بهَا يُقَال: لَا هَا الله مَا فعلت أَي: لَا وَالله، وَقَالَ ابْن مَالك: فِيهِ شَاهد على جَوَاز الِاسْتِغْنَاء عَن وَاو الْقسم بِحرف التَّنْبِيه. قَالَ: وَلَا يكون ذَلِك إلَاّ مَعَ الله، أَي: لم يسمع: لَا هَا الرَّحْمَن، كَمَا سمع لَا والرحمن وَحكى ابْن التِّين عَن الدَّاودِيّ أَنه روى رفع: الله، وَالْمعْنَى: يَأْبَى الله، وَقيل: إِن ثبتَتْ الرِّوَايَة بِالرَّفْع فَيكون هَا، للتّنْبِيه وَالله، مُبْتَدأ. وَقَوله: (لَا يعمد) خَبره، وَفِيه تَأمل. قَوْله: (إِذا) ، بِكَسْر الْهمزَة وبالذال الْمُعْجَمَة المنونة، وَقَالَ الْخطابِيّ: هَكَذَا نرويه، وَإِنَّمَا هُوَ فِي كَلَامهم أَي: العربَ لَا هَا الله، يَعْنِي بِدُونِ الْهمزَة فِي أَوله، وَالْهَاء فِيهِ بِمَنْزِلَة الْوَاو، وَالْمعْنَى: لَا وَالله لَا يكون ذَا وَقَالَ عِيَاض فِي (الْمَشَارِق) : عَن إِسْمَاعِيل القَاضِي أَن الْمَازِني قَالَ: قَول الروَاة: لَا هَا الله إِذا، خطأ، وَالصَّوَاب: لَا هَا الله ذَا يَمِيني وقسمي، وَقَالَ أَبُو زيد لَيْسَ فِي كَلَامهم: لَا هَا الله إِذا، وَإِنَّمَا هُوَ: لَا هَا الله ذَا، وَذَا صلَة فِي الْكَلَام، والمعني: لَا وَالله هَذَا مَا أقسم بِهِ وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: ثَبت فِي الرِّوَايَة: لَا هَا الله إِذا، فَحَمله بعض النَّحْوِيين على أَنه من تَعْبِير بعض الروَاة لِأَن الْعَرَب لَا تسْتَعْمل: لَا هَا الله، بِدُونِ ذَا، وَإِن سلم اسْتِعْمَاله بِدُونِ ذَا فَلَيْسَ هَذَا مَوضِع إِذا لِأَنَّهَا حرف جَزَاء، وَمُقْتَضى الْجَزَاء أَن لَا يذكر إِلَّا فِي قَوْله: (لَا يعمد) ، بل كَانَ يَقُول: إِذا يعمد إِلَى أَسد ليَصِح جَوَابا لطَالب السَّلب انْتهى وَقد أَطَالَ بَعضهم الْكَلَام فِي هَذَا جدا، مختلطاً بعضه بِبَعْض من غير تَرْتِيب، فالناظر فِيهِ إِن كَانَ لَهُ يَد يشمئز خاطره من ذَلِك وإلَاّ فَلَا يفهم شَيْئا أصلا، وَالَّذِي يُقَال بِمَا يجدي النَّاظر أَنه إِن كَانَ إِذا، على مَا هُوَ الْمَوْجُود فِي الْأُصُول يكون مَعْنَاهُ حينئذٍ وَإِن كَانَ ذَا بِدُونِ الْهمزَة، فوجهه مَا تقدم فَلَا يحْتَاج إِلَى الإطالة الْغَيْر الطائلة قَوْله: (لَا يعمد) ، أَي: لَا يقْصد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى رجل كَأَنَّهُ أَسد فِي الشجَاعَة يُقَاتل عَن دين الله وَرَسُوله، فَيَأْخُذ حَظه ويعطيكه بِغَيْر طيبَة من نَفسه، وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويعمد، بالغيبة والتكلم وَوَقع فِي (مُسْند أَحْمد) أَن الَّذِي خَاطب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بذلك عمر، وَلَفظه فِيهِ: فَقَالَ عمر: وَالله لَا يفيئها الله على أَسد ويعطيكها، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صدق عمر. قلت: صَاحب الْقِصَّة أَبُو قَتَادَة فَهُوَ اتقن لما وَقع فِيهَا من غَيره، وَقيل: يحْتَمل الْجمع بِأَن يكون عمر أَيْضا