(واشعث قوام بآيَات ربه ... الأبيات)
وَذكر أَبُو محنف لوط فِي كِتَابه (حَرْب الْجمل) : الَّذِي قتل مُحَمَّدًا مُدْلِج بن كَعْب، رجل من بني سعد بن بكر، وَفِي كتاب الزبير بن أبي بكر: كَانَ مُحَمَّد أَمرته عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، بِأَن يكف يَده فَكَانَ كلما حمل عَلَيْهِ رجل قَالَ: نشدتك بحاميم، حَتَّى شدّ عَلَيْهِ رجل من بني أَسد بن خُزَيْمَة يُقَال لَهُ: حَدِيد فنشده بحاميم فَلم ينْتَه وَقَتله، وَقيل: قَتله كَعْب بن مُدْلِج من بني منقذ بن طريف، وَيُقَال: قَتله عِصَام بن مُقْشَعِر النصري، وَعَلِيهِ كَثْرَة الحَدِيث وَقَالَ المرزباني: هُوَ الثبت وَهُوَ يخدش فِي إِسْنَاد البُخَارِيّ لِأَن هذَيْن الْإِمَامَيْنِ إِلَيْهِمَا يرجع فِي هَذَا الْبَاب. قلت: الزَّمَخْشَرِيّ الْعَلامَة ذكر هَذَا الْبَيْت فِي أول سُورَة الْبَقَرَة وَنسبه إِلَى شُرَيْح بن أوفى الْمَذْكُور، وَفِي (الحماسة) البحترية قَالَ عدي بن حَاتِم.
(من مبلغ أفناء مذْحج انني ... ثأرت بحالي ثمَّ لم أتأثم)
(تركت أَبَا بكر ينوء بصدره ... بصفين مخضوب الكعوب من الدَّم)
(يذكرنِي ثَأْرِي غَدَاة لَقيته ... فأجررته رُمْحِي فَخر على الْفَم)
(يذكرنِي ياسين حِين طعنته ... فَهَلا تَلا ياسين قبل التَّقَدُّم)
الطَّوْلُ التَّفَضُّلُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {شَدِيد الْعقَاب ذِي الطول} (غَافِر: ٣) وَفَسرهُ بالتفضل، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وَزَاد: تَقول الْعَرَب للرجل إِنَّه لذُو طول على قومه أَي: ذُو فضل عَلَيْهِم، وروى ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس. فِي قَوْله: (ذِي الطول، قَالَ: ذِي السعَة والغنى، وَمن طَرِيق عِكْرِمَة: ذِي المنن، وَمن طَرِيق قَتَادَة، قَالَ: ذِي النعماء.
داخِرِينَ خَاضِعِينَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله: {سيدخلون جَهَنَّم داخرين} (غَافِر: ٠٦) وَفَسرهُ بقوله: (خاضعين) ، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وَعَن السّديّ: صاغرين.
وَقَالَ مُجاهِدٌ: إلَى النَّجاةِ إِلَى الْإِيمَان
أَي قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {وَيَا قوم مَالِي أدعوكم إِلَى النجَاة وتدعونني إِلَى النَّار} (غَافِر: ١٤) وَفسّر قَوْله: إِلَى النجَاة، بقوله: إِلَى الْإِيمَان.
لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ يَعْنِي لِلْوَثَنِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {لَا جرم إِنَّمَا تدعونني إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَة فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة} (غَافِر: ٣٤) وَقَالَ: لَيْسَ للوثن دَعْوَة، هَذَا من تَتِمَّة كَلَام الرجل الَّذِي آمن بمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، وَهُوَ الَّذِي أخبر الله تَعَالَى عَنهُ بقوله: {وَقَالَ الَّذِي آمن يَا قوم اتبعوني أهدكم سَبِيل الرشاد} (غَافِر: ٨٣) وَكَانَ من آل فِرْعَوْن يكتم إيمَانه مِنْهُ وَمن قومه، وَعَن السّديّ وَمُقَاتِل: كَانَ ابْن عَم فِرْعَوْن، وَعَن ابْن عَبَّاس، أَن اسْمه حزقيل، وَعَن وهب بن مُنَبّه: خزيبال، وَعَن إِسْحَاق: خزبيل، وَقيل: حبيب.
يُسْجَرُونَ: تُوقَدُ بِهِمُ النَّارُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وَجل: {إِذا الأغلال فِي أَعْنَاقهم والسلاسل يسْحَبُونَ فِي الْحَمِيم ثمَّ فِي النَّار يسجرون} (غَافِر: ٢٧) وَفَسرهُ بقوله: (توقد بهم النَّار) . وَعَن مُجَاهِد: يصيرون وقوداً فِي النَّار.
تَمْرَحُونَ: تَبْطَرُونَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {ذَلِكُم بِمَا كُنْتُم تفرحون فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق وَبِمَا كُنْتُم تمرحون} (غَافِر: ٥٧) وَفَسرهُ بقوله: تبطرون، من البطر بِالْبَاء الْمُوَحدَة والطاء الْمُهْملَة.
وكانَ العلَاءُ بنُ زِيادٍ يُذَكِّرُ النَّارَ فَقَالَ رجُلٌ لِمَ تُقَنِّطُ النَّاسَ قَالَ وَأَنا أقْدِرُ أنْ أُقَنِّطُ النَّاسَ وَالله عَزَّ وجلَّ يَقُولُ: {يَا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلَى أنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله} (الزمر: ٣٥) ويَقُولُ: {وأنَّ المُسْرِفِينَ هُمْ أصْحابُ النَّارِ} (غَافِر: ٣٤) ولكنَّكُمْ تُحِبُّونَ أنْ تُبَشَّرُوا بالجَنَّةِ عَلَى مَساوِيءِ أعْمالِكُم وإنَّما بَعَثَ الله مُحَمَّداً صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُبَشِّراً بالجَنَّةِ لَمِنْ أطاعَهُ ومُنْذِراً بالنَّارِ مَنْ عَصاهُ.