(بِسم الله الرحمان الرَّحِيم)
مِنْ خِلَالِهِ مِنْ بَيْنِ أضْعافِ السَّحابِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فترى الودق يخرج من خلاله} (النُّور: ٣٤) وَفَسرهُ بقوله: (من بَين أَضْعَاف السَّحَاب) ، وَهَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة. والخلال جمع خلل وَهُوَ الْوسط، وَيُقَال: الْخلَل مَوضِع الْمَطَر، والودق الْمَطَر.
سَنا بَرْقِهِ الضِّياءُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {يكَاد سنا برقه يذهب بالأبصار} (النُّور: ٣٤) من شدَّة ضوئه وبرقه.
مُذْعِنِينَ يُقالُ لِلْمُسْتَخْذِي مُذْعِنٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَإِن يكن لَهُم الْحق يَأْتُوا إِلَيْهِ مذعنين} (النُّور: ٩٤) وَأَشَارَ بقوله: (يُقَال) : ... إِلَى آخِره: أَن معنى: مذعنين، مستخذين من استخذى بِالْخَاءِ والذال المعجمتين أَي: خضع، قَالَه الْكرْمَانِي، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: يُقَال خذت النَّاقة تخذي أسرعت مثل وخذت وخوذت كُله بِمَعْنى وَاحِد، وَقَالَ أَيْضا: خذا الشَّيْء يخذو وخذواً: استرخي، وخذي بِالْكَسْرِ مثله، وَأما المذعن فَمن الإذعان وَهُوَ الْإِسْرَاع، قَالَ الزّجاج: يُقَال أذعن لي بحقي أَي: طاوعني لما كنت ألتمس مِنْهُ وَصَارَ يسْرع إِلَيْهِ.
أشْتاتاً وشَتَّى وشَتاتٌ وشَتٌّ واحِدٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَو أشتاتاً} (النُّور: ١٦) قَوْله: (أشتاتاً) فِي مَحل الرّفْع على الِابْتِدَاء بِتَقْدِير قَوْله: (أشتاتاً) ، وَقَوله: (وشتى وشتات وشت) عطف عَلَيْهِ. قَوْله: (وَاحِد) خبر الْمُبْتَدَأ، والأشتات جمع شت والشت مُفْرد، وَمعنى أشتاتاً: مُتَفَرّقين.
وَقَالَ ابْنُ عبّاسٍ سُورَةٌ أنْزَلْناها بَيّنَّاها
كَذَا وَقع وَقَالَ عِيَاض كَذَا فِي النّسخ وَالصَّوَاب: أنزلناها وفرضناها بيناها، فَقَوله: (بيناها) تَفْسِير: فرضناها، وَيُؤَيّد قَول عِيَاض مَا رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: فرضناها، يَقُول: بيناها.
وَقَالَ غَيْرُهُ سمِّيَ القُرْآنُ لِجماعهِ السُّوَرِ وسُمِّيَتِ السُّورَةُ لِأَنَّهَا مَقْطُوعَةٌ مِنَ الأخْرَى فَلَمّا قُرِنَ بَعْضُها إِلَى بَعْضٍ سُمِّيَ قُرْآناً.
أَي: قَالَ غير ابْن عَبَّاس، وَهُوَ قَول أبي عُبَيْدَة. قَوْله: (لجَماعَة السُّور) ، قَالَ الْكرْمَانِي: السُّور بِالنّصب بِأَن يكون مفعول الْجِمَاع بِمَعْنى الْجمع مصدرا وَهُوَ بِكَسْر الْجِيم وهاء الضَّمِير، وبالجر بِأَن يكون مُضَافا إِلَيْهِ، وَالْجَمَاعَة بِمَعْنى الْجمع ضد الْمُفْرد وَهُوَ بِفَتْح الْجِيم وتاء التَّأْنِيث. قَوْله: (وَسميت السُّور) ، وَهِي الطَّائِفَة من الْقُرْآن محدودة. وَأما من السُّورَة الَّتِي هِيَ الرُّتْبَة لِأَن السُّور بِمَنْزِلَة الْمنَازل والمراتب، وَأما من السؤر الَّتِي هِيَ الْبَقِيَّة من الشَّيْء فقلبت همزتها واواً لِأَنَّهَا قِطْعَة من الْقُرْآن.
وَقَالَ سَعْدُ بنُ عِيَاضٍ الثُّمالِيُّ. المِشْكَاة الكُوَّةُ بِلِسانِ الحَبَشَةِ
سعد بن عِيَاض من التَّابِعين من أَصْحَاب ابْن مَسْعُود، وَقَالَ ابْن عبد الْبر: حَدِيثه مُرْسل وَلَا يَصح لَهُ صُحْبَة، والثمالي، بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَتَخْفِيف الْمِيم: نِسْبَة إِلَى ثمالة فِي الأزد وَفِي ألهان وَفِي تَمِيم، وَالَّذِي فِي الأزد ثمالة هُوَ عَوْف بن أسلم بن كَعْب، وَالَّذِي فِي ألهان ثمالة بن ألهان، وَالَّذِي فِي تَمِيم ثمالة وَهُوَ عبد الله بن حرَام بن مجاشع بن دارم. قَوْله: (الْمشكاة الكوة) ، بِفَتْح الْكَاف وَضمّهَا، وَقَالَ الواحدي: وَهِي عِنْد الْجَمِيع غير نَافِذَة، وَقيل: الْمشكاة الَّتِي يعلق بهَا الْقنْدِيل يدْخل فِيهَا الفتيلة، وَقيل: الْمشكاة الْوِعَاء من أَدَم يبرد فِيهَا المَاء، وَعَن مُجَاهِد: هِيَ الْقنْدِيل، وَقَالَ ابْن كَعْب: الْمشكاة صَدره والمصباح الْإِيمَان وَالْقُرْآن والزجاجة قلبه، والشجرة الْمُبَارَكَة الْإِخْلَاص.
وقَوْلُهُ تَعالى: {إنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وقُرْآنَهُ} (الْقِيَامَة: ٧١) تألِيفَ بَعْضِهِ إِلَى بعْضٍ: {فإذَا قرَأناهُ فاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} فَإِذا جَمَعْناهُ وألْفْناهُ فاتّبِعْ قُرْآنَهُ أيْ مَا جُمِعَ فِيهِ فاعْمَلْ بِمَا أمَرَكَ وانْتَهِ عَمّا نِهاكَ الله: ويُقالُ لَيْس