وَكَيْتَ فَقَالَ وَمَالِي لَا ألْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَنْ فِي كِتَابِ الله فَقَالَتْ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ قَالَ لَئِنْ كُنْتُ قَرأتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ أمَّا قَرَأْتِ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا قَالَتْ بَلَى قَالَ فَإنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ قَالَتْ فَإنِّي أرَى أهلَكَ يَفْعَلُونَهُ قَالَ فَاذْهَبِي فَانْظُرِي فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئا فَقَالَ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعَتْنا.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: أما قَرَأت: {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ} (الْحَشْر: ٧) وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة. وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، وعلقمة هُوَ ابْن قيس، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي اللبَاس عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَعَن مُحَمَّد بن مقَاتل وَعَن عُثْمَان وَعَن إِسْحَاق وَعَن مُحَمَّد بن بشار، وَفِي التَّفْسِير أَيْضا عَن عَليّ بن عبد الله. وَأخرجه مُسلم فِي اللبَاس عَن عُثْمَان وَغَيره. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي التَّرَجُّل عَن مُحَمَّد بن عِيسَى وَعُثْمَان وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الاسْتِئْذَان عَن أَحْمد بن منيع، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن مُحَمَّد بن بشار وَغَيره وَفِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن رَافع. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي النِّكَاح عَن حَفْص بن عمر وَغَيره.
قَوْله: (الْوَاشِمَات) ، جمع واشمة من الوشم وَهُوَ غرز إبرة أَو مسلة وَنَحْوهمَا: فِي ظهر الْكَفّ أَو المعصم أَو الشّفة وَغير ذَلِك من بدن الْمَرْأَة حَتَّى يسيل مِنْهُ الدَّم ثمَّ يحشى ذَلِك الْموضع بكحل أَو نورة أَو نيلة. ففاعل هَذَا واشم وواشمة وَالْمَفْعُول بهَا موشومة. فَإِن طلبت فعل ذَلِك فَهِيَ مستوشمة وَهُوَ حرَام على الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بهَا باختيارها والطالبة لَهُ فَإِن فعل بطفلة فالإثم على الفاعلة لَا على الطفلة لعدم تكليفها حِينَئِذٍ. وَقَالَ النَّوَوِيّ: قَالَ أَصْحَابنَا: الْموضع الَّذِي وشم يصير نجسا فَإِن أمكن إِزَالَته بالعلاج وَجَبت إِزَالَته وَإِن لم يُمكن إلَاّ بِجرح فَإِن خَافَ مِنْهُ التّلف أَو فَوَات عُضْو أَو مَنْفَعَة عُضْو أَو شَيْئا فَاحِشا فِي عُضْو ظَاهر لم تجب إِزَالَته، وَإِذا تَابَ لم يبْق عَلَيْهِ إِثْم وَإِن لم يخف شَيْئا من ذَلِك وَنَحْوه لزمَه إِزَالَته ويعصى بِتَأْخِيرِهِ، وَسَوَاء فِي هَذَا كُله الرجل وَالْمَرْأَة. قَوْله: (والمؤتشمات) ، جمع مؤتشمة، وَهِي