قَالَ ذَلِك تَقْوِيَة لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ. قَوْله: (فابتعت بِهِ) ، أَي: اشْتريت بذلك السَّلب وَقَالَ الْوَاقِدِيّ بَاعه الحاطب بن أبي بلتعة بِسبع أَوَاقٍ. قَوْله: (مخرفاً) ، بِفَتْح الْمِيم وَالرَّاء بَينهمَا خاء مُعْجمَة، قيل: يجوز فِيهِ كسر الْخَاء وَهُوَ الْبُسْتَان، وَسمي بذلك لِأَنَّهُ يخْتَرف مِنْهُ التَّمْر أَي: يجني، وَذكر الْوَاقِدِيّ أَن هَذَا الْبُسْتَان كَانَ يُقَال لَهُ: الودنيين، والمخرف، بِكَسْر الْمِيم إسم الْآلَة الَّتِي يجتني بهَا. قَوْله: (فِي بني سَلمَة) بِكَسْر اللَّام: بطن من الْأَنْصَار وهم ثوم أبي قَتَادَة. قَوْله: (تأثلته) ، بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الْهمزَة وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَضم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق أَي: اتخذته أصل المَال واقتنيته، وأثلة كل شَيْء: أَصله.
٤٣٢٢ - وَقَالَ اللَّيْثُ حدَّثني يحْيَى بنُ سَعِيدٍ عنْ عُمَرَ بن كَثِيرِ بن أفْلَحَ عنْ أبي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أبي قتَادَةَ أنَّ أَبَا قتادَةَ قَالَ لمَّا كانَ يَوْمَ حُنَيْنٍ نَظَرْتُ إِلَى رجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ يُقاتِلُ رَجُلاً مِنَ المُشْرِكِينَ وآخَرُ مِنَ المُشْرِكِينَ يَخْتِلُهُ مِنْ ورَائِهِ مِنْ ورَائِهِ لِيَقْتُلَهُ فأسْرَعْتُ إِلَى الَّذِي يَخْتِلُهُ فرَفَعَ يَدهُ لِيَضْرِبَنِي وأضْرِبُ يدَهُ فقَطَعْتُها ثُمَّ أخَذَنِي فَضَمَّني ضَمًّا شَدِيداً حَتَّى تَخَوَّفْتُ ثُمَّ تَرَكَ فَتَحَلَّلَ ودَفَعْتُهُ ثُمَّ قتَلْتُهُ وانْهَزَمَ المُسْلِمُونَ وانهَزَمْتُ معَهُمْ فإِذَا بِعُمَرَ بن الخَطَّابِ فِي النَّاسِ فقُلْتُ لَهُ مَا شأنُ النَّاسِ قَالَ أمْرُ الله ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقال رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منْ أقامَ بيِّنَةً عَلَى قَتِيلٍ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقُمْتُ لألْتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلي فَلَمْ أرَ أَحَداً يَشْهَدُ لي فَجَلَسْتُ ثُمَّ بَدَا لِي فَذَكَرْتُ أمْرَهُ لِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقال رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ سِلَاحُ هَذَا القَتِيلِ الَّذِي يَذْكُرُ عِنْدِي فأرْضِهِ منهُ فَقال أبُو بَكْرٍ كَلَاّ لَا يُعْطِهِ أُصَيْبِغَ منْ قُرَيْشٍ وَيَدَعَ أسَداً مِنْ أُسْدِ الله يُقاتِلَ عنِ الله ورسولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَقامَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأدَّاهُ إليَّ فاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرَافاً فَكانَ أوَّلَ مالٍ تَاثَّلْتُهُ فِي الإِسْلَامِ. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute