أَي: قَالَ قَتَادَة فِي تَفْسِير: (جذاذاً) فِي قَوْله عز وَجل: {فجعلهم جذاذاً إلَاّ كَبِيرا} (الْأَنْبِيَاء: ٨٥) قطعهن، رَوَاهُ الْحَنْظَلِي عَن مُحَمَّد بن يحيى عَن الْعَبَّاس بن الْوَلِيد عَن يزِيد بن زُرَيْع عَن قَتَادَة، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: جذاذاً أَي: كسروا قطعا، جمع جذيذ كخفاف جمع خَفِيف، وَقَرَأَ الْكسَائي بِكَسْر الْجِيم وَالْبَاقُونَ بِالضَّمِّ، وبالضم يَقع على الْوَاحِد والاثنين وَالْجمع والمذكر والمؤنث.
وَقَالَ الحَسَنُ فِي فَلَكٍ مِثْلٍ مِثْلِ فَلْكَةِ المِغْزَلِ
أَي: قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ فِي تَفْسِير: فلك، فِي قَوْله تَعَالَى: {كل فِي فلك يسبحون} (الْأَنْبِيَاء: ٣٣) مثل فلكة المغزل، وَرَوَاهُ ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو عَن الْحسن، وَعَن مُجَاهِد: كَهَيئَةِ حَدِيدَة الرَّحَى، وَعَن الضَّحَّاك: فلكها مجْراهَا وَسُرْعَة سَيرهَا، وَقيل: الْفلك موج مكفوف تجْرِي الْقَمَر وَالشَّمْس فِيهِ، وَقيل: الْفلك السَّمَاء الَّذِي فِيهِ تِلْكَ الْكَوَاكِب.
يَسْبَحُونَ يَدُورُونَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {كل فِي فلك يسبحون} وَفَسرهُ بقوله: (يدورون) وَرَوَاهُ ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس: يسبحون يدورون حوله، وَقيل: يجرونَ، وَجعل الضَّمِير وَاو الْعُقَلَاء للوصف بفعلهم.
قَالَ ابنُ عبَّاسٍ نَفَشَتْ رَعَتْ لَيْلاً
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {إِذْ نفشت فِيهِ غنم الْقَوْم} (الْأَنْبِيَاء: ٨٧) إِن معنى نفشت رعت لَيْلًا، وَصله ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، وَهُوَ قَول أهل اللُّغَة: نفشت إِذا رعت لَيْلًا بِلَا رَاع، وَإِذا رعت نَهَارا بِلَا رَاع أهملت، وَعند ابْن مرْدَوَيْه: كَانَ كرماً أينع. قَوْله: لَيْلًا، لم يثبت إلَاّ فِي رِوَايَة أبي ذَر.
يُصْحَبُونَ يُمْنَعُونَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {ولاهم منا يصحبون} (الْأَنْبِيَاء: ٣٤) وَفَسرهُ بقوله: (يمْنَعُونَ) وَوَصله ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: يمْنَعُونَ، وَعَن مُجَاهِد: ولاهم منا ينْصرُونَ ويحفظون، وَعَن قَتَادَة: لَا يصحبون من الله بِخَير.
أُمَّتُكمْ أمَّةً واحِدَةً قَالَ دِينُكُمْ دِينٌ واحِدٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِن هَذِه أمتكُم أمة وَاحِدَة وَأَنا ربكُم فاعبدون} وَفسّر الْأمة بِالدّينِ، وَعَن قَتَادَة، قَالَ: إِن هَذِه أمتكُم، أَي: دينكُمْ. قَوْله: قَالَ: (دينكُمْ) أَي قَالَ ابْن عَبَّاس: وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ: قَالَ، وَنصب: أمتكُم، على الْقطع.
وَقَالَ عِكْرَمَةُ حَصَبُ حَطَبُ بالحَبَشِيَّةِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِنَّكُم وَمَا تَعْبدُونَ من دون الله حصب جَهَنَّم} (الْأَنْبِيَاء: ٨٩) وَقَالَ عِكْرِمَة: الحصب هُوَ الْحَطب بلغَة الْحَبَش، وَلَيْسَ هَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَعَن ابْن عَبَّاس: يَعْنِي الْأَصْنَام وقود جَهَنَّم، وَقَرَأَ بِالطَّاءِ، وَكَذَا رُوِيَ عَن عَائِشَة، وَقيل: الحصب فِي لُغَة أهل الْيمن الْحَطب، وَعَن ابْن عَبَّاس أَيْضا أَنه قَرَأَهَا بالضاد الساقطة المنقوطة وَهُوَ مَا هيجت بِهِ النَّار.
وَقَالَ غَيْرُهُ أحَسُّوا تَوَقَّعُوهُ مِنْ أحْسَسْتُ
أَي: قَالَ غير عِكْرِمَة فِي معنى: (أحسوا) فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا أحسوا بأسنا إِذا هم مِنْهَا يركضون} (الْأَنْبِيَاء: ٢١) قَالَ: مَعْنَاهُ توقعوه، أَي الْعَذَاب، وَفِي التَّفْسِير أَي: لما رَأَوْا عذابنا إِذا هم مِنْهَا، أَي: من الْقرْيَة يركضون أَي: يخرجُون مُسْرِعين، والركض فِي الأَصْل ضرب الدَّابَّة بِالرجلِ، وَقيل للسقي. قَالَ معمر: مَوضِع، قَالَ غير عِكْرِمَة وَمعمر بِفَتْح الميمين هُوَ أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى. قَوْله: (من أحسست) يَعْنِي أحسوا مُشْتَقّ من أحسست من الإحساس وَهُوَ فِي الأَصْل الْعلم بالحواس وَهِي مشاعر الْإِنْسَان كَالْعَيْنِ وَالْأُذن وَالْأنف وَاللِّسَان وَالْيَد، وَمن هَذَا قَالَ بعض الْمُفَسّرين: يَعْنِي فَلَمَّا أحسوا أَي فَلَمَّا أدركوا بحواسهم شدَّة عذابنا وبطشنا علم حس ومشاهدة لم يشكوا فِيهَا إِذا هم مِنْهَا يركضون أَي يهربون سرَاعًا.
خامِدِينَ هَامِدِينَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى جعلناهم حصيداً خامدين} (الْأَنْبِيَاء: ٥١) وَفَسرهُ بقوله: (هامدين) وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، يُقَال: همدت النَّار تمهد هموداً، أَي: طفيت وَذَهَبت الْبَتَّةَ، والهمدة السكتة وهمد الثَّوْب يهمد هموداً أَي: بلَى وأهمد فِي الْمَكَان أَقَامَ، وأهمد فِي السّير أسْرع، وَهَذَا الْحَرْف من الأضداد وَأَرْض هامدة لَا نَبَات بهَا ونبات هامد يَابِس، وَفِي التَّفْسِير معنى خامدين ميتين.