وَالْبَاقُونَ بِالْألف فِي الْوَقْف دون الْوَصْل لِأَن الْعَرَب تفعل ذَلِك فِي قوافي أشعارهم ومصاريعها فتلحق الْألف فِي مَوضِع الْفَتْح عِنْد الْوَقْف وَلَا تفعل ذَلِك فِي حَشْو الأبيات فَحسن إِثْبَات الْألف فِي هَذَا الْحَرْف لِأَنَّهَا رَأس الْآيَة تمثيلا لَهَا بالبواقي وَكَذَلِكَ الرسولا والسبيلا قَوْله " قَالَت ذَاك " أَي قَالَت عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا ذَاك إِشَارَة إِلَى مَا ذكر من مَجِيء الْكفَّار من فَوق وَمن أَسْفَل وزيغ الْأَبْصَار وبلوغ الْقُلُوب الْحَنَاجِر ويروى ذَلِك بِزِيَادَة اللَّام -
٤١٠٤ - حدَّثنا مُسْلمُ بنُ إبْرَاهِيمَ حدَّثنا شُعْبَةُ عَنْ أبِي إسْحَاقَ عنِ البَرَاءِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ كانَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَنْقُلُ التُّرَابَ يَوْمَ الخَنْدَقِ حَتَّى غَمَّرَ بَطْنَهُ أوِ اغْبَرَّ بَطْنُهُ يَقُولُ:
(وَالله لَوْلَا الله مَا اهْتَدَيْنَا ... ولَا تصَدَّقْنَا ولَا صَلَّيْنَا)
(فأنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وثَبِّتِ الأقْدَامَ إنْ لَاقَيْنَا)
(إنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا علَيْنَا ... إذَا أرَادُوا فِتْنَةً أبَيْنَا)
ورَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ أبَيْنَا أبَيْنَا. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي الْكُوفِي، والبراء بن عَازِب.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي: بَاب حفر الخَنْدَق فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الْوَلِيد عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق مُخْتَصرا وَعَن حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة إِلَى آخِره، وَلَفظه: (ينْقل التُّرَاب وَقد وارى التُّرَاب بَيَاض بَطْنه وَهُوَ يَقُول:
لَوْلَا أَنْت مَا اهتدينا
إِلَى قَوْله: فتْنَة أَبينَا فَقَط، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. قَوْله: (حَتَّى غمر بَطْنه أَو أغبر بَطْنه) ، كَذَا وَقع بِالشَّكِّ، أما لفظ: غمر، فبالغين الْمُعْجَمَة وَفتح الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء، قَالَ الْخطابِيّ: إِن كَانَت هَذِه اللَّفْظَة مَحْفُوظَة فَالْمَعْنى: وارى التُّرَاب جلد بَطْنه، وَمِنْه اغمر النَّاس وَهُوَ جمعهم إِذا تكاثف وَدخل بَعضهم فِي بعض، قَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بعض الرِّوَايَات: غمر، من الإغمار، وَأما: أغبر، فَكَذَلِك بالغين الْمُعْجَمَة وَلكنه بِالْبَاء الْمُوَحدَة: من الْغُبَار، وَقَالَ الْخطابِيّ: وَرُوِيَ: حَتَّى اعفر، بِعَين مُهْملَة وَفَاء من العفر بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ التُّرَاب، وَقَالَ عِيَاض: وَقع للْأَكْثَر بِمُهْملَة وَفَاء ومعجمة وموحدة، فَمنهمْ من ضَبطه بِنصب بَطْنه، وَمِنْهُم من ضَبطه بِرَفْعِهِ، وَعند النَّسَفِيّ: حَتَّى غبر بَطْنه أَو أغبر، بِمُعْجَمَة فيهمَا وموحدة، وَلأبي ذَر وَأبي زيد: حَتَّى أغمر، قَالَ: وَلَا وَجه لَهَا إلَاّ أَن يكون بمعني: ستر، كَمَا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: حَتَّى وارى التُّرَاب بَطْنه، قَالَ: وأوجه الرِّوَايَات: أغبر، بِمُعْجَمَة وموحدة، وَرفع: بَطْنه. قَوْله:
إِن الالى قد بغوا علينا
قد وَقع فِي أَكثر الرِّوَايَات:
أَن الأولى بغوا علينا
بِدُونِ لَفْظَة: قد، وَهُوَ غير مَوْزُون، فَلذَلِك قدر فِيهِ لَفْظَة: قد. وَقَالَ ابْن التِّين: إِن الْمَحْذُوف لفظ: قدوهم وَالْأَصْل:
إِن الأولى هم قد بغوا علينا، وَذكر فِي بعض الرِّوَايَات فِي مُسلم: أَبَوا، بدل: بغوا، وَمَعْنَاهُ صَحِيح أَي: أَبَوا أَن يدخلُوا فِي ديننَا. قَوْله: (أَبينَا أَبينَا) من الإباء، كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر وَأبي الْوَقْت وكريمة: أَتَيْنَا، بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق بدل الْمُوَحدَة، وَقَالَ عِيَاض: كِلَاهُمَا صَحِيح، فَمَعْنَى الأول: أَبينَا الْفِرَار عِنْد فزع أَو حَادث، وَمعنى الثَّانِي: أَتَيْنَا وَقدمنَا على عدونا.
٤١٠٥ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ عنْ شُعْبَةَ قَالَ حدَّثني الحَكَم عنْ مُجَاهِدٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نُصِرْتُ بالصَّبَا وأُهْلِكَتْ عادٌ بالدُّبُّورِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الله تَعَالَى نصر نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة الخَنْدَق بالصبا حَيْثُ ضرب وُجُوههم بِالرِّيحِ فَهَزَمَهُمْ، قَالَ الله تَعَالَى: {فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنوداً لم تَرَوْهَا} (الْأَحْزَاب: ٩) . وَقَالَ مُجَاهِد: سلط الله عَلَيْهِم الرّيح فكفأت قدورهم ونزعت خيامهم حَتَّى أظعنتهم، وَالصبَا مَقْصُورا: الرّيح الشرقية، وَالدبور، بِفَتْح الدَّال: الغربية، وَقيل: الصِّبَا الَّتِي تَجِيء من ظهرك إِذا اسْتقْبلت الْقبْلَة، وَالدبور عكسها، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الصباريح مهبها للمستوى مَوضِع مطلع الشَّمْس إِذا اسْتَوَى اللَّيْل وَالنَّهَار