عبيد الله ال ابنُ عَبَّاسٍ لِكَي يُصَدِّقُنِي. وَقَالَ غيْرُهُ سَنَشُدُّ كُلَّما عَزَّزْتَ شَيْئاً فَقَدْ جَعَلْتَ لَهُ عَضُداً
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ردأ يصدقني} (الْقَصَص: ٤٣) لكَي يصدقني، وَفِي التَّفْسِير: يصدقني أَي: مُصدقا وَلَيْسَ الْغَرَض بتصديقه أَن يَقُول لَهُ: صدقت، أَو يَقُول للنَّاس: صدق مُوسَى، وَإِنَّمَا هُوَ أَن يلخس بِلِسَانِهِ الْحق أَو يبسط القَوْل فِيهِ، ويجادل بِهِ الْكفَّار كَمَا يفعل الرجل المنطيق ذُو الْمُعَارضَة. قَوْله: (قَالَ غَيره) ، أَي: غير ابْن عَبَّاس فِي معنى قَول الله تَعَالَى: {سنشد عضدك بأخيك} (الْقَصَص: ٥٣) سنعينك. وَقيل: سنقويك بِهِ، وَشد العضدد كِنَايَة عَن التقوية. قَوْله: (كلما عززت) ، من: عز فلَان أَخَاهُ إِذا قوَّاه، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {فعززنا بثالث} (يس: ٢٤١) يُخَفف ويشدد أَي: قوينا وشددنا.
مَقْبُوحِينَ: مُهْلَكِينَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَيَوْم الْقِيَامَة هم من المقبوحين} (الْقَصَص: ٢٤) وَفَسرهُ بقوله: (مهلكين) ، وَهَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وَقَالَ غَيره: أَي من المتعدين الملعونين من الْقبْح وَهُوَ الإبعاد. وَقَالَ ابْن زيد: يُقَال: قبح الله فلَانا قبحاً وقبوحاً، أَي: أبعده من كل خير، وَقَالَ الْكَلْبِيّ: يَعْنِي سَواد الْوَجْه وزرقة الْعين، وعَلى هَذَا يكون بِمَعْنى المقبحين.
وصَّلْنا: بَيَّنَّاه وأتْمَمْناهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد وصلنا لَهُم القَوْل لَعَلَّهُم يتذكرون} (الْقَصَص: ١٥) وَفسّر: وصلناه بقوله: (بَيناهُ) وَعَن السّديّ كَذَلِك، وَعَن الْفراء: أتبعنا بعضه بَعْضًا فاتصل. قَوْله: (وأتممناه) ، الضَّمِير الْمَنْسُوب فِيهِ فِي بَيناهُ يرجع إِلَى القَوْل، الْمَعْنى: بَينا لكفار مَكَّة فِي الْقُرْآن من خبر الْأُمَم الْمَاضِيَة كَيفَ عذبُوا بتكذيبهم.
يُحْياى: يُجْلَبُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {يجبى إِلَيْهِ ثَمَرَات كل شَيْء} (الْقَصَص: ٧٥) وَفسّر: يجبى بقوله: (يجلب) وَقَرَأَ نَافِع: تجبى، بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ. قَوْله: (إِلَيْهِ) أَي: إِلَى الْحرم، وَالْمعْنَى: يجلب وَيحمل من النواحي ثَمَرَات كل شَيْء رزقا من لدنا أَي: من عندنَا.
بَطِرَتْ: أشِرَتْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَكم أهلكنا من قَرْيَة بطرت معيشتها} (الْقَصَص: ٨٥) وَفسّر قَوْله: (بطرت) ، بقوله: (أَشرت) ، أَي: طغت وبغت، وَقَالَ ابْن فَارس: البطر تجَاوز الْحَد فِي المرح، وَقيل: هُوَ الطغيان بِالنعْمَةِ.
فِي أُمِّها رَسُولا أُمُّ القُرَى مَكّةُ وَمَا حَوْلَها
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ رَبك مهلك الْقرى حَتَّى يبْعَث فِي أمهَا رَسُولا} (الْقَصَص: ٩٥) ، الْآيَة. وَذكر أَن المُرَاد بِأم الْقرى مَكَّة وَمَا حولهَا، سميت بذلك لِأَن الأَرْض دحيت من تحتهَا.
{تُكِنُّ تُخْفِي أكْنَنْتُ الشَّيْءَ أخْفَيْتُهُ وكَنَنْتُهُ أخفَيْتُهُ وأظْهَرْتُهُ}
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَرَبك يعلم مَا تكن صُدُورهمْ مَا يعلنون} (الْقَصَص: ٩٦) وَفسّر: (تكن) ، بقوله: (تخفي) وتكن، بِضَم التَّاء من أكننت الشَّيْء إِذا أخفيته. قَوْله: (وكننته) من الثلاثي وَمَعْنَاهُ: خفيته بِدُونِ الْهمزَة فِي أَوله أَي: أظهرته، وَهُوَ من الأضداد، وَوَقع فِي الْأُصُول: أخفيته فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِالْهَمْزَةِ فِي أَوله وَلأبي ذَر بِحَذْف الْألف فِي الثَّانِي وَكَذَا قَالَ ابْن فَارس أخفيته سترته وخفيته أظهرته.
{وَيْكَأنَّ الله} مِثْلُ: {ألم تَرَ أَن الله يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ} (الْقَصَص: ٢٨) يُوَسِّعُ عَلَيْهِ وَيُضَيِّقُ عَلَيْهِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَأصْبح الَّذين تمنوا مَكَانَهُ بالْأَمْس يَقُولُونَ وي كَأَن الله يبسط الرزق لمن يشار من عباده وَيقدر} وَهَذَا وَقع لغير أبي ذَر، وَفسّر قَوْله: (وي كَأَن الله) بقوله: مثل: (ألم تَرَ) إِلَى آخِره، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ وي، مفصولة عَن: كَأَن، وَهِي كلمة تَنْبِيه على الْخَطَأ وَهُوَ مَذْهَب الْخَلِيل وسيبويه، وَعند الْكُوفِيّين إِن: وَبِك بِمَعْنى: وَيلك، وَأَن الْمَعْنى: ألم تعلم أَنه لَا يفلح الْكَافِرُونَ، وَيجوز أَن يكون الْكَاف كَاف الْخطاب مَضْمُومَة إِلَى وي، وَأَنه بِمَعْنى: لِأَنَّهُ، وَالْكَلَام لبَيَان الْمَقُول لأَجله هَذَا القَوْل أَو لِأَنَّهُ لَا يفلح الْكَافِرُونَ. قَوْله: (وَيقدر) ، أَي: ويقتر. قَوْله: (يُوسع عَلَيْهِ) ، يرجع إِلَى قَوْله: {يبسط الرزق} وَقَوله: (يضيق عَلَيْهِ) يرجع إِلَى قَوْله: (وَيقدر) .