الَّذِي يُؤْكَلُ مِنْهُ وَالرَّيْحَانُ فِي كَلامِ العَرَبِ الرِّزْقُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَالعَصْفُ يُرِيدُ المَأْكُولَ مِنَ الحَبِّ وَالرَّيْحَانُ النَّضِيجُ الَّذِي لَمْ يُؤْكَلْ: وَقَالَ غَيْرُهُ العَصْفُ وَرَقُ الحِنْطَةِ: وَقَالَ الضَحَّاكُ العَصْفُ التِّبْنُ: وَقَالَ أبُو مَالِكٍ العَصْفُ أوَّلُ مَا يَنْبُتُ تُسَمِّيهِ النَّبَطُ هَبُورَا: وَقَالَ مُجَاهِدٌ العَصْفُ وَرَقُ الحِنْطَةِ وَالرَّيْحَانِ الرِّزْقُ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَالْحب والعصف وَالريحَان} (الرحمان: ٢١) وَقَالَ: العصف بقل الزَّرْع إِذا قطع مِنْهُ شَيْء قبل أَن يدْرك، أَي: الزَّرْع فَذَلِك هُوَ العصف، كَذَا نقل عَن الْفراء، وَعَن ابْن كيسَان: العصف ورق كل شَيْء خرج مِنْهُ الْحبّ يَبْدُو أَولا وَرقا ثمَّ يكون سوقا، ثمَّ يحدث الله تَعَالَى فِيهِ أكماما، ثمَّ يحدث فِي الأكمام الْحبّ. وَعَن ابْن عَبَّاس: ورق الزَّرْع الْأَخْضَر إِذا قطعت رؤوسه ويبس هُوَ العصف. قَوْله: (وَالريحَان ورقه) ، أَي: ورق الْحبّ، وَفِي بعض النّسخ رزقه بالراء ثمَّ الزَّاي، وَنقل الثَّعْلَبِيّ عَن مُجَاهِد: الريحان الرزق، وَعَن مقَاتل بن حَيَّان: الريحان الرزق بلغَة حمير، وَعَن ابْن عَبَّاس: الريحان الرّبع، وَعَن الضَّحَّاك: هُوَ الطَّعَام، فالعصف هُوَ التِّين وَالريحَان ثَمَرَته، وَعَن الْحسن وَابْن زيد: هُوَ ريحانكم هَذَا الَّذِي تشمونه، وَعَن ابْن عَبَّاس. هُوَ خضرَة الزَّرْع. قَوْله: (وَالْحب الَّذِي يُؤْكَل مِنْهُ) ، أَي: من الزَّرْع. قَوْله: (وَالريحَان فِي كَلَام الْعَرَب الرزق) ، الرَّاء وَالزَّاي، تَقول الْعَرَب: خرجنَا نطلب ريحَان الله أَي: رزقه. قَوْله: (وَقَالَ بَعضهم والعصف يُرِيد الْمَأْكُول من الْحبّ) ، أَرَادَ بِالْبَعْضِ الْفراء فَإِنَّهُ قَالَ: العصف الْمَأْكُول من الْحبّ وَالريحَان النضيج الَّذِي لم يُؤْكَل، النضيج فعيل بِمَعْنى المنضوج، يُقَال: نضج الثَّمر وَاللَّحم نضجا ونضجا، أَي: أدْرك فَهُوَ نضيج وناضج وأنضجته أَنا. قَوْله: (وَقَالَ غَيره) ، كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره. وَقَالَ مُجَاهِد: العصف ورق الْحِنْطَة. كَذَا رَوَاهُ ابْن أبي نجيح عَنهُ. قَوْله: (وَقَالَ الضَّحَّاك: العصف التِّين) ، كَذَا ذكره فِي تَفْسِيره من رِوَايَة جُوَيْبِر عَنهُ. قَوْله: (وَقَالَ أَبُو مَالك) : لَا يعرف اسْمه. قَالَه أَبُو زرْعَة. وَقَالَ غَيره: اسْمه غَزوَان وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ غَيره، وَهُوَ كُوفِي تَابِعِيّ ثِقَة. قَوْله: (النبط) بِفَتْح النُّون وَالْبَاء الْمُوَحدَة وبالطاء الْمُهْملَة، وهم أهل الفلاحة من الْأَعَاجِم ينزلون بالبطائح بَين العراقين. قَوْله: (هبورا) بِفَتْح الْهَاء وَضم الْبَاء الْمُوَحدَة المخففة وَسُكُون الْوَاو بعْدهَا رَاء، وَهُوَ دقاق الزَّرْع بالنبطية، وَقد قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {كعصف مَأْكُول} هُوَ الهبور، وَقَول أبي مَالك رَوَاهُ يحيى بن عبد الحميد عَن ابْن الْمُبَارك عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَنهُ. قَوْله: (وَقَالَ مُجَاهِد) إِلَى آخِره، رَوَاهُ عبد بن حميد عَن شَبابَة عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد.
وَالمَارِجُ اللَّهَبُ الأصْفَرُ وَالأخْضَرُ الَّذِي يَعْلُو النَّارَ إذَا أُوقِدَتْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَخلق الجان من مارج من نَار} (الرحمان: ٥١) وَفسّر المارج بِالَّذِي ذكره، وَكَذَا رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم بِسَنَدِهِ عَن مُجَاهِد وَهُوَ من: مرج الْقَوْم إِذا اخْتَلَط، وَعَن ابْن عَبَّاس: هُوَ لِسَان النَّار الَّذِي يكون فِي طرفها إِذا التهب، وَقيل: من مارج من لَهب صَاف خَالص لَا دُخان فِيهِ، والجان أَبُو الْجِنّ، وَعَن الضَّحَّاك: هُوَ إِبْلِيس، وَعَن أبي عُبَيْدَة: الجان وَاحِد الْجِنّ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَالَ مُجَاهِأ رَبُّ المَشْرِقَيْنِ لِلشَّمْسِ فِي الشتَّاءِ مَشْرِقٌ وَمَشْرِقٌ فِي الصَّيْفِ وَرَبُّ المَغْرِبَيْنَ مَغْرِبُها فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ.
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {رب المشرقين وَرب المغربين} (الرحمان: ٧١) وَفَسرهُ بِمَا ذكره، وَرَوَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن الْمُبَارك حَدثنَا زيد أخبرنَا ابْن ثَوْر عَن ابْن جريج عَن مُجَاهِد.
لَا يَبْغِيَانِ: لَا يَخْتَلِطانِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {مرج الْبَحْرين يَلْتَقِيَانِ بَينهمَا برزخ لَا يبغيان} (الرَّحْمَن: ٩١، ٠٢) أَي: لَا يختلطان وَلَا يتغيران وَلَا يَبْغِي أَحدهمَا. على صَاحبه. وَعَن قَتَادَة: لَا يطغيان على النَّاس بِالْغَرَقِ، وَالْمرَاد بِالْبَحْرَيْنِ بَحر الرّوم وبحر الْهِنْد، كَذَا رُوِيَ عَن الْحسن. قَالَ: وَأَنْتُم الحاجز بَينهمَا، وَعَن قَتَادَة: بَحر فَارس وَالروم بَينهمَا برزخ وَهُوَ الجزائر، وَعَن مُجَاهِد وَالضَّحَّاك: يَعْنِي بَحر السَّمَاء وبحر الأَرْض يَلْتَقِيَانِ كل عَام، وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. قَالَ: بَينهمَا من الْبعد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute