الله بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُها مِنْ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أيَّامَ الجَمَلِ بَعْدَما كِدْتُ أنْ ألْحَقَ بأصْحابِ الجَمَلِ فأُقاتلَ مَعَهُمْ قَالَ لمَّا بَلَغَ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّ أهْلَ فارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ لَنْ يَفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أمْرَهُمُ امْرَأةَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن تَوْلِيَة بنت كسْرَى لم تكن إِلَّا بعد كسْرَى الَّذِي كتب إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذَلِكَ أَن كسْرَى هَذَا لما قَتله ابْنه شيرويه لم يَعش بعده إلَاّ سِتَّة أشهر، فَلَمَّا مَاتَ لم يخلف أَخا لِأَنَّهُ كَانَ قتل إخْوَته حرصاً على الْملك، وَلم يخلف ذكرا وكرهوا خُرُوج الْملك عَن بنت كسْرَى فملكوا عَلَيْهِم بنت كسْرَى وَاسْمهَا: بوران، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره نون.
وَعُثْمَان بن الْهَيْثَم، بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة: ابْن الجهم أَبُو عَمْرو والمؤذن الْبَصْرِيّ، وعَوْف، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وبالفاء ابْن أبي جميلَة، يعرف بالأعرابي، وَالْحسن هُوَ الْبَصْرِيّ، وَأَبُو بكرَة نفيع بن الْحَارِث.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفِتَن. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْفِتَن عَن مُحَمَّد بن الْمثنى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْفَضَائِل عَن مُحَمَّد ابْن الْمثنى.
قَوْله: (أَيَّام الْجمل) ، يتَعَلَّق بقوله: (نَفَعَنِي) لِأَن الْمَعْنى لَا يَسْتَقِيم إلَاّ بَان يُقَال: نَفَعَنِي الله أَيَّام الْجمل بِكَلِمَة سَمعتهَا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل ذَلِك، وَالْمرَاد بالجمل: الْجمل الَّذِي تَحت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، حِين تَوَجَّهت إِلَى نَاحيَة الْبَصْرَة وَمَعَهَا طَلْحَة وَالزُّبَيْر لطلب دم عُثْمَان، وَأَصْحَاب الْجمل هم عَسْكَر عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، وَبِه سميت وقْعَة الْجمل، وقصتها مَشْهُورَة. قَوْله: (بنت كسْرَى) ، هِيَ بوران كَمَا ذَكرنَاهَا الْآن، وَذكر الطَّبَرِيّ: أَن أُخْتهَا أَو زيمدخت ملكت أَيْضا، قَالَ الْخطابِيّ: فِي الحَدِيث أَن الْمَرْأَة لَا تلِي الْإِمَارَة وَلَا الْقَضَاء.
٤٤٢٦ - ح دَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدّثنا سُفْيانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ عنِ السَّائِبِ بن يَزِيدَ يَقُولُ أذْكُرُ أنِّي خَرَجْتُ مَعَ الْغِلْمانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ نَتَلَقَّى رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ سُفيانُ مَرَّةً مَعَ الصِّبْيَانِ. (انْظُر الحَدِيث ٣٠٨٣ وطرفه) .
وَجه ذكر هَذَا الحَدِيث هُنَا من حَيْثُ أَن تلقيهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ عِنْد مقدمه من غَزْوَة تَبُوك، كَمَا صرح بِهِ فِي الحَدِيث الَّذِي يَلِيهِ، وَأَن كتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى الْمُلُوك كَانَ فِي غَزْوَة تَبُوك، فَمن هَذِه الْحَيْثِيَّة يكون مُتَعَلقا بِقصَّة كسْرَى.
وَعلي بن عبد الله المعروب بِابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، والسائب بن يزِيد بن سعيد بن ثُمَامَة بن الْأسود ابْن أُخْت النمر، فيل: إِنَّه كناني، وَقيل: ليثي، وَقيل هذلي، وَقيل: أزدي، ولد فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة، وَقَالَ السَّائِب: حج بِي أبي مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَنا ابْن سبع سِنِين، مَاتَ فِي سنة ثَمَانِينَ، وَقيل: فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ، وَقيل: سنة إِحْدَى وَتِسْعين، وَهُوَ ابْن أَربع وَتِسْعين.
والْحَدِيث قد مر فِي الْجِهَاد فِي: بَاب اسْتِقْبَال الْغُزَاة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مَالك بن إِسْمَاعِيل عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة. الحَدِيث.
قَوْله: (سَمِعت الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب) ، ويروى: سَمِعت الزُّهْرِيّ يَقُول: سَمِعت السَّائِب. قَوْله: (إِلَى ثنية الْوَدَاع) ، الثَّنية: طَرِيق الْعقبَة، وَكَانَ ثمَّة يودع أهل الْمَدِينَة الْمُسَافِرين. قَوْله: (وَقَالَ سُفْيَان) ، هُوَ ابْن عُيَيْنَة الرَّاوِي، وَهُوَ مَوْصُول وَلَكِن الرَّاوِي عَنهُ بيّن أَنه قَالَ تَارَة: مَعَ الغلمان، وَتارَة: مَعَ الصّبيان.