إنَّهُ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ فِي الدُّعاءِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {أدعوا ربكُم تضرعا وخفية أَنه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ} (الْأَنْعَام: ٥٥) هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين (إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ فِي الدُّعَاء) وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْكشميهني والحموي (فِي الدُّعَاء وَفِي غَيره) وَقَالَ الطَّبَرِيّ: حَدثنَا الْقَاسِم حَدثنَا الْحُسَيْن حَدثنِي حجاج عَن ابْن جريج عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: (إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ فِي الدُّعَاء وَلَا فِي غَيره) ، والاعتداء فِي الدُّعَاء بِزِيَادَة السُّؤَال فَوق الْحَاجة وَيطْلب مَا يَسْتَحِيل حُصُوله شرعا وَيطْلب مَعْصِيّة. وبالاعتناء بالأدعية الَّتِي لم تُؤثر خُصُوصا إِذا كَانَ بالسجع الْمُتَكَلف وبرفع الصَّوْت والنداء والصياح لقَوْله تَعَالَى: {ادعوا ربكُم تضرعا وخفية} وأمرنا بِأَن نَدْعُو بالتضرع والاستكانة والخفية أَلا ترى أَن الله تَعَالَى ذكر عبدا صَالحا وَرَضي فعله فَقَالَ: {إِذْ نَادَى ربه نِدَاء خفِيا} (مَرْيَم: ٣) وَفِي (التَّلْوِيح) (إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ) إِلَى قَوْله، قَالَ غَيره: يشبه وَالله أعلم أَنه من قَول ابْن عَبَّاس، وَقد ذكره من غير عطف لذَلِك.
عَفَوا كَثُرُوا وَكَثُرَتْ أمْوَالُهُمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ بدلنا مَكَان السَّيئَة الْحَسَنَة حَتَّى عفوا} (الْأَعْرَاف: ٩٥) الْآيَة. وَفسّر لفظ عفوا. الَّذِي هُوَ صِيغَة جمع بقوله: كَثُرُوا من عَفا الشَّيْء إِذا كثر، وَقَوله كثرت أَمْوَالهم إِنَّمَا وَقع فِي رِوَايَة غير أبي ذَر، وَفِي التَّفْسِير قَوْله: حَتَّى عفوا أَي كَثُرُوا وَكَثُرت أَمْوَالهم وَأَوْلَادهمْ.
الفَتَّاحُ القَاضِي افْتَحْ بَيْنَنا اقْضِ بَيْنَنَا
لفظ الفتاح لم يَقع فِي هَذِه السُّورَة، وَإِنَّمَا هُوَ فِي سُورَة سبأ قيل: كَأَنَّهُ ذكره هُنَا تَوْطِئَة لتفسير قَوْله فِي هَذِه السُّورَة: {رَبنَا افْتَحْ بَيْننَا وَبَين قَومنَا بِالْحَقِّ} (الْأَعْرَاف: ٨٩) انْتهى. وَفسّر الفتاح بقوله القَاضِي، وَكَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَة إِن الفتاح القَاضِي، وَقَالَ الْفراء: وَأهل عمان يسمون القَاضِي الفاتح والفتاح، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ، وَذكر غَيره أَنه لُغَة مُرَاد، وروى ابْن جرير من طرق عَن قَتَادَة عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: مَا كنت أَدْرِي مَا معنى قَوْله: افْتَحْ بَيْننَا حَتَّى سَمِعت بنت ذِي يزن تَقول لزَوجهَا: انْطلق أفاتحك، وَمن طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس: افْتَحْ بَيْننَا. أَي: اقْضِ بَيْننَا.
نَتقْنا رَفَعنا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا نتقنا الْجَبَل فَوْقهم كَأَنَّهُ ظله} (الْأَعْرَاف: ١٧١) وَفسّر: نتقنا، بقوله رفعنَا وَكَذَا فسره وَكَذَا فسره ابْن عَبَّاس. قَالَ عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس. قَوْله وَإِذ نتقنا الْجَبَل: رفعناه.
انْبَجَسَتْ انْفَجَرَتْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {أَن أضْرب بعصاك الْحجر فانبجست مِنْهُ اثْنَتَيْ عشرَة عينا} (الْأَعْرَاف: ١٦٠) ثمَّ فسر: انبجست، بقوله: انفجرت، وَكَذَا جَاءَ فِي سُورَة الْبَقَرَة حَيْثُ قَالَ: {فَقُلْنَا اضْرِب بعضاك الْحجر فانفجرت مِنْهُ اثْنَتَيْ عشرَة عينا} أَي: انشقت، وَكَانَ ذَلِك الْحجر من الطّور يحمل مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، فَإِذا نزلُوا فِي مَوضِع ضربه مُوسَى بعصاه فَيخرج مِنْهُ المَاء فِي اثْنَتَيْ عشرَة عينا لكل سبط عين.
مُتَبَّرٌ خُسْرَانٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِن هَؤُلَاءِ متبر مَا هم فِيهِ وباطل مَا كَانُوا يعْملُونَ} وَفسّر متبر بقوله خسران واشتقاقه من التبار، وَهُوَ الْهَلَاك وَهُوَ من التتبير، يُقَال: تبره تتبيرا أَي كَسره وأهلكه.
آسي أحْزَنُ تأس تَحْزَنْ
ذكر هُنَا لفظتين: الأولى: قَوْله: آسي، وَهُوَ فِي سُورَة الْأَعْرَاف. أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَكيف آسي على قوم كَافِرين} (الْأَعْرَاف: ٩٣) وَفَسرهُ بقوله: احزن وَهُوَ حِكَايَة عَن قَول شُعَيْب. عَلَيْهِ السَّلَام، حَيْثُ قَالَ بعد هَلَاك قومه، فَكيف آسي، أَي: فَكيف أَحْزَن على الْقَوْم الَّذين هَلَكُوا على الْكفْر؟ واللفظة الثَّانِيَة: قَوْله: تأسى، وَهُوَ فِي سُورَة الْمَائِدَة وَقد ذكرت هُنَاكَ، وَإِنَّمَا ذكر هَاهُنَا أَيْضا اسْتِطْرَادًا.