وَفِي رِوَايَة يُوسُف: (مر صَاحبك فليرتحل) . قَوْله: (فتبعته ابْنة حَمْزَة) هَكَذَا رَوَاهُ الْبَارِي مَعْطُوفًا على إِسْنَاد الْقِصَّة الَّتِي قبله، وَكَذَا أخرجه النَّسَائِيّ عَن أَحْمد بن سُلَيْمَان عَن عبيد الله بن مُوسَى، وَكَذَا أخرجه الْحَاكِم فِي (الإكليل) وَادّعى الْبَيْهَقِيّ أَن فِيهِ إدراجاً لِأَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة رَوَاهُ عَن أبي إِسْحَاق مفصلا فَأخْرج مُسلم والإسماعيلي الْقِصَّة الأولى من طَرِيقه عَن أبي إِسْحَاق حَدِيث الْبَراء فَقَط، وَأخرج الْبَيْهَقِيّ قصَّة بنت حَمْزَة من طَرِيقه عَن ابي اسحاق من حَدِيث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ واخرج ابو دَاوُد من طَرِيق اسماعيل بن جَعْفَر عَن إِسْرَائِيل قصَّة بنت حَمْزَة خَاصَّة من حَدِيث عَليّ بِلَفْظ: لما خرجنَا من مَكَّة تبعتنا بنت حَمْزَة الحَدِيث قيل: لَا إدراج فِيهِ لِأَن الحَدِيث كَانَ عِنْد إِسْرَائِيل وَكَذَا عِنْد عبيد الله بن مُوسَى عَنهُ بالإسنادين جَمِيعًا، لكنه فِي الْقِصَّة الأولى من حَدِيث الْبَراء أتم، وبالقصة الثَّانِيَة من حَدِيث عَليّ أتم، وَاسم ابْنة حَمْزَة: عمَارَة، وفيل: فَاطِمَة، وَقيل: أُمَامَة، وَقيل: أمة الله، وَقيل: سلمى، وَالْأول أشهر. قَوْله: (تنادي يَا عَم) إِنَّمَا خاطبت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بذلك إجلالاً لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ ابْن عَمها. أَو بِالنِّسْبَةِ إِلَى كَون حَمْزَة أَخَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من الرضَاعَة. قَوْله: (دُونك) من أَسمَاء الْأَفْعَال مَعْنَاهُ: خذيها، وَهِي كلمة تسْتَعْمل فِي الإغراء بالشَّيْء. قَوْله: (جُمْلَتهَا) بِصِيغَة الْفِعْل الْمَاضِي بتَخْفِيف الْمِيم. قيل: أَصله: فحملتها بِالْفَاءِ وَكَأَنَّهَا سَقَطت، وَكَذَا بِالْفَاءِ فِي رِوَايَة أبي دَاوُد. وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن السَّرخسِيّ والكشميني: حمليها بتَشْديد الْمِيم بِصُورَة الْأَمر من التحميل، وَقد مر فِي الصُّلْح فِي هَذَا الْموضع للكشميهني: إحمليها أكر من الإحمال، وروى الْحَاكِم من مُرْسل الْحسن، فَقَالَ عَليّ لفاطمة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَهِي فِي هودجها: إمسكيها عنْدك، وَعند ابْن سعد من مُرْسل مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن الباقر بِإِسْنَاد صَحِيح إِلَيْهِ: فَبَيْنَمَا بنت حَمْزَة تَطوف فِي الرّحال إِذْ أَخذ عَليّ بِيَدِهَا فألقاها إِلَى فَاطِمَة فِي هودجها. قَوْله: (فاختصم فِيهَا) أَي: فِي بنت حَمْزَة عَليّ بن أبي طَالب، وَزيد بن حَارِثَة، وجعفر أَخُو عَليّ، أَرَادَ أَن كلَاّ مِنْهُم أَرَادَ أَن تكون ابْنة حَمْزَة عِنْده، وَكَانَت الْخُصُومَة فِيهَا بعد قدومهم الْمَدِينَة، وَثَبت ذَلِك فِي حَدِيث عَليّ عِنْد أَحْمد وَالْحَاكِم. فَإِن قلت: زيد بن حَارِثَة لَيْسَ أَخا لِحَمْزَة لَا نسبا وَلَا رضَاعًا، فَكيف اخْتصم؟ قلت: قَالَ الْكرْمَانِي: آخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَينه وَبَين حَمْزَة. انْتهى. قلت: ذكر الْحَاكِم فِي (الإكليل) وَأَبُو سعيد فِي (شرف الْمُصْطَفى) من حَدِيث ابْن عَبَّاس بِسَنَد صَحِيح أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ آخى بَين حَمْزَة وَزيد بن حَارِثَة، وَأَن عمَارَة بنت حَمْزَة كَانَت مَعَ أمهَا بِمَكَّة. قلت اسْم أمهَا سلمى بنت عُمَيْس وَهِي مَعْدُودَة فِي الصَّحَابَة. فَإِن قلت: كَيفَ تركت عِنْد أمهَا فِي دَار الْحَرْب؟ قلت: أما أَن أمهَا لم تكن أسلمت إلَاّ بعد هَذِه الْقَضِيَّة، وَأما أَنَّهَا قد مَاتَت، وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَن عليا قَالَ لَهُ: كَيفَ تتْرك إبنة عمك مُقِيمَة بَين ظهراني الْمُشْركين؟ فَإِن قلت: كَيفَ أخذوها وَفِيه مُخَالفَة لكتاب الْعَهْد؟ قلت: قد تقدم فِي كتاب الشُّرُوط: أَن النِّسَاء الْمُؤْمِنَات لم يدخلن فِي الْعَهْد، وَلَئِن سلمنَا كَون الشَّرْط عَاما وَلَكِن لَا نسلم أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أخرجهَا وَوَقع فِي (مغازي سُلَيْمَان التَّيْمِيّ) أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لما رَجَعَ إِلَى أَهله وجد بنت حَمْزَة، فَقَالَ لَهَا: مَا أخرجك؟ قَالَت: رجل من أهلك، وَلم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَمر بإخراجها. وَفِي حَدِيث عَليّ عِنْد أبي دَاوُد: أَن زيد بن حَارِثَة أخرجهَا من مَكَّة. قَوْله: (وخالتها تحتي) أَي: زَوْجَتي، وَاسْمهَا: أَسمَاء بنت عُمَيْس. قَوْله: (وَالْخَالَة بِمَنْزِلَة الْأُم) أَي فِي الحنو والشفقة وَإِقَامَة حث الصَّغِير، وَقَالَ بَعضهم: لَا حجَّة فِيهِ لمن زعم أَن الْخَالَة تَرث لِأَن الْأُم تَرث. قلت: هِيَ من ذَوي الْأَرْحَام، قَالَ الله تَعَالَى: {وألو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} (الْأَنْفَال: ٧٥) وعَلى هَذَا كَانَت الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، حَتَّى روى أَن عمر، رَضِي الله عَنهُ، قضى فِي عَم لأم وَخَالَة، أعْطى الْعم الثُّلثَيْنِ وَالْخَالَة الثُّلُث، والْحَدِيث لَا يُنَافِي تَوْرِيث الْخَالَة، بل ظَاهره يدل عَلَيْهِ من حَيْثُ الْعُمُوم. قَوْله: (وَقَالَ لعَلي) أَي: وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لعَلي بن أبي طَالب: أَنْت مني وَأَنا مِنْك. أَي: فِي النّسَب والصهر والسابقة والمحبة وَغير ذَلِك، وَلم يرد مَحْض الْقَرَابَة، وإلَاّ فجعفر شَرِيكه فِيهَا. قَوْله: (وَقَالَ لجَعْفَر: أشبهت خلقي وَخلقِي) . بِفَتْح الْخَاء فِي الأول وَضمّهَا فِي الثَّانِي (أما الأول) : فَالْمُرَاد بِهِ الصُّورَة، فقد شَاركهُ فِيهَا جمَاعَة مِمَّن رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قيل: هم عشرَة أنفس غير فَاطِمَة، وَقيل: أَكثر من عشرَة مِنْهُم: إِبْرَاهِيم ولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعبد الله وَعون ولدا جَعْفَر، وَإِبْرَاهِيم بن الْحسن بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب، وَيحيى بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ، وَالقَاسِم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل بن أبي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute