقتلت مِنْهُم سَبْعمِائة رجل لكل رجل من الْمُسلمين عشرَة.
٤٠٩٢ - حدَّثني حِبَّانُ أخْبرَنَا عَبْدُ الله أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ حدَّثنِي ثُمَامَةُ بنُ عَبْدِ الله بنِ أنَسٍ أنَّهُ سَمِعَ أنَسَ بنَ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقُولُ لَمَّا طُعِنَ حَرَامُ بنُ مِلْحَانَ وكانَ خالَهُ يَوْمَ بِئْرِ معُونَةَ قَالَ بالدَّمِ هاكَذَا فنَضَحَهُ علَى وجْهِهِ ورَأسِهِ ثُمَّ قَالَ فُزْتُ ورَبِّ الكَعْبَةِ. .
هَذَا من تَعْلِيق الحَدِيث السَّابِق أخرجه عَن حبَان، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن مُوسَى الْمروزِي عَن عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي عَن معمر بن رَاشد عَن ثُمَامَة، بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَتَخْفِيف الْمِيم: ابْن عبد الله قَاضِي الْبَصْرَة، يروي عَن جده أنس بن مَالك. وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا فِي المناقب عَن مُحَمَّد بن حَاتِم بن نعيم عَن حبَان بن مُوسَى بِهِ.
قَوْله: (كَانَ خَاله) أَي: وَكَانَ حرَام بن ملْحَان خَال أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: (يَوْم) ظرف لقَوْله: طعن. قَوْله: (قَالَ بِالدَّمِ) ، هَكَذَا هَذَا من إِطْلَاق القَوْل على الْفِعْل فَمَعْنَاه: أَخذ الدَّم من مَوضِع الطعْن فنضحه أَي: رشه على وَجهه وَرَأسه.
٤٠٩٣ - حدَّثنا عُبَيْدُ الله بنُ إسْمَاعِيلَ حدَّثنَا أبُو أُسَامَةَ عنْ هِشَامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute