مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله:(بعث عَمْرو بن الْعَاصِ على جَيش ذَات السلَاسِل) وَسبب ذَلِك مَا ذكره ابْن سعد: أَن جمعا من قضاعة تجمعُوا وَأَرَادُوا أَن يدنوا من أَطْرَاف المدنية فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَمْرو بن الْعَاصِ فعقد لَهُ لِوَاء أَبيض وَبَعثه فِي ثَلَاثمِائَة من سراة الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار، ثمَّ أمده بِأبي عُبَيْدَة بن الْجراح فِي مِائَتَيْنِ وَأمره أَن يلْحق بِعَمْرو وَأَن لَا يختلفا، فَأَرَادَ أَبُو عُبَيْدَة أَن يؤمهم فَمَنعه عَمْرو، وَقَالَ: إِنَّمَا قدمت عَليّ مدَدا وَأَنا الْأَمِير، فأطاع لَهُ أَبُو عُبَيْدَة، فصلى بهم عَمْرو، وَسَار عَمْرو حَتَّى وطىء بِلَاد بلَى وعذرة. وذكرا نب حبَان هَذَا الحَدِيث وَفِيه، فَلَقوا الْعَدو فهزموهم فأرادوا أَن يتبعوهم فَمَنعهُمْ، يَعْنِي: عَمْرو بن الْعَاصِ أَمِير الْقَوْم.
وَأما حَدِيث الْبَاب فَأخْرجهُ عَن إِسْحَاق هُوَ ابْن شاهين عَن خَالِد بن عبد الله الطَّحَّان عَن خَالِد بن مهْرَان الْحذاء عَن أبي عُثْمَان عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ، وهذ مُرْسل، وَجزم بِهِ الْإِسْمَاعِيلِيّ.
قَوْله:(قَالَ: فَأَتَيْته) أَي: قَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ: فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي رِوَايَة مُعلى بن مَنْصُور فِي مُسلم:(قدمت من جَيش ذَات السلَاسِل فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) . قَوْله:(فَسكت) ، بتَشْديد تَاء الْمُتَكَلّم هُوَ عَمْرو بن الْعَاصِ، وَفِي هَذَا الحَدِيث جَوَاز تأمير الْمَفْضُول عِنْد وجود الْفَاضِل إِذا امتاز الْمَفْضُول بِصفة تتَعَلَّق بِتِلْكَ الْولَايَة فَإِنَّهُ كَانَ فِي هَذَا الْجَيْش أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فَلَا يَقْتَضِي تأمير عَمْرو فِي هَذَا أفضليته عَلَيْهِمَا وَلَكِن يَقْتَضِي لَهُ فضلا فِي الْجُمْلَة، وَفِي هَذِه الْغَزْوَة تيَمّم عَمْرو بن الْعَاصِ مَخَافَة الْبرد.