هُنَا شَيْئا بل قَالَ: الْكَلَام الأول من قَول مُجَاهِد، وَمن جمع أيكة ... الخ من كَلَام أبي عُبَيْدَة، وحاشا من مُجَاهِد وَمن أبي عُبَيْدَة أَن يَقُولَا الأيكة جمع أيكة. قَوْله: (وَهِي جمع شجر) ، كَذَا للأكثرين، وَعند أبي ذَر: وَهِي جمع الشّجر، وَفِي بعض النّسخ وَهِي جمَاعَة الشّجر، وعَلى كل التَّقْدِير: هَذَا فِي نفس الْأَمر تَفْسِير غيضة الَّتِي يُفَسر بهَا الأيكة، لِأَن الغيضة هِيَ جمَاعَة الشّجر، وَإِذا لم يُفَسر الأيكة بالغيضة لَا يَسْتَقِيم هَذَا الْكَلَام. فَافْهَم فَإِنَّهُ مَوضِع التَّأَمُّل.
يَوْمِ الظُّلَّةِ أظْلَالُ العَذَابِ إيَّاهُمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَأَخذهُم عَذَاب يَوْم الظلة} وَفسّر (يَوْم الظلة) بقوله: (إظلال الْعَذَاب إيَّاهُم) ، وَفِي التَّفْسِير معنى الظلة هُنَا: السَّحَاب الَّتِي أظلتهم.
مَوْزُونٍ مَعْلُومٍ
هَذَا غير وَاقع فِي مَحَله فَإِنَّهُ فِي سُورَة الْحجر، وَكَأَنَّهُ من جهل النَّاسِخ لعدم تَمْيِيزه، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {وأنبتنا فِيهَا من كل شَيْء مَوْزُون} (الْحجر: ٩١) .
كالطَّوْدِ الجَبَلِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَكَانَ كل فرق كالطود الْعَظِيم} (الشُّعَرَاء: ٣٦) وَفسّر الطود بِالْجَبَلِ، وَوَقع هَذَا لأبي ذَر مَنْسُوبا إِلَى ابْن عَبَّاس، وَلغيره مَنْسُوبا إِلَى مُجَاهِد، وَفِي بعض النّسخ: كالطود الْجَبَل.
الشِّرْذِمَةُ طائِفَةٌ قَلِيلَةٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِن هَؤُلَاءِ لشرذمة قَلِيلُونَ} (الشُّعَرَاء: ٤٥) وَفسّر الشرذمة (بطَائفَة قَليلَة) ، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: أرسل فِرْعَوْن فِي إِثْر مُوسَى لما خرج مَعَ بني إِسْرَائِيل ألف ألف وَخَمْسمِائة ألف ملك، مَعَ كل ملك ألف فَارس، وَخرج فِرْعَوْن فِي الْكُرْسِيّ الْعَظِيم فَكَانَ فِيهِ ألفا ألف فَارس. فَإِن قلت: رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أتبعه فِرْعَوْن فِي ألفي حصان سوى الْإِنَاث وَكَانَ مُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سِتّمائَة ألف من بني إِسْرَائِيل، فَقَالَ فِرْعَوْن: إِن هَؤُلَاءِ لشرذمة قَلِيلُونَ، فَكيف التَّوْفِيق بَين الْكَلَامَيْنِ؟ قلت: يحْتَمل أَن يكون مُرَاد ابْن عَبَّاس: خَواص فِرْعَوْن الَّذين كَانُوا يلازمونه لَيْلًا وَنَهَارًا، وَلم يذكر غَيرهم، على أَن الَّذِي ذكره الثَّعْلَبِيّ لَا يَخْلُو عَن نظر، وَقد رُوِيَ عَن عبد الله، قَالَ: كَانُوا سِتّمائَة ألف وَسبعين ألفا.
فِي السَّاجِدِينَ المُصَلِّينَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {الَّذِي يراك حِين تقوم وتقلبك فِي الساجدين} (الشُّعَرَاء: ٨١٢ ٩١٢) وَفسّر الساجدين بالمصلين، وَكَذَا فسره الْكَلْبِيّ، وَقَالَ: الَّذِي يرى تصرفك مَعَ الْمُصَلِّين فِي أَرْكَان الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة قَائِما وَقَاعِدا وراكعاً وساجداً. قَالَ الثَّعْلَبِيّ: هُوَ رِوَايَة عَن ابْن عَبَّاس.
قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ كأنَّكُمْ
أَي قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {وتتخذون مصانع لَعَلَّكُمْ تخلدون} (الشُّعَرَاء: ٩٢١) إِن معنى: لَعَلَّكُمْ كأنكم، وَقَرَأَ أبي بن كَعْب: كأنكم تخلدون، وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: {لَعَلَّكُمْ تخلدون} ، وَعَن الواحدي: كل مَا فِي الْقُرْآن: لَعَلَّ، فَهُوَ للتَّعْلِيل إلَاّ هَذَا الْحَرْف فَإِنَّهُ للتشبيه، قيل: فِي الْحصْر نظر لِأَنَّهُ قد قيل مثل ذَلِك فِي قَوْله: {لَعَلَّك باخع نَفسك} (الشُّعَرَاء: ٣) .
الرِّيعُ الأيْفاعُ مِنَ الأرْضِ وَجَمْعُهُ رِيَعَةٌ وأرْياع واحِدَ الرِّيَعَةِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {أتبنون بِكُل ريع آيَة تعبثون} (الشُّعَرَاء: ٨٢١) . وَقَالَ: (الرّيع الأيفاع من الأَرْض) ، الأيفاع بِفَتْح الْهمزَة جمع يافع وَهُوَ الْمَكَان الْمُرْتَفع من الأَرْض، وَمِنْه يُقَال: غُلَام يافع من أَيفع الْغُلَام أَي: ارْتَفع، وَالصَّوَاب: اليفاع من الأَرْض بِفَتْح الْيَاء وَالْفَاء وَهُوَ الْمُرْتَفع مِنْهَا، وَقد فسر الرّيع بِكَسْر الرَّاء بقوله: الايفاع واليفاع من الأَرْض، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: يُقَال: غُلَام يافع ويفع ويفعة وغلمان أيفاع ويفعة أَيْضا، وَقَالَ: والريع بِالْكَسْرِ الْمُرْتَفع من الأَرْض، وَقَالَ عمَارَة: هُوَ الْجَبَل، والريع أَيْضا: الطَّرِيق. قلت: وَكَذَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ، وَقيل: الْفَج بَين الجبلين، وَعَن مُجَاهِد: الثَّنية الصَّغِيرَة وَعَن عِكْرِمَة وادٍ، وَعَن ابْن عَبَّاس: بِكُل ريع يَعْنِي: بِكُل شرف، والريع بِالْفَتْح النَّمَاء، وَمِنْه ريع الاملاك. قَوْله: (وَجمعه) ، أَي: جمع الرّيع (ريعة) بِكَسْر الرَّاء وَفتح الْيَاء