للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَسْلمُوا بِمَكَّة مِنْهُم: الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَقيس بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَأَبُو قيس بن الْفَاكِه بن الْمُغيرَة والوليد بن عتبَة بن ربيعَة وَعَمْرو بن أُميَّة بن سُفْيَان بن أُميَّة بن عبد شمس والْعَلَاء بن أُميَّة بن خلف ثمَّ إِنَّهُم أَقَامُوا عَن الْهِجْرَة وَخَرجُوا مَعَ الْمُشْركين إِلَى بدر، قَلما رَأَوْا قلَّة الْمُؤمنِينَ شكوا إِلَى سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالُوا غر هَؤُلَاءِ دينهم وَكَانَ بَعضهم نَافق بِمَكَّة، فَلَمَّا قتلوا ببدر قَالَت لَهُم الْمَلَائِكَة وَهُوَ ملك الْمَوْت وَحده فيمَ كُنْتُم؟ يَقُول: فِي أَي شَيْء كُنْتُم؟ قَالُوا: كُنَّا مستضعفين فِي الأَرْض يَعْنِي: كُنَّا مقهورين بِأَرْض مَكَّة لَا نطيق أَن نظهر الْإِيمَان، فَقَالَ ملك الْمَوْت: ألم تكون أَرض وَاسِعَة؟ يَعْنِي الْمَدِينَة، فتهاجروا فِيهَا؟ يَعْنِي: إِلَيْهَا قَوْله: (إِن الَّذين توفيهم الْمَلَائِكَة) ذكر فِي (تَفْسِير ابْن النَّقِيب) التوفي هُنَا بِمَعْنى قبض الرّوح، وَقَالَ الْحسن: هُوَ الْحَشْر إِلَى النَّار، وَالْمَلَائِكَة هُنَا ملك الْمَوْت وأعوانه وهم سِتَّة: ثَلَاثَة لأرواح الْمُؤمنِينَ، وَثَلَاثَة لأرواح الْكَافرين، وظلم النَّفس هُنَا ترك الْهِجْرَة وخروجهم مَعَ قَومهمْ إِلَى بدر، وَقيل: ظلمُوا أنفسهم برجوعهم إِلَى الْكفْر، وَقيل: ظلمُوا أنفسهم بِالشَّكِّ الَّذِي حصل فِي قُلُوبهم حِين رَأَوْا قلَّة الْمُسلمين، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: الْمَلَائِكَة هُنَا ملك الْمَوْت وَحده لِأَنَّهُ مُجمل يحْتَمل أَن يُرَاد هُوَ وَيحْتَمل غَيره فِي قُلُوبهم حِين رَأَوْا قلَّة الْمُسلمين، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: الْمَلَائِكَة هُنَا ملك الْمَوْت وَحده، لِأَنَّهُ مُجمل يحْتَمل أَن يُرَاد هُوَ وَيحْتَمل غَيره فَحمل الْمُجْمل على الْمُفَسّر، وَهُوَ قَول تَعَالَى: {قل يتوفاكم ملك الْمَوْت} (النِّسَاء: ٩٧) وَجمع كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنَّا نَحن نحيي ونميت} (ق: ٤٣) وَالله تَعَالَى وَاحِد. قَوْله: (ظالمي أنفسهم) نصب على الْحَال. قَوْله: (قَالُوا: فيمَ كُنْتُم) ؟ سُؤال توبيخ وتفريع أَي: أَكُنْتُم فِي أَصْحَاب مُحَمَّد أم كُنْتُم مُشْرِكين؟ قَوْله: (كُنَّا مستضعفين) ، أَي: كُنَّا لَا نقدر على الْخُرُوج من الْبَلَد وَلَا الذّهاب فِي الأَرْض. قَوْله: (فِي الأَرْض) أَرَادوا بهَا مَكَّة، وَالْأَرْض اسْم لبلد الرجل وموضعه. قَوْله: (قَالُوا) أَي: الْمَلَائِكَة (ألم تكن أَرض الله وَاسِعَة) ؟ محاججة الْمَلَائِكَة. قَوْله: (فتهاجروا فِيهَا) أَي: إِلَيْهَا. أَي: الْمَدِينَة مَعَ الْمُسلمين؟ .