الَّتِي يفعل فِيهَا الوشم. قَوْله: (وَالْمُتَنَمِّصَات) ، جمع متتمصة من التنمص بتاء مثناة من فَوق، ثمَّ نون وصاد مُهْملَة وَهُوَ إِزَالَة الشّعْر من الْوَجْه مَأْخُوذ من النماص بِكَسْر الْمِيم الأولى وَهُوَ المنقاش، والمنتمصة هِيَ الطالبة إِزَالَة شعر وَجههَا، والنامصة هِيَ الفاعلة ذَلِك يَعْنِي المزيلة، وَعَن ابْن الْجَوْزِيّ: بَعضهم يَقُول: المنتمصة بِتَقْدِيم النُّون وَالَّذِي ضبطناه عَن أشياخنا فِي كتاب أبي عُبَيْدَة تَقْدِيم التَّاء مَعَ التَّشْدِيد. قَالَ النَّوَوِيّ: وَهُوَ حرَام إلاّ إِذا نَبتَت للْمَرْأَة لحية أَو شوارب فَلَا يحرم بل يسْتَحبّ عندنَا. وَالنَّهْي إِنَّمَا هُوَ فِي الحواجب وَمَا فِي أَطْرَاف الْوَجْه، وَقَالَ ابْن حزم: لَا يجوز حلق لحيتها وَلَا عنفقتها وَلَا شاربها وَلَا تَغْيِير شَيْء من خلقهَا بِزِيَادَة وَلَا نقص. قَوْله: (المتلفجات) ، جمع متفلجة بِالْفَاءِ وَالْجِيم من التفلج وَهُوَ برد الْأَسْنَان الثنايا والرباعيات مَأْخُوذ من الفلج بِفَتْح الْفَاء وَاللَّام وَهِي فُرْجَة بَين الثنايا والرباعيات. قَوْله: (لِلْحسنِ) ، يتَعَلَّق بالمتفلجات أَي: لأجل الْحسن، قيد بِهِ لِأَن الْحَرَام مِنْهُ هُوَ الْمَفْعُول لطلب الْحسن، أما إِذا احْتِيجَ إِلَيْهِ لعلاج أَو عيب فِي السن وَنَحْوه فَلَا بَأْس بِهِ، وَقَالَ النَّوَوِيّ: يفعل ذَلِك الْعَجُوز وَشبههَا إِظْهَارًا للصغر وَحسن الْأَسْنَان، وَهَذَا الْفِعْل حرَام على الفاعلة وَالْمَفْعُول بهَا. قَوْله: (الْمُغيرَات خلق الله) ، يَشْمَل مَا ذكر قبله وَلذَلِك قَالَ: الْمُغيرَات بِدُونِ الْوَاو: لِأَن ذَلِك كُله تَغْيِير لخلق الله تَعَالَى وتزوير وتدليس، وَقيل: هَذَا صفة لَازمه للتفلج. قَوْله: (أم يَعْقُوب) لم أَقف على اسْمهَا. قَوْله: (من لعن) مفعول (لَا الْعَن) فِيهِ دَلِيل على جَوَاز الِاقْتِدَاء بِهِ فِي إِطْلَاق اللَّعْن معينا كَانَ أَو غير معِين لِأَن الأَصْل أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَ يلعن إلَاّ من يسْتَحق ذَلِك عِنْده. فَإِن قلت: يُعَارضهُ قَوْله: اللَّهُمَّ مَا من مُسلم سبيته أَو لعنته وَلَيْسَ لذَلِك بِأَهْل فَاجْعَلْ لَهُ ذَلِك كَفَّارَة وَطهُورًا. قلت: لَا يُعَارضهُ لِأَنَّهُ عِنْده مُسْتَحقّ لذَلِك، وَأما عِنْد الله عز وَجل فَالْأَمْر موكول إِلَيْهِ يفهم من قَوْله وَلَيْسَ لذَلِك بِأَهْل، يَعْنِي: فِي علمك لَا فِي علمي، أما أَن يَتُوب مِمَّا صدر مِنْهُ أَو يقْلع عَنهُ، وَإِن علم الله مِنْهُ خلاف ذَلِك كَانَ دعاؤه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ زِيَادَة فِي شقوته. قَوْله: (وَمن هُوَ فِي كتاب الله) مَعْطُوف على من (لعن) وَتَقْدِيره: مَا لي لَا الْعَن من هُوَ فِي كتاب الله مَلْعُون، قيل: أَيْن فِي الْقُرْآن لعنتهن؟ أُجِيب: بِأَن فِيهِ وجوب الِانْتِهَاء عَمَّا نَهَاهُ الرَّسُول لقَوْله تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute