للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بهَا الدُّعَاء على الْمُخَاطب وَلَا وُقُوع الْأَمر بهَا كَمَا يَقُولُونَ قَاتله الله وَقيل مَعْنَاهُ لله دَرك وَقيل أَرَادَ بهَا الْمثل ليرى الْمَأْمُور بذلك الْجد وَأَنه إِن خَالفه فقد أَسَاءَ وَقَالَ بَعضهم هُوَ دُعَاء على الْحَقِيقَة وَلَيْسَ بِصَحِيح وَكَثِيرًا مَا يرد للْعَرَب أَلْفَاظ ظَاهرهَا الذَّم وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بهَا الْمَدْح كَقَوْلِهِم لَا أَب لَك وَلَا أم لَك وهوت أمه وَلَا أَرض لَك وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْهَرَوِيّ وَمِنْه قَوْله فِي حَدِيث خُزَيْمَة أنعم صباحا تربت يداك فَأَرَادَ الدُّعَاء لَهُ وَلم يرد الدُّعَاء عَلَيْهِ وَالْعرب تَقول لَا أم لَك وَلَا أَب لَك يُرِيدُونَ لله دَرك وَقَالَ عِيَاض هَذَا خطاب على عَادَة الْعَرَب فِي اسْتِعْمَال هَذِه الْأَلْفَاظ عِنْد الْإِنْكَار للشَّيْء والتأنيس أَو الْإِعْجَاب أَو الاستعظام لَا يُرِيدُونَ مَعْنَاهَا الْأَصْلِيّ قلت ولذوي الْأَلْبَاب فِي هَذَا الْبَاب أَن ينْظرُوا إِلَى اللَّفْظ وقائله فَإِن كَانَ وليا فَهُوَ الْوَلَاء وَإِن خشن وَإِن كَانَ عدوا فَهُوَ الْبلَاء وَإِن حسن (بَيَان الْإِعْرَاب) قَوْله لَا يستحي جملَة فِي مَحل الرّفْع على أَنَّهَا خبر إِن قَوْله فَهَل للاستفهام وَكلمَة من فِي من غسل زَائِدَة أَي هَل غسل يجب على الْمَرْأَة قَوْله إِذا رَأَتْ المَاء كلمة إِذا ظرفية تَقْدِيره عَلَيْهَا غسل حِين رَأَتْ الْمَنِيّ إِذا انْتَبَهت وَيجوز أَن تكون شَرْطِيَّة تَقْدِيره إِذا رَأَتْ وَجب عَلَيْهَا غسل وَالْمَاء مَنْصُوب بقوله رَأَتْ من رُؤْيَة الْعين قَوْله فغطت فعل وَأم سَلمَة فَاعله ووجهها مَفْعُوله قَوْله وتحتلم الْمَرْأَة عطف على مُقَدّر يَقْتَضِيهِ السِّيَاق أَي أَتَقول ذَلِك أَو أَتَرَى الْمَرْأَة المَاء وتحتلم وَنَحْوه وروى أَو تحتلم الْمَرْأَة بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام قَوْله تربت فعل ويمينك كَلَام إضافي فَاعله وَالْجُمْلَة خبرية فِي الأَصْل وَلكنهَا دُعَاء فِي الِاسْتِعْمَال وَقيل على حَالهَا خبر لِأَنَّهُ لَا يُرَاد حَقِيقَتهَا قَوْله فَبِمَ أَصله فبمَا فحذفت الْألف قَوْله يشبهها فعل ومفعول وَالضَّمِير يرجع إِلَى الْمَرْأَة قَوْله وَلَدهَا بِالرَّفْع فَاعل (بَيَان الْمعَانِي) قَوْله إِن الله لَا يستحي أَي لَا يمْتَنع من بَيَان الْحق فَكَذَا أَنا لَا أمتنع من سُؤَالِي عَمَّا أَنا محتاجة إِلَيْهِ مِمَّا تَسْتَحي النِّسَاء فِي الْعَادة من السُّؤَال عَنهُ لِأَن نزُول الْمَنِيّ مِنْهُنَّ يدل على شدَّة شهوتهن للرِّجَال وَإِنَّمَا فسرناه هَكَذَا لِأَن الْحيَاء تغير وانكسار يعتري الْإِنْسَان من تخوف مَا يعاب بِهِ أَو يذم وَهَذَا محَال على الله تَعَالَى فَيكون هَذَا جَارِيا على سَبِيل الِاسْتِعَارَة التّبعِيَّة التمثيلية كَمَا فِي حَدِيث سلمَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله حَيّ كريم يستحي إِذا رفع العَبْد يَدَيْهِ أَن يردهما صفرا حَتَّى يضع فيهمَا خيرا شبه ترك الله إِجَابَة العَبْد ورد يَدَيْهِ إِلَيْهِ صفرا بترك الْكَرِيم ورده الْمُحْتَاج حَيَاء فَقيل ترك الله الرَّد حَيَاء كَمَا قيل ترك الْكَرِيم رد الْمُحْتَاج حَيَاء فَأطلق الْحيَاء ثمَّة كَمَا أطلق الْحيَاء هَهُنَا فَلذَلِك استعير ترك الله المستحيي لترك الْحق ثمَّ نفى عَنهُ قَوْله فغطت أم سَلمَة الظَّاهِر أَن هَذَا من كَلَام زَيْنَب فَالْحَدِيث ملفق من رِوَايَة صحابيتين وَيحْتَمل أَن يكون من أم سَلمَة على سَبِيل الِالْتِفَات كَأَنَّهَا جردت من نَفسهَا شخصا فأسندت إِلَيْهِ التغطية إِذْ أصل الْكَلَام فغطيت وَجْهي وَقلت يَا رَسُول الله قَوْله يَعْنِي وَجههَا هَذَا الإدراج من عُرْوَة ظَاهرا وَيحْتَمل أَن يكون من راو آخر وَهَذَا إدراج فِي إدراج قَوْله فَبِمَ يشبهها وَلَدهَا وَفِي الصَّحِيح من حَدِيث أنس فَمن أَيْن يكون الشّبَه مَاء الرجل غليظ أَبيض وَمَاء الْمَرْأَة رَقِيق أصفر فمني أَيهمَا علا أَو سبق يكون مِنْهُ الشّبَه وَفِي حَدِيث عَائِشَة وَهل يكون الشّبَه إِلَّا من قبل ذَلِك إِذا علا مَاؤُهَا مَاء الرجل أشبه الْوَلَد أَخْوَاله وَإِذا علا مَاء الرجل ماءها أشبه أَعْمَامه وَقَالَ بَعضهم فِيهِ رد على من يَقُول أَن مَاء الرجل يخالط دم الْمَرْأَة وَأَن مَاء الرجل كالأنفحة ودمها كاللبن الحليب (فَائِدَة) جَاءَ عَن جمَاعَة من الصحابيات أَنَّهُنَّ سألن كسؤال أم سليم مِنْهُنَّ خَوْلَة بنت حَكِيم أخرجه ابْن مَاجَه وَفِي إِسْنَاده عَليّ بن زيد بن جدعَان وبسرة ذكره ابْن أبي شيبَة وسهلة بنت سُهَيْل رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَفِي إِسْنَاده ابْن لَهِيعَة وَالْأَحَادِيث فِيهِ عَن أم سَلمَة وَعَائِشَة وَأنس رَضِي الله عَنْهُم وَلم يخرج البُخَارِيّ غير حَدِيث أم سَلمَة وَأخرج مُسلم أَحَادِيث الثَّلَاثَة وَحَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ جَاءَت أم سليم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت لَهُ وَعَائِشَة عِنْده يَا رَسُول الله الْمَرْأَة ترى مَا يرى الرجل فِي الْمَنَام وَترى من نَفسهَا مَا يرى الرجل من نَفسه فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فضحت النِّسَاء تربت يَمِينك وَحَدِيث عَائِشَة رَوَاهُ عُرْوَة عَنْهَا أَنَّهَا أخْبرته أَن أم سليم دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر الحَدِيث وَفِيه قَالَت عَائِشَة فَقلت لَهَا أُفٍّ لَك أَتَرَى الْمَرْأَة ذَلِك قلت أم سليم بِضَم السِّين وَفتح اللَّام بنت ملْحَان بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون اللَّام وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة وبالنون النجارية الْأَنْصَارِيَّة اسْمهَا سهلة أَو رميلة أَو رميثة بالراء فيهمَا وبالمثلثة فِي الثَّانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>