أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِذا لأذقناك ضعف الْحَيَاة وَضعف الْمَمَات ثمَّ لَا تَجِد لَك علينا نَصِيرًا} (الْإِسْرَاء: ٥٧) قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: التَّقْدِير ضعف عَذَاب الْحَيَاة وَضعف عَذَاب الْمَمَات، يُرِيد عَذَاب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، أَي: ضعف مَا يعذب بِهِ غَيره، وَهَذَا تخويف لأمته، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لِئَلَّا يركن أحد من الْمُسلمين إِلَى أحد من الْمُشْركين فِي شَيْء من أَحْكَام الله وشرائعه، وَذَلِكَ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ مَعْصُوما، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: هَذَا وَمَا شابهه محَال فِي حَقه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
خِلَافَكَ وخَلْفَكَ سَوَاءٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا لَا يلبثُونَ خِلافك إِلَّا قَلِيلا} (الْإِسْرَاء: ٦٧) وَكَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَة. قَالَ: وهما لُغَتَانِ بِمَعْنى، وقرىء بهما فالجمهور قرؤوا خَلفك إلَاّ قَلِيلا وَابْن عَامر خِلافك، وَمَعْنَاهُ: إلَاّ قَلِيلا بعْدك.
ونأى تَباعَدَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا أنعمنا على الْإِنْسَان أعرض ونأى بجانبه} (الْإِسْرَاء: ٣٨) وَفسّر قَوْله: (نأى) بقوله: (تبَاعد) . قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَي: تبَاعد منا بِنَفسِهِ، وَعَن عَطاء: تعظم وتكبر، وَيُقَال: نأى من الأضداد.
شاكِلَتِهِ ناحِيَتِهِ وهْيَ مِنْ شَكَلْتُهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {قل كل يعْمل على شاكلته} (الْإِسْرَاء: ٤٨) وفسرها بقوله: ناحيته، وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، وَعَن مُجَاهِد: على حِدته، وَعَن الْحسن وَقَتَادَة: على نِيَّته، وَعَن أبي زيد. على دينه، وَعَن مقَاتل: على جبلته، وَعَن الْفراء: على طَرِيقَته الَّتِي جبل عَلَيْهَا، وَعَن أبي عُبَيْدَة والقتبي: على خليقته وطبيعته: (وَهِي من شكلته) أَي: الشاكلة مُشْتَقَّة من شكلته إِذا قيدته، ويروى: (من شكلته) ، بِالْفَتْح بِمَعْنى الْمثل، وبالكسر بِمَعْنى الدن.
صَرَّفْنا وجَّهْنا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد صرفنَا للنَّاس فِي هَذَا الْقُرْآن} (الْإِسْرَاء: ٩٨) وَفَسرهُ بقوله: وجهنا، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة وَيُقَال: أَي وَبينا من الْأَمْثَال وَغَيرهَا مِمَّا يُوجب الِاعْتِبَار بِهِ.
قَبِيلاً مُعايَنَةً ومُقابَلَةً وقِيلَ القابِلَةُ لأنّها مُقابِلَتُها تَقْبَلُ ولدَها
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {أَو تَأتي بِاللَّه وَالْمَلَائِكَة قبيلاً} (الْإِسْرَاء: ٢٩١) وَفَسرهُ بقوله: مُعَاينَة ومقابلة. قَوْله: (وَقيل الْقَابِلَة) ، أَرَادَ أَنه قيل للْمَرْأَة الَّتِي تتلقى الْوَلَد عِنْد الْولادَة قَابِلَة لِأَنَّهَا مقابلتها، أَي: مُقَابلَة الْمَرْأَة الَّتِي تولدها. قَوْله: (تقبل وَلَدهَا) أَي: تتلقاه عِنْد الْولادَة، يُقَال: قبلت الْقَابِلَة الْمَرْأَة تقبلهَا قبالة بِالْكَسْرِ، أَي: تَلَقَّتْهُ عِنْد الْولادَة، وَقَالَ ابْن التِّين: ضَبطه بَعضهم بتقبل وَلَدهَا بِضَم الْمُوَحدَة وَلَيْسَ ببين قلت: تقبل بِالْفَتْح هُوَ الْبَين لِأَنَّهُ من بَاب علم يعلم، وَقد يظنّ أَن تقبل وَلَدهَا من التَّقْبِيل، وَلَيْسَ بِظَاهِر.
خَشْيَةَ الإنْفاقِ أنْفَقَ الرَّجُلُ أمْلَقَ ونَفَقَ الشَّيْءُ ذِهَبَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِذا لامستكم خشيَة الْإِنْفَاق وَكَانَ الْإِنْسَان قتوراً} (الْإِسْرَاء: ٠٠١) وَفسّر الْإِنْفَاق الإملاق، وروى ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق السّديّ، قَالَ: خشيَة الْإِنْفَاق، أَي: خشيَة أَن تنفقوا فتفتقروا. قَوْله: (ونفق الشَّيْء ذهب) بِفَتْح الْفَاء وَقيل بِكَسْرِهَا، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وَأَشَارَ بِهِ أَيْضا إِلَى الْفرق بَين الثلاثي والمزيد من حَيْثُ الْمَعْنى، وَفِي هَذِه السُّورَة أَيْضا قَوْله: {وَلَا تقتلُوا أَوْلَادكُم خشيَة إملاق} (الْإِسْرَاء: ١٣) الإملاق الْفقر وَقد خبط بَعضهم هُنَا خباطاً لَا ينجلي، وَقد طويت ذكره.
قَتُوراً مُقَتِّراً
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَكَانَ الْإِنْسَان قتوراً} (الْإِسْرَاء: ٠٠١) وَقَالَ: إِن قتوراً الَّذِي على وزن: فعول، بِمَعْنى: مقتراً، على وزن إسم الْفَاعِل من الإقتار، وَمَعْنَاهُ: بَخِيلًا ممسكاً، يُقَال: قتر يقتر قتراً وأقتر إقتاراً: إِذا قصر فِي الْإِنْفَاق.
للأذْقانِ مُجْمَعُ اللَّحْيَيْنِ والوَاحِدُ ذَقَنٌ