للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الْوَاحِد أَيْضا، وَفِي التَّفْسِير عَن عمر بن حَفْص عَن أَبِيه، وَفِي الِاعْتِصَام فِي: بَاب مَا يكره من كَثْرَة السُّؤَال وتكليف مَا لَا يعنيه، عَن مُحَمَّد بن عبيد بن مَيْمُون عَن عِيسَى بن يُونُس وَفِي التَّوْحِيد عَن يحيى عَن وَكِيع وَأخرجه مُسلم فِي الرقَاق عَن عمر بن حَفْص عَن أَبِيه وَعَن أبي بكر والأشج عَن وَكِيع وَعَن إِسْحَاق وَابْن خشرم عَن عِيسَى كلهم عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ جَمِيعًا فِي التَّفْسِير عَن عَليّ بن خشرم بِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حسن صَحِيح.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: (فِي خرب) ، بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة: جمع خربة، وَيُقَال بِالْعَكْسِ: أَعنِي الْخَاء وَكسر الرَّاء، هَكَذَا ضبط بَعضهم أخذا عَن بعض الشَّارِحين. قلت: هَذَا مُخَالف لما قَالَه أهل اللُّغَة. فَقَالَ الْجَوْهَرِي: الخراب ضد الْعِمَارَة، وَقد خرب الْموضع بِالْكَسْرِ فَهُوَ خرب، وَفِي (الْعباب) : وَقد خرب الْموضع، بِالْكَسْرِ: فَهُوَ خرب، وَدَار خربة، وَالْجمع خرب مِثَال: كلمة وكلم، وخرَّب الدَّار وأخربها وخرَّبها، فَعلم من هَذَا أَن الخرب، بِفَتْح الْخَاء وَكسر الرَّاء تَارَة تكون مُفْردَة، كَمَا يُقَال: مَكَان خرب، وَتارَة تكون جمعا كَمَا يُقَال: أَمَاكِن خرب، جمع خربة. وَأما خرب، بِكَسْر الْخَاء وَفتح الرَّاء: فَلَيْسَ بِجمع خربة. كَمَا زعم هَؤُلَاءِ الشارحون، وَإِنَّمَا جمع خربة: خرب ككلمة وكلم، كَمَا ذكره الصغاني. وَقَالَ القَاضِي: رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي غير هَذَا الْموضع: (حرث) ، بِالْحَاء الْمُهْملَة والثاء الْمُثَلَّثَة، وَكَذَا رَوَاهُ مُسلم فِي جَمِيع طرقه. وَقَالَ بَعضهم: هُوَ الصَّوَاب. قَوْله: (يتَوَكَّأ) أَي: يعْتَمد، ومادته: وَاو وكاف وهمزة، وَمِنْه يُقَال: رجل تكأة، مِثَال: تؤدة، كثير الاتكاء، وَأَصلهَا: وكأة أَيْضا. والمتكأة مَا يتكأ عَلَيْهِ، هِيَ المتكأ، قَالَ الله تَعَالَى: {وأعتدت لَهُنَّ متكأ} (يُوسُف: ٣١) . قَوْله: (على عسيب) ، بِفَتْح الْعين وَكسر السِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة. قَالَ الصغاني: العسيب من السعف فويق الكرب لم ينْبت عَلَيْهِ الخوص، وَمَا ينْبت عَلَيْهِ الخوص فَهُوَ السعف، وَالْجمع: عسب. وَقَالَ غَيره: العسيب جريد النّخل وَهُوَ عود قضبان النّخل، كَانُوا يكشطون خوصها ويتخذونها عصيا، وَكَانُوا يَكْتُبُونَ فِي طرفه العريض مِنْهُ، وَمِنْه قَوْله: فِي الحَدِيث: (فَجعلت أتتبعه فِي العسيب) يُرِيد الْقُرْآن. قَوْله: (بِنَفر) ، بِفَتْح الْفَاء: عدَّة رجال من ثَلَاثَة إِلَى عشرَة، والنفير مثله، وَكَذَلِكَ النَّفر والنفرة بالإسكان. قَوْله: (من الْيَهُود) هَذَا اللَّفْظ مَعَ اللَّام وَدون اللَّام معرفَة، وَالْمرَاد بِهِ: اليهوديون، وَلَكنهُمْ حذفوا يَاء النِّسْبَة كَمَا قَالُوا: زنجي وزنج، للْفرق بَين الْمُفْرد وَالْجَمَاعَة.