للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} و {المُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله} فَجَاءَهُ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ يُمِلُّها عَلَيَّ قَالَ يَا رَسُولَ الله وَالله لَوْ أسْتَطِيعُ الجِهادَ لَجَاهَدْتُ وَكَانَ أعْمَى فَأنْزَلَ الله عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أنَّ تَرُضَّ فَخِذُي ثُمَّ سُرِّي عَنْهُ فَأنْزَلَ الله غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة.

والْحَدِيث قد مر فِي الْجِهَاد فِي: بَاب قَول الله تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ} فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله عَن إِبْرَاهِيم بن سعد الزُّهْرِيّ عَن صَالح بن كيسَان إِلَى آخِره.

وَفِيه رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ وَهُوَ صَالح بن كيسَان فَإِنَّهُ تَابِعِيّ رأى عبد الله بن عَمْرو أَنه يروي عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ وَهُوَ يروي عَن سهل بن سعد وَهُوَ صَحَابِيّ، قَالَ الْكرْمَانِي: وَفِيه: رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن التَّابِعِيّ لِأَن سهلاً صَحَابِيّ ومروان تَابِعِيّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ. فِي هَذَا الحَدِيث رِوَايَة رجل من الصَّحَابَة، وَهُوَ سهل بن سعد عَن رجل من التَّابِعين وَهُوَ مَرْوَان بن الحكم، وَلم يسمع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ بَعضهم: لَا يلْزم من عدم السماع عدم الصُّحْبَة. وَقد ذكره ابْن عبد الْبر فِي الصَّحَابَة انْتهى. قلت: وَلَو ذكره فِي كتاب (الِاسْتِيعَاب) فِي: بَاب مَرْوَان، وَلكنه قَالَ: لم ير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لِأَنَّهُ خرج إِلَى الطَّائِف طفْلا لَا يعقل، وَقد ثَبت عَنهُ أَنه قَالَ لما طلب الْخلَافَة فَذكرُوا لَهُ ابْن عمر، فَقَالَ: لَيْسَ ابْن عمر بأفقه مني، وَلكنه أسنّ مني، وَكَانَت لَهُ صُحْبَة. فَهَذَا اعْتِرَاف مِنْهُ بِعَدَمِ الصُّحْبَة.

قَوْله: (ابْن أم مَكْتُوم) ، واسْمه عبد الله، وَقيل: عَمْرو، وَجَاء فِي رِوَايَة قبيصَة عَن زيد بن ثَابت، (فجَاء عبد الله بن أم مَكْتُوم) ، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الْبَراء (جَاءَ عَمْرو بن أم مَكْتُوم) . وَاسم أَبِيه: زَائِدَة، وَأم مَكْتُوم أمه وَاسْمهَا: عَاتِكَة. قَوْله: (وَهُوَ يملها) ، بِضَم الْيَاء وَكسر الْمِيم وَتَشْديد اللَّام، وَأَصلهَا يمللها كَمَا فِي قَوْله: {وليملل الَّذِي عَلَيْهِ الْحق} (الْبَقَرَة: ٣٨٢) فنقلت كسرة اللَّام إِلَى الْمِيم وأدغمت فِي اللَّام الثَّانِيَة، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: وَفِي حَدِيث زيد أَنه أمْلى عَلَيْهِ {وَلَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ} يُقَال: أمللت الْكتاب وأمليته إِذا أَلقيته على الْكَاتِب ليكتبه. قَوْله: (أَن ترض) ، بتَشْديد الضَّاد الْمُعْجَمَة وَهُوَ الدق. قَوْله: (ثمَّ سري) بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء الْمُشَدّدَة أَي: انْكَشَفَ عَنهُ. قَوْله: (غير أولي الضَّرَر) ، وَهُوَ الْعَمى، وَاخْتلف الْقُرَّاء فِي إِعْرَاب، غير، فَقَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَعَاصِم بِالرَّفْع على الْبَدَل من الْقَاعِدُونَ، وَقَرَأَ الْأَعْمَش بِالْجَرِّ على الصّفة للْمُؤْمِنين، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالنّصب على الِاسْتِثْنَاء.

٤٥٩٣ - ح دَّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ أبِي إسْحاقَ عنِ البَرَاءِ رَضِي الله عنهُ قَالَ لَمَا نَزَلَتْ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنينَ} دَعَا رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَيْدا فَكَتَبَها فَجَاءَ ابنُ أُمِّ مَكّتُومٍ فَشَكَا ضَرَارَتَهُ فَأَنْزَلَ الله {غَيْرَ أُولِي الضَرَرِ} .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي، والبراء بن عَازِب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي: بَاب قَول الله {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ} فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الْوَلِيد عَن شُعْبَة عَن الْبَراء إِلَى آخِره نَحْو قَوْله (عَن أبي اسحاق عَن الْبَراء) وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة عَن ابي اسحاق انه سمع الْبَراء أخرجه احْمَد عَنهُ وَوَقع فِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق أبي سِنَان الشَّيْبَانِيّ عَن أبي إِسْحَاق عَن زيد بن أَرقم، وَالْمَحْفُوظ عَن أبي إِسْحَاق عَن الْبَراء فِي رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ، وَأَبُو سِنَان اسْمه: ضرار بن مرّة، وَهُوَ أَيْضا ثِقَة.

٤٥٩٤ - ح دَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ عنْ إسْرَائِيلَ عنْ أبِي إسْحَاقَ عنِ البَرَاءِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ لَا يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرَ أُوَلِي الضَّرَرِ قَال النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ادْعُوا فُلانا فَجَاءَهُ وَمَعَهُ الدَّوَاةُ وَاللَّوْحُ أوْ الكَتِفَ فَقَال اكْتُبْ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} و {المُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله} وَخَلْفَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَ يَا رَسُولِ اللهأنَا ضَرِيرٌ فَنَزَلَتْ مكَانَها {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنينَ غَيْرَ أُوَلِي الضَرَرِ وَالمجاهدُونَ فِي سَبِيلِ الله} .

هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث الْبَراء أخرجه عَن مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ عَن إِسْرَائِيل بن يُونُس عَن جده أبي إِسْحَاق الْمَذْكُور فِيمَا قبله.

قَوْله: (فلَانا) ، هُوَ زيد بن ثَابت، وَقد صرح بِهِ فِي الرِّوَايَة الْمَاضِيَة. قَوْله: (أَو الْكَتف) ، شكّ من الرَّاوِي وَكَانُوا يَكْتُبُونَ على الألواح والأكتاف. قَوْله: (وَخلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ابْن أم مَكْتُوم) مَعْنَاهُ: جلس خلف

<<  <  ج: ص:  >  >>