وَالوَصِيلَةُ النَّاقَةُ البِكْرُ تُبْكَّرُ فِي أوَّلِ نِتاجِ الإبلِ ثُمَّ تُثَنَّى بَعْدُ بِأُثْنَى وَكَانُوا يُسَيِّبُونَهُمْ لِطَواغِيتِهِمْ إنْ وَصَلَتْ إحْدَاهُما بالأُخرى لَيْسَ بَيْنَهُما ذَكَرٌ.
هَذَا أَيْضا من تَفْسِير سعيد بن الْمسيب الْمَوْقُوف وَلَيْسَ بِمُتَّصِل بالمرفوع. قَوْله: (الوصيلة) ، من الْوَصْل بِالْغَيْر فِي اللُّغَة وَالَّتِي فِي الْآيَة الَّتِي فَسرهَا ابْن الْمسيب بقوله: النَّاقة الْبكر تبكر أَي: تبتدىء وكل من بكر إِلَى الشَّيْء فقد بَادر إِلَيْهِ. قَوْله: (بأنثى) ، يتَعَلَّق بقوله: تبكر قَوْله: (ثمَّ تثنى) من التَّثْنِيَة أَي: تَأتي فِي الْمرة الثَّانِيَة بعد الْأُنْثَى الأولى بأنثى أُخْرَى، وَالضَّمِير فِي: يسيبونها، يرجع إِلَى الوصيلة. قَوْله: (إِن وصلت) ، أَي: من أجل أَن وصلت (إِحْدَاهمَا) : أَي: إِحْدَى الْأُنْثَيَيْنِ بِالْأُنْثَى الْأُخْرَى، وَالْحَال أَن لَيْسَ بَينهمَا ذكر. وَقَالَ الْكرْمَانِي: إِن وصلت، بِفَتْح الْهمزَة وَكسرهَا. قلت: الْأَظْهر أَن يكون بِالْفَتْح على مَا لَا يخفى، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الوصيلة الشَّاة إِذا ولدت سِتَّة أبطن أُنثيين أُنثيين وَولدت فِي السَّابِعَة ذكرا، وَأُنْثَى. قَالُوا: وصلت أخاها فأحلوا لَبنهَا للرِّجَال وحرموه على النِّسَاء، وَقيل: إِن كَانَ السَّابِع ذكرا ذبح وَأكل مِنْهُ الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَإِن كَانَ أُنْثَى تركت فِي الْغنم، إِن كَانَ ذكر أَو أنث قَالُوا: وصلت أخاها وَلم تذبح، وَكَانَ لَبنهَا حَرَامًا على النِّسَاء وَقَالَ ابْن اسحاق الوصيلة الشَّاة تنْتج عشر أناث مُتَتَابِعَات فِي خَمْسَة أبطن فيدعونها الوصيلة وَمَا ولدت بعد ذَلِك فللذكور دون الْإِنَاث، وَتَفْسِير ابْن الْمسيب رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَنهُ، وَكَذَا روى عَن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَالحَامُ فَحْلُ الإبِلِ يَضْرِبُ الضِّرَاب المَعْدُودَ فَإذَا قَضَى ضِرَابَهُ وَدَعُوهُ للطَوَاغِيتِ وأعْفُوهُ مِنَ الحمْلِ فَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَسَمَّوْهُ الحَامِيَ.
هَذَا أَيْضا من تَفْسِير ابْن الْمسيب. قَوْله: (يضْرب) أَي: ينزو، يُقَال: ضرب الْحمل النَّاقة يضْربهَا إِذا نزا عَلَيْهَا، وأضرب فلَان نَاقَته إِذا أنزى الْفَحْل عَلَيْهَا، وضراب الْفَحْل نزوه على النَّاقة، والضراب الْمَعْدُود هُوَ أَن ينْتج من صلبه بطن بعد بطن إِلَى أَن يصير عشرَة أبطن، فَحِينَئِذٍ يَقُولُونَ: قد حمى ظَهره. قَوْله: (وَدعوهُ) أَي: تَرَكُوهُ لأجل الطواغيت وَهِي الْأَصْنَام. قَوْله: (وسموه الحامي) لِأَنَّهُ حمى ظَهره، فَلذَلِك يُقَال لَهُ: حام، مَعَ أَنه فِي الأَصْل محمي، وَهَذَا التَّفْسِير مَنْقُول عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس، وَقيل: الحام هُوَ الْفَحْل يُولد لوَلَده فَيَقُولُونَ حمى ظَهره فَلَا يجزون وبره وَلَا يمنعونه مَاء وَلَا مرعى، وَقيل: هُوَ الَّذِي ينْتج لَهُ سبع إناث مُتَوَالِيَات قَالَه ابْن دُرَيْد، وَقيل: هُوَ الْفَحْل يضْرب فِي إبل الرجل عشر سِنِين فيخلى، وَيُقَال فِيهِ: قد حمى ظَهره.
وَقَالَ لِيَ أبُو اليَمانِ أخبَرَنا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ سَمِعْتُ سَعِيدا قَال يُخْبِرُهُ بِهاذا قَالَ وقَالَ أبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحْوَهُ.
قَوْله: (وَقَالَ لي أَبُو الْيَمَان) رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره، قَالَ أَبُو الْيَمَان: بِغَيْر لَفْظَة لي، وَأَبُو الْيَمَان، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف: الحكم بن نَافِع يروي عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْحِمصِي عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَقد تكَرر هَذَا الْإِسْنَاد على هَذَا النمط قَوْله: (يُخبرهُ) بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة من الْفِعْل الْمُضَارع من الْإِخْبَار، وَالضَّمِير الْمَرْفُوع فِيهِ يرجع إِلَى سعيد بن الْمسيب، والمنصوب يرجع إِلَى الزُّهْرِيّ، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْحَمَوِيّ وَالْمُسْتَمْلِي: بحيرة، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالراء وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير الْبحيرَة وَغَيرهَا كَمَا فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن سعد عَن صَالح بن كيسَان عَن الزُّهْرِيّ. قَوْله: (قَالَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة) أَي: قَالَ سعيد بن الْمسيب. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَوْله: (نَحوه) أَي: نَحْو مَا رَوَاهُ فِي الرِّوَايَة الْمَاضِيَة، وَهُوَ قَوْله: (الْبحيرَة) الَّتِي يمْنَع درها للطواغيت. وَقد تقدم فِي مَنَاقِب قُرَيْش قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان أخبرنَا شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ سَمِعت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute