ولباس، وَقيل: الحقاف جمع الحقف، والأحقاف جمع الْجمع، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: الْأَحْقَاف واديين عمان ومهرة، وَعَن مقَاتل: كَانَت منَازِل عَاد بِالْيمن فِي حَضرمَوْت فِي مَوضِع يُقَال لَهُ: مهرَة تنْسب إِلَيْهَا الْجمال المهرية، وَكَانُوا أهل عمد سيارة فِي الرّبيع، فَإِذا أهاج الْعود رجعُوا إِلَى مَنَازِلهمْ وَكَانُوا من قَبيلَة أرم، وَعَن الضَّحَّاك الْأَحْقَاف جبل بِالشَّام، وَعَن مُجَاهِد هِيَ أرص حسمى وَعَن الْخَلِيل: هِيَ الرمال الْعِظَام.
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
لم تثبت البسلة إلَاّ لأبي ذَر.
وَقَالَ مُجَاهِدُ تُفِيضُونَ تَقُولونَ
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {هُوَ أعلم بِمَا تفيضون فِيهِ} (الْأَحْقَاف: ٤) وَفَسرهُ بقوله: تَقولُونَ وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر بِغَيْر قَوْله: قَالَ مُجَاهِد وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد عَن مثله. (وَقَالَ بَعضهم أَثَره وأثره وأثرة وأثاره بَقِيَّة) أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {ائْتُونِي بِكِتَاب من قبل هَذَا أَو أثارة من علم إِن كُنْتُم صَادِقين} وَفسّر بَعضهم هَذِه الْأَلْفَاظ الثَّلَاثَة بِبَقِيَّة فَالْأول أَثَرَة بِفتْحَتَيْنِ، وَالثَّانِي: أَثَرَة بِضَم الْهمزَة وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة، وَالثَّالِث: أثارة على وزن فعال بِالْفَتْح وَالتَّخْفِيف، وَفسّر أَبُو عُبَيْدَة. أَو أثارة من علم أَي: بَقِيَّة من علم. وَقَالَ الطَّبَرِيّ: قِرَاءَة الْجُمْهُور أثاره، بِالْألف، وَعَن الْكَلْبِيّ: بَقِيَّة من علم بقيت عَلَيْكُم من عُلُوم الْأَوَّلين تَقول الْعَرَب: لهَذِهِ النَّاقة أثارة من سنّ، أَي: بَقِيَّة، وَعَن عِكْرِمَة وَمُقَاتِل رِوَايَة عَن الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، أصل الْكَلِمَة من الْأَثر وَهُوَ الرِّوَايَة. يُقَال: أثرت الحَدِيث أَثَره آثرا وإثارة، كالشجاعة والجلادة والصلابة فَأَنا آثره وَمِنْه قيل للْخَبَر أثر، وَعَن مُجَاهِد: مَعْنَاهُ رِوَايَة يؤثرونها مِمَّن كَانَ قبلهم، وَقيل: أثارة مِيرَاث من علم، وَقيل: مناظرة من علم لِأَن المناظرة فِي الْعلم مثيرة لمعانيه، وَقيل: اجْتِهَاد من علم.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ بِدْعَا مِنَ الرُّسُلِ لَسْتُ بأوَّلِ الرُّسُلِ
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {قل مَا كنت بدعا من الرُّسُل وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} (الْأَحْقَاف: ٩) الْآيَة. وَفَسرهُ بقوله: (لست بِأول الرُّسُل) روى هَذَا ابْن الْمُنْذر عَن عَلان عَن أبي صَالح عَن مُعَاوِيَة عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس وَفِي بعض النّسخ: مَا كنت بِأول الرُّسُل يُقَال: مَا هَذَا ببدع، أَي: ببديع.
وَقَالَ غَيْرُهُ أَرَأَيْتُمْ هاذِهِ الألِفُ إنَّمَا هِيَ تَوَعُّدٌ إنْ صَحَّ مَا تَدْعُونَ لَا يَسْتَحِقُّ أنْ يُعْبَدَ وَلَيْسَ قَوْلُهُ أَرَأَيْتُمْ بِرُؤْيَةِ العَيْنِ إنَّمَا هُوَ أَتَعْلَمُونَ أبَلَغَكُمْ أنَّ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله خَلَقُوا شَيْئا.
أَي: قَالَ غير ابْن عَبَّاس، هَذَا كُله لَيْسَ فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {قل أَرَأَيْتُم إِن كَانَ من عِنْد الله وكفرتم بِهِ} (الْأَحْقَاف: ٠١) قَوْله: (أَرَأَيْتُم) مَعْنَاهُ أخبروني، كَذَلِك قَالَه الْمُفَسِّرُونَ: وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) قل يَا مُحَمَّد لهَؤُلَاء الْكفَّار، أَرَأَيْتُم أخبروني إِن كَانَ أَي: الْقُرْآن من عِنْد الله، وَقيل: إِن كَانَ مُحَمَّد من عِنْد الله وكفرتم بِهِ وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله، وَجَوَاب الشَّرْط مَحْذُوف. تَقْدِيره: إِن كَانَ هَذَا الْقُرْآن من عِنْد الله وكفرتم بِهِ ألستم ظالمين، وَيدل على هَذَا الْحَذف قَوْله: {أَن الله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين} (الْمَائِدَة: ١٥) وَقَالَ قَتَادَة وَالضَّحَّاك وَشهد شَاهد هُوَ عبد الله بن سَلام شهد على نبوة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَآمن بِهِ، وَقيل: هُوَ مُوسَى بن عمرَان، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَقَالَ مَسْرُوق فِي هَذِه الْآيَة وَالله مَا نزلت فِي عبد الله بن سَلام. لِأَن ح م نزلت بِمَكَّة وَإِنَّمَا أسلم عبد الله بِالْمَدِينَةِ، وَإِنَّمَا كَانَت مُحَاجَّة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِقَوْمِهِ، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة. قَوْله: (هَذِه الْألف) أَشَارَ إِلَى أَن الْهمزَة الَّتِي فِي أول: رَأَيْتُمْ إِنَّمَا هِيَ توعد لكفار مَكَّة حَيْثُ ادعوا صِحَة مَا عبدوه من دون الله، وَإِن صَحَّ مَا يدعونَ فِي زعمهم فَلَا يسْتَحق أَن يعبد، لِأَنَّهُ مَخْلُوق، فَلَا يسْتَحق أَن يعبد إلَاّ الله الَّذِي خلق كل شَيْء. قَوْله: (وَلَيْسَ) فِي قَوْله أَرَادَ بِهِ أَن الرُّؤْيَة فِي قَوْله: أَرَأَيْتُم لَيست من رُؤْيَة الْعين الَّتِي هِيَ الإبصار، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ مَا قَالَه من قَوْله: {أتعلمون أبلغكم} إِلَى آخِره.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute