للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب، وَعَن سهل بن سعد: أَن الله تَعَالَى أظهر من سبعين ألف حجاب نورا قدر الدِّرْهَم فَجعل الْجَبَل كأقواله (جعله دكا) قَالَ ابْن عَبَّاس: تُرَابا، وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ: ساخ الْجَبَل فِي الأَرْض حَتَّى وَقع فِي الْبَحْر فَهُوَ يذهب مَعَه، وَعَن أبي بكر الْهُذلِيّ: دكا انقعر فَدخل تَحت الأَرْض فَلَا يظْهر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم بِإِسْنَادِهِ عَن أبي مَالك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لما تجلى الله للجبل طارت لعظمته سِتَّة أجبل فَوَقَعت ثَلَاثَة بِالْمَدِينَةِ وَثَلَاثَة بِمَكَّة، بِالْمَدِينَةِ: أحد وورقان ورضوى، وبمكة حراء وثبير وثور) . قَالَ ابْن كثير: هَذَا حَدِيث غَرِيب بل مُنكر، وَقَالَ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ: دكاً صَار رملاً هائلاً، وَاخْتلف الْقُرَّاء فِي دكاً فَقَرَأَ أهل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة بِالْقصرِ والتنوين وَهُوَ اخْتِيَار أبي حَاتِم وَأبي عبيد الْقَاسِم بن سَلام، وَقَرَأَ أهل الْكُوفَة بِالْمدِّ أَي جعله مثل الأَرْض وَهِي الناتئة لَا تبلغ أَن تكون جبلا. قَوْله: (وخر مُوسَى صعقاً) أَي: خر مغشياً عَلَيْهِ يَوْم الْخَمِيس وَكَانَ يَوْم عَرَفَة وَأعْطِي التَّوْرَاة يَوْم الْجُمُعَة، وَهُوَ يَوْم النَّحْر، وَفِي (التَّلْوِيح) : وصعق مُوسَى مَوته، نظيرها قَوْله فِي سُورَة النِّسَاء: {فَأَخَذتهم الصاعقة} (النِّسَاء: ١٥٣) يَعْنِي: الْمَوْت، وَفِي الزمر: {فَصعِقَ من فِي السَّمَوَات} يَعْنِي: مَاتَ، وَفِي تَفْسِير ابْن كثير: وَالْمَعْرُوف أَن الصَّعق هُوَ الغشي هَهُنَا كَمَا فسره ابْن عَبَّاس وَغَيره لَا كَمَا فسره قَتَادَة بِالْمَوْتِ وَإِن كَانَ ذَلِك صَحِيحا فِي اللُّغَة. قَوْله: (فَلَمَّا أَفَاق) أَي: من الغشي، قَالَ مُحَمَّد بن جَعْفَر: شغله الْجَبَل حِين تجلى وَلَوْلَا ذَلِك لمات صعقاً بِلَا إفاقة. قَوْله: (قَالَ سُبْحَانَكَ) تَنْزِيها وتعظيماً وإجلالاً أَن يرَاهُ أحد فِي الدُّنْيَا إلَاّ مَاتَ. قَوْله: (تبت إِلَيْك) يَعْنِي عَن سُؤال الرُّؤْيَة فِي الدُّنْيَا، وَقيل: تبت إِلَيْك من الْإِقْدَام على الْمَسْأَلَة قبل الْإِذْن فِيهَا، وَقيل: من اعْتِقَاد جَوَاز الرُّؤْيَة فِي الدُّنْيَا، وَقيل: المُرَاد بِالتَّوْبَةِ هُنَا الرُّجُوع إِلَى الله تَعَالَى لَا على ذَنْب سبق، وَقيل: إِنَّمَا قَالَ ذَلِك على جِهَة التَّسْبِيح وَهُوَ عَادَة الْمُؤمنِينَ عِنْد ظُهُور الْآيَات الدَّالَّة على عظم قدرته. قَوْله: (وَأَنا أول الْمُؤمنِينَ) ، أَي: بأنك لَا ترى فِي الدُّنْيَا، قَالَ مُجَاهِد: وَأَنا أول الْمُؤمنِينَ من بني إِسْرَائِيل، وَاخْتَارَهُ ابْن جرير، وَعَن ابْن عَبَّاس: وَأَنا أول الْمُؤمنِينَ أَنه لَا يراك أحد، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَة. وتعلقت نفاة رُوَاة الرُّؤْيَة بِهَذِهِ الْآيَة، فَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: لن، لتأكيد النَّفْي الَّذِي تعطيه: لَا، وَذَلِكَ أَن: لَا تَنْفِي الْمُسْتَقْبل، تَقول: لَا أفعل غَدا، فَإِن أكدت نَفيهَا قلت: لن أفعل غَدا، وَقَالَ ابْن كثير: وَقد أشكل حرف: لن، هَهُنَا على كثير لِأَنَّهَا مَوْضُوعَة للنَّفْي للتأبيد، فاستدلت بِهِ الْمُعْتَزلَة على نفي الرُّؤْيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. وَأجِيب: بِأَن الْأَحَادِيث قد تَوَاتَرَتْ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِأَن الْمُؤمنِينَ يرَوْنَ الله فِي الدَّار الْآخِرَة. وَقيل إِنَّهَا لنفي التَّأْبِيد فِي الدُّنْيَا جمعا بَين هَذِه وَبَين الدَّلِيل الْقَاطِع على صِحَة الرُّؤْيَة فِي الْآخِرَة، وَقيل: إِن لن لَا توجب التَّأْبِيد لَكِن توجب التَّوْقِيت، كَقَوْلِه عز وَجل: {وَلنْ يَتَمَنَّوْهُ أبدا} (الْبَقَرَة: ٩٥) يَعْنِي: الْمَوْت، وَقَالَ عَليّ بن مهْدي: لَو كَانَ سُؤال مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، مستحيلاً لما أقدم عَلَيْهِ مَعَ كَمَال مَعْرفَته بِاللَّه عز وَجل، وَقَالَ المتكلمون من أهل السّنة: لما علق الله الرُّؤْيَة باستقرار الْجَبَل دلّ على جَوَاز الرُّؤْيَة لِأَن استقراره غير مُسْتَحِيل، أَلا ترى أَن دُخُول الْكفَّار الْجنَّة لما كَانَ مستحيلاً علقه بِشَيْء مُسْتَحِيل فَقَالَ: {لَا يدْخلُونَ الْجنَّة حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط} (الْأَعْرَاف: ٤٠) أَي: فِي خرق الإبرة.

