وَعَن الْأَخْفَش: مَعْنَاهُ على الدّلَالَة على صِرَاط مُسْتَقِيم، وَعَن الْكسَائي: هَذَا على الْوَعيد والتهديد، كَقَوْلِك للرجل تخاصمه وتهدده: طريقك عَليّ.
وإنّهُما: لَبِإِمامٍ مُبِينٍ: الإِمامُ كلُّ مَا ائْتَمَمْتَ واهْتَدَيْتَ بِهِ: إِلَى الطّرِيقِ
أَشَارَ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فانتقمنا مِنْهُم وإنهما لَبِإِمام مُبين} (الْحجر: ٩٧) سقط هَذَا وَالَّذِي قبله لأبي ذَر إلَاّ عَن الْمُسْتَمْلِي. قَوْله: (وإنهما) يَعْنِي: مَدِينَة قوم لوط عَلَيْهِ السَّلَام، ومدينة أَصْحَاب الأيكة (لبإمام مُبين) يَعْنِي: بطرِيق وَاضح مستبين، وسمى الطَّرِيق إِمَامًا لِأَنَّهُ يؤتم بِهِ.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ لَعَمْرُكَ لَعَيْشُكَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {لعمرك إِنَّهُم لفي سكرتهم يعمهون} (الْحجر: ٢٧) وَفسّر: لعمرك، بقوله: لعيشك، رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم عَن أَبِيه: حَدثنَا أَبُو صَالح حَدثنَا مُعَاوِيَة عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، وَفِي (تَفْسِير الثَّعْلَبِيّ) : لعمرك يَا مُحَمَّد، يَعْنِي: حياتك (أَنهم) أَي: إِن قوم لوط عَلَيْهِ السَّلَام، (لفي سكرتهم) أَي: ضلالتهم وحيرتهم (يعمهون) أَي: يَتَرَدَّدُونَ، وَعَن مُجَاهِد وَعَن قَتَادَة: يَلْعَبُونَ.
قَوْمٌ مُنْكَرُونَ أنْكَرَهُمْ لُوطٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا جَاءَ آل لوط المُرْسَلُونَ قَالَ إِنَّكُم قوم منكرون} (الْحجر: ١٦ ٢٦) لم يثبت هَذَا وَلَا الَّذِي قبله فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَالْمرَاد بِالْمُرْسَلين الْمَلَائِكَة الَّذين جاؤوا أَولا إِلَى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، وبشروه بِغُلَام يرزقه الله إِيَّاه على كبره، وَلما سَأَلَهُمْ إِبْرَاهِيم بقوله: {فَمَا خطبكم أَيهَا المُرْسَلُونَ. قَالُوا إِنَّا أرسلنَا إِلَى قوم مجرمين} (الْحجر: ٧٥ ٨٥) أَرَادوا بهم قوم لوط، ثمَّ لما جاؤوا لوطاً أنكرهم فَقَالَ: {إِنَّكُم قوم منكرون} (الْحجر: ٢٦) يَعْنِي: لَا أعرفكُم، وَهُوَ معنى قَوْله: أنكرهم لوط، يَعْنِي: مَا عرفهم، وقصته مَشْهُورَة.
وَقَالَ غَيْرُهُ كِتابٌ مَعْلُومٌ أجَلٌ
أَي: قَالَ غير ابْن عَبَّاس فِي تَفْسِير، قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أهلكنا من قَرْيَة إلَاّ وَلها كتاب مَعْلُوم} (الْحجر: ٤) أَي: أجل، وَفِي التَّفْسِير: أجل موقت قد كتبناه لَهُم لَا نعذبهم وَلَا نهلكم حَتَّى يبلغوه، وَهَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر كَمَا ذكره البُخَارِيّ.
لوْ مَا تأتِينا هَلَاّ تَأْتِينَا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وَجل: {لَو مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِن كنت من الصَّادِقين} (الْحجر: ٧) وَفسّر قَوْله: (لَو مَا تَأْتِينَا) بقوله: (هلا تَأْتِينَا) وَالْحَاصِل: أَن لَو، هُنَا للتحضيض، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: لَو ركبت مَعَ ماو لَا، لمعنيين: معنى امْتنَاع الشَّيْء لوُجُود غَيره، وَمعنى التحضيض، وَأما هَل فَلم تركب إلَاّ مَعَ، لَا، وَحدهَا للتحضيض، وَالْمعْنَى: هلا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ يشْهدُونَ بصدقك ويعضدونك على إنذارك.
شِيَعٌ أمَمٌ وللأوْلياءِ أيْضاً شِيَعٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وَجل: {وَلَقَد أرسلنَا من قبلك فِي شيع الْأَوَّلين} (الْحجر: ٠١) وَفسّر قَوْله: شيع، بقوله: أُمَم، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي شيع الْأَوَّلين أَي فِي أُمَم الْأَوَّلين. وَاحِدهَا شيعَة. وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: فِيهِ إِضْمَار تَقْدِيره: وَلَقَد أرسلنَا من قبلك رسلًا فِي شيع الْأَوَّلين، وَقَالَ الْحسن: فرق الْأَوَّلين، والشيعة الْفرْقَة والطائفة من النَّاس. قَوْله: (وللأولياء أَيْضا شيع) أَي: لَهُم شيع. وَقَالَ الطَّبَرِيّ: وَيُقَال ولأولياء الرجل أَيْضا: شيعَة.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ يُهْرَعُونَ مُسْرِعِينَ
هَذَا لَيْسَ من هَذِه السُّورَة، وَإِنَّمَا هُوَ من سُورَة هود، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وجاءه قومه يهرعون إِلَيْهِ وَمن قبل كَانُوا يعْملُونَ السَّيِّئَات} (هود: ٨٧) . وَفسّر ابْن عَبَّاس قَوْله تَعَالَى: {يهرعون} بقوله: مُسْرِعين، وَقد وصل هَذَا التَّعْلِيق ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس. قَوْله: {وجاءه قومه} أَي: جَاءَ لوطاً قومه، وَقد ذكرنَا قصَّته فِي (تاريخنا الْكَبِير) .