للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالتَّعَدِّي فَإِذا غنمها الْمُسلمُونَ فَكَأَنَّهَا رجعت إِلَيْهِم. قَوْله: (قسم) ، مَفْعُوله مَحْذُوف أَي: قسم الْغَنَائِم فِي النَّاس. قَوْله: (فِي الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم) بدل: الْبَعْض من الْكل، وَالْمرَاد بالمؤلفة قُلُوبهم هُنَا نَاس حديثو الْعَهْد بِالْإِسْلَامِ أَعْطَاهُم تأليفاً لقُلُوبِهِمْ، وسرد أَصْحَاب السّير أَسْمَاءَهُم مَا ينيف على الْأَرْبَعين، مِنْهُم: أَبُو سُفْيَان وابناه مُعَاوِيَة وَيزِيد. قَوْله: (وجدوا) أَي: حزنوا، يُقَال: وجد فِي الْحزن وجدا، بِفَتْح الْوَاو، وَوجد فِي المَال وُجداً بِالضَّمِّ ووَجداً بِالْفَتْح ووِجداً بِالْكَسْرِ وَجدّة أَي: اسْتغنى، ووجده مَطْلُوبه يجده وجودا، وَوجد ضالته وجداناً، وَوجد عَلَيْهِ فِي الْغَضَب موجدة ووجداناً أَيْضا، حَكَاهَا بَعضهم، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر، فكأنهم وجدٌ بِضَمَّتَيْنِ جمع: الْوَاجِد، ويروى بِضَم الْوَاو وَسُكُون الْجِيم، وَحَاصِل رِوَايَة أبي ذَر: فكأنهم وجد إِذْ لم يصبهم مَا أصَاب النَّاس، أَو كَأَنَّهُمْ وجدوا إِذْ لم يصبهم مَا أصَاب النَّاس، أوردهُ على الشَّك والتكرار، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَا فَائِدَة التّكْرَار؟ قلت: إِذا كَانَ الأول إسماً وَالثَّانِي فعلا فَهُوَ ظَاهر، أَو أَحدهمَا من الْحزن وَالثَّانِي من الْغَضَب، أَو هُوَ شكّ من الرَّاوِي، وَوَقع للكشميهني وَحده: وجدوا فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَكَذَا وَقع فِي أصل النَّسَفِيّ، وَفِي رِوَايَة مُسلم، وَقَالَ عِيَاض: وَقع فِي نُسْخَة من الثَّانِي إِن لم يصبهم، يَعْنِي بِفَتْح الْهمزَة وبالنون قَالَ: وعَلى هَذَا تظهر فَائِدَة التّكْرَار. قَوْله: (فخطبهم) زَاد مُسلم: فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ قَوْله: (ضلالا) بِضَم الضَّاد وَتَشْديد اللَّام جمع ضال. وَالْمرَاد هُنَا: ضَلَالَة الشّرك وبالهداية الْإِيمَان. قَوْله: (وَعَالَة) جمع العائل وَهُوَ الْفَقِير. قَوْله: (كلما قَالَ شَيْئا أَي:) كلما قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من ذَلِك شَيْئا، قَالُوا: (أَي الْأَنْصَار. قَوْله: (الله وَرَسُوله وَرَسُوله أَمن) بِفَتْح الْهمزَة وَالْمِيم وَتَشْديد النُّون، وَهُوَ أفعل التَّفْضِيل من: الْمَنّ، ويوضحه حَدِيث أبي سعيد. فَقَالُوا: مَاذَا نجيبك يَا رَسُول الله؟ لله وَلِرَسُولِهِ الْمَنّ وَالْفضل. قَوْله: (قَالَ: كلما قَالَ شَيْئا) فِي الْمرة الثَّانِيَة تكْرَار من الرَّاوِي للْأولِ. قَوْله: (قَالَ: لَو شِئْتُم) أَي: قَالَ رَسُول الله: لَو شِئْتُم (قُلْتُمْ جئتنا) ، بِفَتْح التَّاء للخطاب، قَوْله: (كَذَا وَكَذَا) ، كِنَايَة عَمَّا يُقَال: جئتنا مُكَذبا فَصَدَّقْنَاك، ومخذولاً فَنَصَرْنَاك، وطريداً فَآوَيْنَاك، وعائلاً فوا سيناك، وَصرح بذلك فِي حَدِيث أبي سعيد، وروى أَحْمد من حَدِيث ابْن أبي عدي عَن حميد عَن أنس بِلَفْظ: أَفلا تَقولُونَ: جئتنا خَائفًا فآمناك، وطريداً فَآوَيْنَاك، ومخذولاً فَنَصَرْنَاك؟ قَالُوا: بل الْمَنّ علينا لله وَلِرَسُولِهِ، انْتهى وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تواضعاً مِنْهُ وإنصافاً، وإلَاّ فَفِي الْحَقِيقَة الْحجَّة الْبَالِغَة والْمنَّة الظَّاهِرَة فِي جَمِيع ذَلِك لَهُ عَلَيْهِم، فَإِنَّهُ لَوْلَا هجرته إِلَيْهِم وسكناه عِنْدهم لما كَانَ بنيهم وَبَين غَيرهم فرق، نبه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك بقوله: (أَتَرْضَوْنَ) الخ ويروى: أَلا ترْضونَ؟ فَفِيهِ تَنْبِيه لَهُم على مَا غفلوا عَنهُ من عَظِيم مَا اختصوا بِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا اخْتصَّ بِهِ غَيرهم من عرض الدُّنْيَا الفانية. قَوْله: (بِالشَّاة وَالْبَعِير) ، كل مِنْهُمَا إسم جنس، فالشاة تقع على الذّكر وَالْأُنْثَى وَالْبَعِير على الْجمل والناقة، وَفِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ: أَتَرْضَوْنَ أَن يذهب النَّاس بالأموال؟ وَفِي رِوَايَة أبي التياح: بالدنيا؟ قَوْله: (إِلَى رحالكُمْ) أَي: إِلَى بُيُوتكُمْ ومنازلكم، وَهُوَ جمع رَحل بِالْحَاء الْمُهْملَة. قَوْله: (لَوْلَا الْهِجْرَة) أَي: لَوْلَا وجود الْهِجْرَة. قَالَ الْخطابِيّ: أَرَادَ بِهَذَا الْكَلَام تألف الْأَنْصَار وتطيب قُلُوبهم وَالثنَاء عَلَيْهِم فِي دينهم حَتَّى رَضِي أَن يكون وَاحِدًا مِنْهُم لَوْلَا مَا يمنعهُ من الْهِجْرَة لَا يجوز تبديلها، وَنسبَة الْإِنْسَان على وُجُوه الولادية: كالقرشية، والبلادية كالكوفية، والإعتقادية: كالسنية، والصناعية: كالصيرفية، وَلَا شكّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يرد بِهِ الِانْتِقَال عَن نسب آبَائِهِ إِذْ ذَاك مُمْتَنع قطعا، وَكَيف وَأَنه أفضل مِنْهُم نسبا وَأكْرمهمْ أصلا؟ وَأما الاعتقادي فَلَا مَوضِع فِيهِ للانتقال إِذا كَانَ دينه وَدينهمْ وَاحِدًا فَلم يبْق إلَاّ القسمان الأخيران الْجَنَائِز فيهمَا الِانْتِقَال، وَكَانَت الْمَدِينَة دَارا للْأَنْصَار وَالْهجْرَة إِلَيْهَا أمرا وَاجِبا، أَي: لَوْلَا أَن النِّسْبَة الهجرية لَا يسعني تَركهَا لانتقلت عَن هَذَا الإسم إِلَيْكُم ولانتسبت إِلَى داركم. قَالَ الْخطابِيّ: وَفِيه وَجه آخر، وَهُوَ أَن الْعَرَب كَانَت تعظم شَأْن الخؤولة وتكاد تلحقها بالعمومة وَكَانَت أم عبد الْمطلب امْرَأَة من بني النجار، فقد يكون صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ذهب هَذَا الْمَذْهَب إِن كَانَ أَرَادَ نِسْبَة الْولادَة. قَوْله: (وَلَو سلك النَّاس وَاديا أَو شعبًا) . بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَهُوَ إسم لما انفرج بَين جبلين، وَقيل: الطَّرِيق فِي الْجَبَل، وَقَالَ الْخطابِيّ: لما كَانَت الْعَادة أَن الْمَرْء يكون فِي نُزُوله وارتحاله مَعَ قومه، وَأَرْض الْحجاز كَثِيرَة الأودية والشعاب، فَإِذا تَفَرَّقت فِي السّفر الطّرق سلك كل قوم مِنْهُم وَاديا وشعباً، فَأَرَادَ أَنه مَعَ الْأَنْصَار. قَالَ: وَيحْتَمل أَن يُرِيد بالوادي الْمَذْهَب، كَمَا يُقَال: فلَان فِي وادٍ وَأَنا فِي وادٍ. قَوْله: (شعار) بِكَسْر الشَّيْخ الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة الْخَفِيفَة، وَهُوَ الثَّوْب الَّذِي يَلِي الْجلد من الْجَسَد و (الدثار) ، وبكسر

<<  <  ج: ص:  >  >>