قَالَ ابنُ عبَّاسٍ أرِني أعْطِني

هَذَا التَّعْلِيق وَصله الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {رب أَرِنِي أنظر إِلَيْك} (الْأَعْرَاف: ١٤٣) قَالَ أَعْطِنِي.

٤٦٣٨ - ح دَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ حَدثنَا سُفْيانُ عنْ عَمْروِ بنِ يَحْيَى المَازِنِيِّ عنْ أبِيهِ عنْ أبي سَعيد الخدْرِيِّ رضيَ الله عنهُ قَالَ جاءَ رَجُلٌ منَ اليَهُودِ إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَدْ لُطِمَ وجْهُهُ وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إنَّ رجُلاً منْ أصْحابِكَ منَ الأنْصارِ لَطَمَ فِي وَجْهِي قَالَ ادْعُوهُ فَدَعَوْهُ قَالَ لِم لَطَمْتَ وجْهَهُ قَالَ يَا رسُولَ الله إنِّي مَرَرْتُ بالْيَهُودِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ والَّذِي اصْطَفَى موساى عَلَى البَشَرِ فقُلْتُ وعَلَى مُحَمَّدٍ فَقَالَ وعَلَى مُحَمَّدٍ فأخذَتْني غضْبَةٌ فَلَطَمْتهُ قَالَ: لَا تُخَيِّرُوني مِنْ بَيْنِ الأنْبِياءِ فإنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ فأكونُ أوَّلَ مَنْ يُفُيقُ فإِذَا أَنا بمُوسى آخِذٌ بِقائِمَةٍ منْ قوَائِم العَرْشِ

<<  <  ج: ص:  >  >>