مَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
لم تثبت لغير أبي ذَر الْبَسْمَلَة وَلَا قَوْله: سُورَة.
قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ الذَّارِياتُ الرِّياحُ
أَي: قَالَ عَليّ بن أبي طَالب: المُرَاد بالذاريات الرِّيَاح، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر. وَقَالَ عَليّ: الذاريات الرِّيَاح، رَوَاهُ أَبُو مُحَمَّد الْحَنْظَلِي عَن أبي سعيد الْأَشَج حَدثنَا عقبَة بن خَالِد السكونِي حَدثنَا سعيد بن عبيد الطَّائِي عَن عَليّ بن ربيعَة أَن عبد الله بن الْكواء سَأَلَ عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مَا الذاريات، قَالَ: الرّيح. قَالَ أَبُو مُحَمَّد: رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَمُجاهد وَالْحسن وَسَعِيد بن جُبَير وَقَتَادَة وَالسُّديّ وخصيف مثل ذَلِك، وروى ابْن عُيَيْنَة فِي تَفْسِيره عَن ابْن أبي حُسَيْن سَمِعت أَبَا الطُّفَيْل قَالَ: سَمِعت ابْن الْكواء سَأَلَ عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن {الذرايات ذَروا} (الذاريات: ١) قَالَ: الرِّيَاح، وَعَن {الْحَامِلَات وقرا} (الذاريات: ٢) قَالَ السَّحَاب: وَعَن {الْجَارِيَات يسرا} (الذاريات: ٣) قَالَ السفن، وَعَن: {المدبرات أمرا} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَصَححهُ الْحَاكِم من وَجه آخر عَن أبي الطُّفَيْل. وَأخرجه عبد الرَّزَّاق من وَجه آخر عَن أبي الطُّفَيْل، قَالَ: شهِدت عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهُوَ يخْطب وَهُوَ يَقُول: سلوني، فوَاللَّه لَا تَسْأَلُونِي عَن شَيْء يكون إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إلَاّ حدثتكم بِهِ، وسلوني عَن كتاب الله، فوَاللَّه مَا من آيَة إلَاّ وَأَنا أعلم بلَيْل أنزلت أم بنهار أم فِي سهل أم فِي جبل، فَقَالَ ابْن الْكواء، وَأَنا بَينه وَبَين عَليّ وَهُوَ خَلْفي، فَقَالَ: {فالذاريات ذورا} فَذكر مثله، وَقَالَ فِيهِ: وَيلك سل تفقها وَلَا تسْأَل تعنتا.
وَقَالَ غَيْرُهُ تَذْرُوهُ تُفَرِّقُهُ
أَي: قَالَ غير عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي قَوْله تَعَالَى: {تَذْرُوهُ الرِّيَاح} (الذاريات: ٥) تفرقه وَهَذَا فِي سُورَة الْكَهْف، وَهُوَ قَوْله عز وَجل: {فَأصْبح هشيما تَذْرُوهُ الرِّيَاح} (الْكَهْف: ٥٤) وَإِنَّمَا ذكره هُنَا لأجل قَوْله: والذاريات، يُقَال ذرت الرّيح التُّرَاب تَذْرُوهُ ذَروا. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: ذرت الرّيح التُّرَاب، وَغَيره تَذْرُوهُ وتذريه ذَروا وذريا أَي: نسفته.
{وَفِي أنْفُسِكُمْ أفَلا تُبْصِرُونَ} تَأكُلُ وَتَشْرَبُ فِي مَدْخَلٍ وَاحِدٍ يَخْرُجُ مِنْ مَوْضِعَيْنِ
أَي: وَفِي أَنفسكُم آيَات أَفلا تبصرون أَفلا تنْظرُون بِعَين الِاعْتِبَار، لِأَنَّهُ أَمر عَظِيم حَيْثُ تَأْكُل وتشرب من مَوضِع وَاحِد وَيخرج من موضِعين أَي: الْقبل والدبر.
فَرَاغَ فَرَجَعَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فرَاغ إِلَى أَهله فجَاء بعجل سمين} (الذاريات: ٦٢) وَفسّر: (فرَاغ) بقوله: (فَرجع) وَكَذَا قَالَ الْفراء، وَفِي التَّفْسِير: فرَاغ فَعدل، وَمَال إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَعَن الْفراء لَا ينْطق بالروغ حَتَّى يكون صَاحبه مخيفا لذهابه أَو مَجِيئه.
فَصَكَّتْ فَجَمَعَتْ أصَابِعَها فَضَرَبَتْ جَبْهَتِهَا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَأَقْبَلت امْرَأَته فِي صرة فصكت وَجههَا} (الذاريات: ٩٢) الْآيَة، وَفسّر: (فصكت) بقوله: (فجعمت) إِلَى آخِره، وَهُوَ قَول الْفراء بِلَفْظِهِ، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر، جمعت بِغَيْر فَاء، حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور من طَرِيق الْأَعْمَش عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: فصكت وَجههَا، قَالَ: فَضربت بِيَدِهَا على جبينها. وَقَالَت: يَا ويلتاه. قَوْله: (فِي صَلَاة) ، أَي: فِي صَيْحَة.
وَالرَّمِيمُ نَبَاتُ الأرْضِ إذَا يَبِسَ ودِيسَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {مَا تذر من شَيْء أَتَت عَلَيْهِ إِلَّا جعلته كالرميم} (الذاريات: ٢٤) وَفسّر: (الرميم) بقوله: (نَبَات الأَرْض إِذا يبس) أَي: جف قَوْله: (ودبس) بِكَسْر الدَّال وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالسين الْمُهْملَة، مَجْهُول الْفِعْل الْمَاضِي من الدوس وَهُوَ وَطْء الشَّيْء بالقدم حَتَّى يتفتت، وَأَصله: دوس نقلت حَرَكَة الْوَاو إِلَى الدَّال بعد سلب ضمتها ثمَّ قلبت الْوَاو يَاء لسكونها وانكسار مَا قبلهَا، وَتَفْسِيره مَنْقُول عَن الْفراء وَعَن ابْن عَبَّاس: كالرميم كالشيء الْهَالِك، وَعَن أبي الْعَالِيَة: كالتراب المدقوق، وَقيل: أَصله من الْعظم الْبَالِي.