مضى فِي أَوَائِل تَفْسِير سُورَة الْبَقَرَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة حَدثنَا جرير عَن مَنْصُور عَن أبي وَائِل عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل عَن عبد الله، قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكره مُخْتَصرا. وَقَالَ: أعظم بدل أكبر.
قَوْله: (قَالَ وحَدثني) وأصل الْقَائِل هُوَ سُفْيَان الثَّوْريّ، وَالْحَاصِل أَن الحَدِيث عِنْد سُفْيَان عَن ثَلَاثَة أنفس: أما إثنان مِنْهُمَا فأدخلا فِيهِ بَين أبي وَائِل وَعبد الله أَبَا ميسرَة، وَأما الثَّالِث وَهُوَ وَاصل فأسقطه، وَقد رَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن سُفْيَان عَن الثَّلَاثَة عَن أبي وَائِل عَن أبي ميسرَة عَن عبد الله فعدوه وهما، وَالصَّوَاب إِسْقَاط أبي ميسرَة من رِوَايَة وأصل. وَالله أعلم. قَوْله: (سَأَلت أَو سُئِلَ) شكّ من الرَّاوِي، وَفِي رِوَايَة قلت: يَا رَسُول الله. قَوْله: (أكبر) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: أعظم. قَوْله: (ندا) ، بِكَسْر النُّون وَتَشْديد الدَّال أَي: نظيراً. قَوْله: (خشيَة أَن يطعم مَعَك) أَي: لأجل خشيَة، إطعامه مَعَك. فَإِن قيل: لَو لم يُقيد بهَا لَكَانَ الحكم كَذَلِك. وَأجِيب: بِأَن لَا اعْتِبَار لهَذَا الْمَفْهُوم لِأَن شَرطه أَن لَا يخرج الْكَلَام مخرج الْغَالِب. وَكَانَت عَادَتهم قتل الْأَوْلَاد لخشيتهم ذَلِك. قَوْله: (بحليلة جَارك) ، أَي: بامرأته، والحليلة على وزن فعيلة، أما من الْحل لِأَنَّهَا تحل لَهُ، وَإِمَّا من الْحُلُول لِأَنَّهَا تحل مَعَه وَيحل مَعهَا. فَإِن قلت: الْقَتْل وَالزِّنَا فِي الْآيَة مطلقان، وَفِي الحَدِيث مقيدان؟ قلت: لِأَنَّهُمَا بالقيد أعظم وأفحش، وَلَا مَانع من الِاسْتِدْلَال لذَلِك بِالْآيَةِ.
٢٦٧٤ - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى أخْبرنا هِشامُ بنُ يُوسُفَ أنَّ ابنَ جُرَيْجٍ أخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبرنِي القاسِمُ بنُ أبي بَزَّةَ أنَّهُ سألَ سَعِيدَ بنَ جُبَيْرٍ هَلْ لِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً مِنْ تَوْبَةٍ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ: {ولَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إلاّ بالحَقِّ} (الْفرْقَان: ٨٦) فَقَالَ سعِيدٌ قَرَأْتُها عَلَى ابنِ عَبَّاسٍ كَمَا قَرَأْتَها عَلَيَّ فَقَالَ هاذِهِ مَكِّيَّةٌ نَسَخَتْها آيةٌ مَدَنِيَّةٌ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّساءِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَابْن جريج عبد الْملك، وَالقَاسِم بن بزَّة، بِفَتْح الْبَاء وَتَشْديد الزَّاي، وَاسم أبي بزَّة نَافِع بن يسَار، وَيُقَال: يسَار إسم أبي بزَّة، وَيُقَال: أَبُو بزَّة جد الْقَاسِم لَا أَبوهُ، وَهُوَ مكي تَابِعِيّ ثِقَة، وَهُوَ وَالِد جد البزي المقرىء، وَهُوَ أَحْمد بن عبد الله بن الْقَاسِم، وَلَيْسَ للقاسم فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
قَوْله: (فَقَالَ سعيد) ، أَي: سعيد بن جُبَير. قَوْله: (فِي سُورَة النِّسَاء) ، هِيَ قَوْله تَعَالَى: {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} (النِّسَاء: ٣٩) وَلَيْسَ فِيهَا اسْتثِْنَاء التائب بِخِلَاف هَذِه الْآيَة إِذْ قَالَ الله تَعَالَى فِيهَا: {إلَاّ من تَابَ وآمن وَعمل عملا صَالحا فَأُولَئِك يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} (الْفرْقَان: ٠٧) فَإِن قيل: كَيفَ قَالَ ابْن عَبَّاس لَا تَوْبَة للْقَاتِل، وَقَالَ الله عز وَجل: {وتوبوا إِلَى الله جَمِيعًا} (النُّور: ١٣) وَقَالَ: {إِن الله هُوَ يقبل التَّوْبَة عَن عباده} (التَّوْبَة: ٤٠١) وَأجْمع الْأَئِمَّة على وجوب التَّوْبَة. أُجِيب: بِأَن ذَلِك مَحْمُول فِيهِ على الِاقْتِدَاء بِسنة الله فِي التَّغْلِيظ وَالتَّشْدِيد، وإلَاّ فَكل ذَنْب قَابل للتَّوْبَة، وناهيك بمحو الشّرك دَلِيلا.
٣٦٧٤ - حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشّارٍ حدَّثنا غُنْدَرٌ حَدثنَا شُعْبَةُ عنِ المُغِيرَةِ بنِ النعْمانِ عنْ سَعِيدِ ابْن جُبَيْر قَالَ اخْتَلَفَ أهْلُ الكُوفَةِ فِي قَتْلِ المُؤْمِنِ فَرَحَلْتُ فِيهِ إِلَى ابنِ عَبّاسٍ فَقَالَ نَزَلَتْ فِي آخِرِ مَا نَزَلَ وَلَمْ يَنْسَخْها شَيْءٌ..
هَذَا طَرِيق آخر عَن سعيد بن جُبَير، وغندر بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَقد مر كثيرا وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي سُورَة النِّسَاء.
٤٦٧٤ - حدَّثنا آدَمُ حَدثنَا شَعْبَةُ حَدثنَا مَنْصُورٌ عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ قَالَ قَالَ سألْتُ ابنَ عبّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ قَالَ لَا تَوْبَةَ لَهُ وَعٌ قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {لَا يَدْعُونَ مَعَ الله إلاهاً آخَرَ} قَالَ كانَتْ هاذِهِ فِي الجاهِلِيَّةِ..
هَذَا أَيْضا عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس. قَوْله: (كَانَت هَذِه) ، أَي قَوْله تَعَالَى: {لَا يدعونَ مَعَ الله إل هَا آخر} قَوْله: (فِي