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: (بَينا أَنا) قد مر غير مرّة أَن أصل: بَينا، بَين، فأشبعت الفتحة بِالْألف، وَالْعَامِل فِيهِ جَوَابه، وَهُوَ قَوْله: (فَمر بِنَفر من الْيَهُود) لَا يُقَال الْفَاء الجزائية تمنع عمل مَا بعْدهَا فِيمَا قبلهَا، فَلَا يعْمل: مر، فِي: بَينا، لأَنا نقُول: لَا نسلم أَن الْفَاء هُنَا جزائية إِذْ لَيْسَ فِي: بَين، معنى المجازاة الصَّرِيحَة، بل فِيهَا رَائِحَة مِنْهَا، وَلَئِن سلمنَا، وَلَكِن لَا نسلم مَا ذكرْتُمْ من الْمَنْع، لِأَن النُّحَاة قَالُوا فِي: أما زيدا فَأَنا ضَارب، أَن الْعَامِل فِي: زيدا، هُوَ: ضَارب، سلمنَا ذَلِك، فَنَقُول: الْعَامِل فِيهِ مر مُقَدرا، وَالْمَذْكُور يفسره. وَلنَا أَن نقُول بَين الْفَاء وَإِذا أخوة، حَيْثُ اسْتعْملت الْفَاء هَهُنَا مَوضِع إِذا. وَالْغَالِب أَن جَوَاب: بَينا، يكون: بإذا وَإِذ. وَإِن كَانَ الْأَصْمَعِي يستفصح تَركهمَا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: السُّؤَال مُشْتَرك الْإِلْزَام إِذْ هُوَ بِعَيْنِه وَارِد فِي إِذْ وَإِذا حَيْثُ يَقع شي مِنْهُمَا جَوَابا لبين. لِأَن إِذْ وَإِذا أنَّى كَانَ هُوَ مُضَاف إِلَى مَا بعده، والمضاف إِلَيْهِ لَا يعْمل فِي الْمُضَاف، فبالطريق الأولى لَا يعْمل فِي الْمُقدم على الْمُضَاف، فَمَا هُوَ جوابكم فِي إِذْ، فَهُوَ جَوَابنَا فِي الْفَاء. قَوْله: (مَعَ النَّبِي) حَال، أَي: مصاحبا مَعَه. قَوْله: (وَهُوَ يتَوَكَّأ) جملَة إسمية وَقعت حَالا. قَوْله: (مَعَه) صفة لعسيب قَوْله: (من الْيَهُود) بَيَان للنفر لعسيب. قَوْله: (سلوه) أَصله: اسألوه، أَي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (لَا تسلوه) أَصله: لَا تسألوه. قَوْله: (لَا يَجِيء فِيهِ) يجوز فِيهِ ثَلَاثَة أوجه. الأول: الْجَزْم على جَوَاب النَّهْي، أَي: لَا تسألوه لَا يجىء بمكروه. الثَّانِي: النصب على معنى: لَا تسألوه إِرَادَة أَن لَا يَجِيء فِيهِ، وَلَا زَائِدَة، وَهَذَا ماشٍ على مَذْهَب الْكُوفِيّين. وَقَالَ السُّهيْلي: النصب فِيهِ بعيد لِأَنَّهُ على معنى: أَن. الثَّالِث: الرّفْع على الْقطع، أَي: لَا يَجِيء فِيهِ بِشَيْء تكرهونه. قلت: المُرَاد أَنه رفع على الِاسْتِئْنَاف. قَوْله: (لنسألنه) جَوَاب لقسم مَحْذُوف. قَوْله: (يابا الْقَاسِم) أَصله يَا أَبَا الْقَاسِم، حذفت الْهمزَة من الْأَب تَخْفِيفًا. قَوْله: (فَسكت) ، أَي: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (فَقُمْت) عطف على: فَقلت. قَوْله: (قَالَ) جَوَاب قَوْله: (فَلَمَّا انجلى) .

بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: (فَقُمْت) : أَي: حَتَّى لَا أكون مشوشا عَلَيْهِ، أَو قُمْت حَائِلا بَينه وَبينهمْ. قَوْله: (فَلَمَّا انجلى) أَي: فحين انْكَشَفَ الكرب الَّذِي كَانَ يتغشاه حَال الْوَحْي، قَالَ: {ويسألونك عَن الرّوح} (الْإِسْرَاء: ٨٥) وسؤالهم عَن الرّوح بقَوْلهمْ: مَا الرّوح؟ مُشكل إِذْ لَا يعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>