٤٥٩٦ - ح دَّثنا عَبْدُ الله بنُ يَزِيدَ المُقْرِىءُ حدَّثنا حَيْوَةُ وَغَيْرُهُ قَالا حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ أبُو الأسْوَدِ قَالَ قُطِعَ عَلَى أهْلِ المَدِينَةِ بَعْثٌ فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ فَلَقِيتُ عِكْرَمَةَ مَوْلَى ابنِ عباسٍ فأخْبَرْتُهُ فَنَهانِي عَنْ ذَلِكَ أشَدَّ النَّهْيِ ثُمَّ قَالَ أخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أنَّ نَاسا مِنَ المُسْلِمِينَ كانُوا مَعَ المُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ المُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأتِي السَّهمُ فَيُرْمَى بِهِ فَيُصِيبُ أحَدَهُمْ فَيقْتُلُهُ أوْ يُضْرَبُ فَيُقْتَلُ فَأنْزَلَ الله {إنَّ الَّذِينَ تَوَفاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أنْفُسِهِمْ} .

الْآيَة.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الله بن يزِيد من الزِّيَادَة المقرىء من الإفراء، وحيوة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن شُرَيْح، بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبحاء مُهْملَة يكنى بِأبي زرْعَة التجِيبِي، بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر الْجِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالياء الْمُوَحدَة.

قَوْله: (وَغَيره) أَي: حَدثنِي غير حَيْوَة وَهُوَ عبد الله بن لَهِيعَة الْمصْرِيّ وَأَبُو الْأسود ضد الْأَبْيَض، الْأَسدي الْمدنِي.

والْحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفِتَن عَن عبد الله بن يزِيد الْمَذْكُور. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن زَكَرِيَّا بن يحيى عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن المقرىء عَن حَيْوَة بِهِ، وَرِوَايَة ابْن لَهِيعَة أخرجهَا الطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي حَاتِم رَوَاهُ عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى، أَن عبد الله بن وهب أَخْبرنِي ابْن لَهِيعَة عَن أبي الْأسود فَذكره.

قَوْله: (قطع) ، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (بعث) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وبالتاء الْمُثَلَّثَة وَهُوَ الْجَيْش، وَالْمعْنَى أَنهم ألزموا بِإِخْرَاج جَيش لقِتَال أهل الشَّام، وَكَانَ ذَلِك فِي خلَافَة عبد الله بن الزبير على مَكَّة. قَوْله: (فاكتتبت) ، على صِيغَة الْمَجْهُول من الاكتتاب، وَهُوَ من بَاب الافتعال. قَوْله: (أَن نَاسا من الْمُسلمين) ، وهم الَّذين ذَكَرْنَاهُمْ عَن مقَاتل عَن قريب. قَوْله: (يكثرون) من التكثير. قَوْله: (فَيُصِيب) عطف على قَوْله: (يَأْتِي السهْم) وَكَانَ غَرَض عِكْرِمَة من نَهْيه أَبَا الْأسود أَن الله تَعَالَى ذمهم بتكثير سوادهم مَعَ أَنهم كَانُوا لَا يُرِيدُونَ بقلوبهم موافقتهم، فَكَذَلِك أَنْت لِأَنَّك تكْثر سَواد هَذَا الْجَيْش الْمَأْمُور بذهابهم لقِتَال أهل الشَّام وَلَا تُرِيدُ موافقتهم لأَنهم لَا يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله. قَوْله: (فَأنْزل الله تَعَالَى) هَكَذَا جَاءَ هُنَا فِي سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة، وَقد ذكرنَا عَن قريب وُجُوهًا أُخْرَى فِي ذَلِك مَعَ تَفْسِير الْآيَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>