أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وعَلى الله قصد السَّبِيل وَمِنْهَا جَائِر وَلَو شَاءَ لهداكم أَجْمَعِينَ} (النَّحْل: ٩) وَفسّر الْقَصْد بِالْبَيَانِ وَكَذَا روى عَن ابْن عَبَّاس أخرجه الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ، قيل: قصد السَّبِيل بَيَان طَرِيق الحكم لكم، وَالْقَصْد الطَّرِيق الْمُسْتَقيم، وَقيل: بَيَان الشَّرَائِع والفرائض، وَعَن ابْن الْمُبَارك: قصد السَّبِيل السّنة. قَوْله: (وَمِنْهَا) أَي: وَمن السَّبِيل، والتأنيث بِاعْتِبَار أَن لفظ السَّبِيل وَاحِد، وَمَعْنَاهَا: الْجمع. قَوْله: (جَائِر) أَي: معوج عَن الاسْتقَامَة.
الدِّفْءُ مَا اسْتَدْفَأْتَ بِهِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {والأنعام خلقهَا لكم فِيهَا دفء وَمَنَافع وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} (النَّحْل: ٥) وَفسّر الدفء بقوله: (مَا استدفأت بِهِ) يَعْنِي: من الأكسية والأبنية، قَالَ الْجَوْهَرِي: الدفء السخونة، تَقول مِنْهُ دفىء الرجل دفاء، مثل كره كَرَاهَة، وَكَذَلِكَ دفىء دفأً مثل ظمىء ظمأ، وَالِاسْم الدفء وَهُوَ الشَّيْء الَّذِي يدفيك، وَالْجمع الأدفاء، وَفسّر الْجَوْهَرِي: الدفء فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة بقوله: النَّفْع بنتاج الْإِبِل وَأَلْبَانهَا، وَمَا ينْتَفع بِهِ مِنْهَا، قَالَ الله تَعَالَى: {لكم فِيهَا دفء} .
تُرِيحُونَ بالعَشيِّ وتَسْرَحُونَ بالغَدَاةِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَلكم فِيهَا جمال حِين تريحون وَحين تسرحون} (النَّحْل: ٦) وَفسّر: تريحون بالْعَشي، وتسرحون بِالْغَدَاةِ وَفِي التَّفْسِير، أَي: تردونها إِلَى مراجها وَهِي حَيْثُ تأوى إِلَيْهِ، وَحين تسرحون ترسلونها بِالْغَدَاةِ إِلَى مراعيها، وَقَالَ قَتَادَة: وَأحسن مَا يكون إِذا راحت عظاماً ضروعها، طوَالًا أسنمتها.
بِشِقِّ يعْنِي المَشَقَّةَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَتحمل أثقالكم إِلَى بلد لم تَكُونُوا بالغيه إلَاّ بشق الْأَنْفس} (النَّحْل: ٧) وَفسّر الشق بالمشقة، وروى الطَّبَرِيّ من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِلَّا بشق الْأَنْفس} أَي: بِمَشَقَّة الْأَنْفس، وَقِرَاءَة الْجُمْهُور بِكَسْر الشين، وَقرأَهَا أَبُو جَعْفَر بن الْقَعْقَاع بِفَتْحِهَا، قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هما بِمَعْنى، وَقَالَ الْفراء: مَعْنَاهُمَا مُخْتَلف بِالْكَسْرِ الْمَشَقَّة وبالفتح من الشق فِي الشَّيْء كالشق فِي الْجَبَل.
عَلَى تَخَوُّفٍ تَنَقُّصٍ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {على تخوف} (النَّحْل: ٧٤) وَفَسرهُ بقوله: (تنقص) وَكَذَا رُوِيَ عَن مُجَاهِد، رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَنهُ، وروى ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس: على تخوف، قَالَ: على تنقص من أَعمالكُم، وَقيل: هُوَ تفعل من الْخَوْف.
الأنْعامِ لِعَبْرَةً وهْيَ تُؤنّثُ وتُذَكّرُ وكَذَلِكَ النَّعَمُ للأنْعامِ جَماعَةُ النَّعَمِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَإِن لكم فِي الْأَنْعَام لعبرة نسقيكم مِمَّا فِي بطونه} (النَّحْل: ٦٦) قَوْله: (لعبرة) ، أَي: لعظة. قَوْله: (نسقيكم) ، قرىء بِفَتْح النُّون وَضمّهَا، قيل: هما لُغَتَانِ، وَقَالَ الْكسَائي، تَقول الْعَرَب: أسقيته لَبَنًا إِذا جعلته لَهُ سقيا دَائِما، فَإِذا أَرَادوا أَنهم أَعْطوهُ شربة قَالُوا: سقيناه. قَوْله: {مِمَّا فِي بطونه} وَلم يقل: بطونها، لِأَن الْأَنْعَام وَالنعَم وَاحِد، وَلَفظ: النعم، مُذَكّر قَالَه الْفراء، فباعتبار ذَلِك ذكّر الضَّمِير. قَوْله: (وَهِي) ، أَي: الْأَنْعَام تؤنث وتذكر. قَوْله: (وَكَذَلِكَ النعم) ، أَي: يذكر وَيُؤَنث، وَقد ذكرنَا الْآن عَن الْفراء أَن النعم مُذَكّر وَيجمع على أنعام وَهِي الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم.
سَرَابِيلَ قُمُصٌ تَقِيكُمُ الحَرَّ وأمَّا سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بأْسَكُمْ فإِنّها الدُّرُوعُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَجعل لكم سرابيل تقيكم الْحر وسرابيل تقيكم بأسكم} وَفسّر سرابيل الأول: بالقمص بِضَم الْقَاف وَالْمِيم جمع قَمِيص من قطن وكتان وصوف، والسرابيل. الثَّانِي: بالدروع. قَوْله: (تقيكم الْحر) أَي: تحفظكم من الْحر، وَمن الْبرد أَيْضا، وَهَذَا من بَاب الِاكْتِفَاء. قَوْله: (بأسكم) أَرَادَ بِهِ شدَّة الطعْن وَالضَّرْب وَالرَّمْي.
(دخَلاً بَيْنَكُمْ كلُّ شَيْءٍ لَمْ يَصِحَّ فَهْوَ دَخَلٌ)