مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من مَعْنَاهُ، وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وَمُحَمّد هُوَ ابْن عبد الله الْأنْصَارِيّ من شُيُوخ البُخَارِيّ روى عَنهُ هُنَا بِوَاسِطَة، وَابْن عون هُوَ عبد الله بن عون بن أرطبان الْمُزنِيّ الْبَصْرِيّ، وسلمان، بِفَتْح السِّين وَسُكُون اللَّام. أَبُو رَجَاء مولى أبي قلَابَة الْجرْمِي الْبَصْرِيّ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني، سُلَيْمَان، بِضَم السِّين وَفتح اللَّام وَالْأول هُوَ الصَّوَاب، وَأَبُو قلَابَة بِكَسْر الْقَاف عبد الله بن زيد.
وَهَذَا الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي مَوَاضِع عديدة، فقطعة من ذَلِك مَضَت فِي كتاب الطَّهَارَة فِي: بَاب أَبْوَاب الْإِبِل وَالدَّوَاب وَالْغنم، فَإِنَّهُ أخرج فِيهَا حَدِيث العرنيين عَن سُلَيْمَان بن حَرْب، وَقطعَة مُشْتَمِلَة على مَا فِي حَدِيث الْبَاب أخرجهَا فِي كتاب الْمَغَازِي فِي: بَاب قصَّة عكل وعرينة أخرجهَا عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم عَن حَفْص بن عمر عَن حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب وَالْحجاج الصَّواف عَن أبي رَجَاء مولى أبي قلَابَة الحَدِيث.
قَوْله:(خلف عمر بن عبد الْعَزِيز) وَفِي الرِّوَايَة الْمُتَقَدّمَة فِي الْمَغَازِي، قَالَ: يَعْنِي أَبُو رَجَاء وَأَبُو قلَابَة خلف سَرِيره. قَوْله:(فَذكرُوا ذكرُوا) أَي: الْقسَامَة، وَقد بَين البُخَارِيّ هَذَا فِي مَكَان آخر أَعنِي فِي كتاب الدِّيات، وَهُوَ: أَن عمر بن عبد الْعَزِيز أبرز سَرِيره يَوْمًا للنَّاس ثمَّ أذن لَهُم فَدَخَلُوا. فَقَالَ لَهُم: مَا تَقولُونَ فِي الْقسَامَة؟ قَالُوا: نقُول فِي الْقسَامَة الْقود بهَا حق وَقد أقادت بهَا الْخُلَفَاء، فَقَالَ لي: مَا تَقول يَا أَبَا قلَابَة ونصبني للنَّاس؟ فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، عنْدك رُؤُوس الأجناد وأشراف الْعَرَب، أَرَأَيْت لَو أَن خمسين رجلا مِنْهُم شهدُوا على رجل مُحصن بِدِمَشْق أَنه قَدرنَا وَلم يروه أَكنت تَرْجَمَة؟ قَالَ: لَا. قلت: أَرَأَيْت لَو أَن خمسين مِنْهُم شهدُوا على رجل بحمص أَنه قد سرق أَكنت تقطعه وَلم يروه؟ قَالَ: لَا. قلت: فوَاللَّه مَا قتل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطّ إلَاّ فِي إِحْدَى ثَلَاث خِصَال: رجل قتل بحديدة نفسا فَقتل، وَرجل زنى بعد إِحْصَان، وَرجل حَارب الله وَرَسُوله وارتد عَن الْإِسْلَام. فَقَالَ الْقَوْم: أَو لَيْسَ قد حدث أنس بن مَالك أَن نَفرا من عكل؟ الحَدِيث. قَوْله:(فَقَالُوا وَقَالُوا) ، مقول القَوْل الأول مَحْذُوف، وَهُوَ الَّذِي ذكره البُخَارِيّ فِي مَكَان آخر، ومقول القَوْل الثَّانِي هُوَ قَوْله: قد أقادت بهَا الْخُلَفَاء. يُقَال: أقاد الْقَاتِل بالقتيل إِذا قَتله بِهِ، وَفِي الرِّوَايَة الْمُتَقَدّمَة فِي الْمَغَازِي: أَن عمر ابْن عبد الْعَزِيز اسْتَشَارَ النَّاس يَوْمًا فَقَالَ: مَا تَقولُونَ فِي هَذِه الْقسَامَة؟ فَقَالُوا: حق قضى بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقضت بهَا الْخُلَفَاء قبلك. قَوْله:(فالتف) ، أَي: عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى أبي قلَابَة، وَالْحَال أَنه خلف ظهر. قَوْله:(فَقَالَ) ، أَي: عمر بن عبد الْعَزِيز. قَوْله:(يَا عبد الله بن زيد) ، هُوَ المكنى بِأبي قلَابَة. قَوْله:(أَو مَا تَقول يَا أَبَا قلَابَة) ؟ شكّ من الرَّاوِي هَل سَمَّاهُ باسمه أَو خاطبه بكنيته. قَوْله: قلت: الْقَائِل هُوَ أَبُو قلَابَة. قَوْله:(فَقَالَ عَنْبَسَة) بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَالسِّين الْمُهْملَة ابْن سعيد بن الْعَاصِ بن أُميَّة أَبُو خَالِد الْقرشِي الْأمَوِي أَخُو يحيى وَعَمْرو الْأَشْدَق، سمع أَبَا هُرَيْرَة، روى عَنهُ الزُّهْرِيّ فِي غَزْوَة خَيْبَر عَن البُخَارِيّ، وَسمع أنسا فِي الْحُدُود، روى عَنهُ أَبُو قلَابَة حَدِيث العرنيين عِنْد مُسلم. قَوْله:(حَدثنَا أنس بِكَذَا وَكَذَا) أَي: قَالَ عَنْبَسَة: حَدثنَا أنس بن مَالك بِقصَّة الْقسَامَة، وَحَدِيث العرنيين. قَوْله:(قلت) : الْقَائِل أَبُو قلَابَة ويروى: (فَقلت) ، وَفِي رِوَايَة كتاب الدِّيات، (فَقلت: أَنا أحدثكُم بِحَدِيث أنس، حَدثنِي أنس أَن نَفرا من عكل ثَمَانِيَة قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَايعُوهُ على الْإِسْلَام فاستوخموا الأَرْض) الحَدِيث. قَوْله:(قدم قوم) هم نفر من عكل (فكلموه) أَي: فَكَلَّمُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُرِيد بِهِ الْمُبَايعَة على الْإِسْلَام كَمَا صرح بِهِ فِي الرِّوَايَة الْمَذْكُورَة الْآن. قَوْله:(قد استوخمنا) من استوخمت الْبَلَد إِذا لم يُوَافق بدنك، وَأَصله من الوخم وَهُوَ ثقالة الطَّعَام فِي الْمعدة، يُقَال: وخم الطَّعَام إِذا ثقل فَلم يستمرىء فَهُوَ وخيم، قَالَ ابْن الْأَثِير فِي حَدِيث العرنيين: واستوخموا الْمَدِينَة أَي: استثقلوها وَلم يُوَافق هواؤها أبدانهم. قَوْله:(هَذِه نعم لنا) المُرَاد بِالنعَم الْإِبِل، فَإِن قلت: قد قَالَ فِي رِوَايَة أُخْرَى: أخرجُوا إِلَى إبل الصَّدَقَة. قلت: إِنَّمَا قَالَ ذَلِك بِاعْتِبَار أَنه كَانَ حَاكما عَلَيْهَا أَو كَانَت لَهُ نعم ترعى مَعَ إبل الصَّدَقَة. قَوْله:(تخرج) فِي مَحل النصب على الْحَال. قَوْله:(واستصحوا) أَي: حصلت لَهُم الصِّحَّة، وَالسِّين فِيهِ للصيرورة. قَوْله:(واطَّردوا النعم) ، أَي: ساقوها سوقا شَدِيدا. وَأَصله من طرد فَنقل إِلَى بَاب الافتعال فَصَارَ: اتطرد، ثمَّ قلبت التَّاء طاء وأدغمت الطَّاء فِي الطَّاء. قَوْله:(فَمَا يستبطأ من هَؤُلَاءِ) على صِيغَة الْمَجْهُول من بَاب الاستفعال، من البطء بِالْهَمْزَةِ فِي آخِره وَهُوَ نقيض السرعة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَمَا يستبطأ. اسْتِفْهَام. قلت: مَعْنَاهُ على قَوْله أَي شَيْء يستبطأ من هَؤُلَاءِ الَّذين قتلوا راعي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَاسْتَاقُوا الْإِبِل؟ وَفِيه معنى التَّعَجُّب أَيْضا فَافْهَم، وَيُؤَيّد