للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا يجْمَعُ الله عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ أمَّا المَوْتَةُ الَّتي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّها. قَالَ الزُّهْرِيُّ وحدَّثني أبُو سَلَمَةَ عنْ عَبْدِ الله بن عبَّاس أَن أَبَا بكْرٍ خَرَجَ وعُمَرُ بنُ الخَطابِ يُكلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ اجْلِسْ يَا عُمَرُ فَأبى عُمَرُ أنْ يَجْلِسَ فأقْبَلَ الناسُ إلَيْهِ وتَرَكُوا عُمَرَ فَقَالَ أبُو بَكْرٍ أمَّا بَعْدُ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّداً صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فإِنَّ مُحَمَّداً قدْ مَاتَ ومَنْ كانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ الله فَإِنَّ الله حَيٌّ لَا يَمُوتُ قَالَ الله تَعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إلَاّ رسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إِلَى قَوْلِهِ: {الشَّاكِرِينَ} (آل عمرَان: ١٤٤) وَقَالَ وَالله لَكأنَّ النَّاسَ لمْ يَعْلَمُوا أنَّ الله أنْزَلَ هاذِهِ الآيَةَ حَتَّى تَلَاها أبُو بَكْرٍ فَتَلَقَّاها مِنْهُ النَّاسُ كُلَّهُم فَما أسْمَعُ بَشَراً مِنَ الناسِ إلَاّ يَتْلُوها فأخْبَرَنِي سَهيدُ بنُ المُسَيَّبِ أنَّ عُمَرَ قَالَ وَالله مَا هُوَ إلَاّ أنْ سمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلاها فَعُقِرْتُ حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلَايَ وَحَتَّى أهوَيْتُ إِلَى الأرْضِ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلَاها أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدْ ماتَ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ. والْحَدِيث فِي كتاب الْجَنَائِز فِي: بَاب الدُّخُول على الْمَيِّت، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (بالسنح) ، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَبِضَمِّهَا أَيْضا وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة: وَهُوَ مَوضِع فِي عوالي الْمَدِينَة كَانَ للصديق مسكن ثمَّة، وَيُقَال: هُوَ من منَازِل بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج بعوالي الْمَدِينَة، وَقيل: كَانَ مسكن زَوجته. قَوْله: (فَتَيَمم) ، قصد. قَوْله: (وَهُوَ مغشى) ، أَي: مغطى (بِثَوْب حبرَة) ، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: وَهُوَ ثوب يماني، وَيُقَال: ثوب حبرَة، بِالْإِضَافَة وبالصفة. قَوْله: (موتتين) ، إِنَّمَا قَالَ ذَلِك أَبُو بكر حِين قَالَ عمر حِين مَاتَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله سيبعث نبيه فَيقطع أَيدي رجال قَالُوا إِنَّه مَاتَ ثمَّ يَمُوت آخر الزَّمَان، فَأَرَادَ أَبُو بكر رد كَلَامه، أَي: لَا يكون ذَلِك فِي الدُّنْيَا إلَاّ موتَة وَاحِدَة. وَقَالَ الدَّاودِيّ: أَي لَا يَمُوت فِي قَبره موتَة أُخْرَى، كَمَا قيل فِي الْكَافِر وَالْمُنَافِق بعد أَن ترد إِلَيْهِ روحه ثمَّ تقبض، وَقيل: لَا يجمع الله عَلَيْك كرب هَذَا الْمَوْت، قد عصمك من عَذَابه وَمن أهوال يَوْم الْقِيَامَة، وَقيل: أَرَادَ بالموتة الْأُخْرَى موت الشَّرِيعَة، أَي: لَا يجمع الله عَلَيْك موتك وَمَوْت شريعتك.

قَوْله: (قَالَ الزُّهْرِيّ وحَدثني أَبُو سَلمَة) ، وَفِي بعض النّسخ: قَالَ: وحَدثني، بِدُونِ ذكر الزُّهْرِيّ. قَوْله: (وَعمر يكلم النَّاس) ، أَي: يَقُول لَهُم: مَا مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعَن أَحْمد بِإِسْنَادِهِ عَن عَائِشَة، فَقَالَ عمر: لَا يَمُوت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَتَّى يَنْفِي الْمُنَافِقين. قَوْله: (فَأَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب) من كَلَام الزُّهْرِيّ أَي: قَالَ الزُّهْرِيّ: فَأَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب، وَقَالَ الْخطابِيّ: مَا أَدْرِي من يَقُول ذَلِك أَبُو سَلمَة وَالزهْرِيّ؟ قيل: صرح عبد الرَّزَّاق عَن معمر بِأَنَّهُ الزُّهْرِيّ. قَوْله: (فعقرت) ، بِضَم الْعين وَكسر الْقَاف، أَي: هَلَكت، ويروى بِفَتْح الْعين، أَي: دهشت وتحيرت، وَقيل: سَقَطت، وَرَوَاهُ يَعْقُوب بن السّكيت بِالْفَاءِ من العفر وَهُوَ التُّرَاب، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فقعرت، بِتَقْدِيم الْقَاف على الْعين، قيل: هُوَ خطأ وَالصَّوَاب الأول. قَوْله: (مَا تُقِلني) بِضَم أَوله وَكسر الْقَاف وَتَشْديد اللَّام: أَي مَا تحملنِي، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى إِذا أقلت سحاباً ثقالاً} (الْأَعْرَاف: ٥٧) . قَوْله: (أهويت) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: هويت، قَالَ بَعضهم: هويت، بِفَتْح أَوله وَكسر الْوَاو: أَي سَقَطت. قلت: لَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ بِفَتْح الْهَاء وَالْوَاو مَعًا لِأَنَّهُ من: هوى يهوي هوياً من بَاب ضرب يضْرب، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {والنجم إِذا هوى} (النَّجْم: ١) وَأما: هوي، بِكَسْر الْوَاو يهوي بِمَعْنى أحب، فَمن بَاب علم يعلم. قَوْله: (حِين سمعته تَلَاهَا، أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قد مَاتَ) هَكَذَا رِوَايَة الْأَكْثَرين ويروى: حِين سمعته تَلَاهَا علمت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد مَاتَ، قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: كَيفَ قَالَ: تَلَاهَا إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قد مَاتَ، وَلَيْسَ فِي الْقُرْآن ذَلِك؟ قلت: تَقْدِيره: تَلَاهَا رجل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد مَاتَ، ولتقرير ذَلِك. وَقَالَ بَعضهم: قَوْله: (أَن النَّبِي) بدل من: الْهَاء، فِي قَوْله: (تَلَاهَا) ، أَي: تَلا الْآيَة، مَعْنَاهَا: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>