حَوْلِهِ وَلَئِنْ رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِهِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْهَا الأذَلَّ فَذَكَرْتُ ذالِكَ لِعَمِّي أوْ لِعُمَرَ فَذَكَرَهُ لِلنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَانِي فَحَدَّثْتُهُ فَأرْسَلَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلَى عَبْدِ الله بنِ أُبَيٍّ وَأصْحَابِهِ فَحَلَفُوا مَا قَالُوا فَكَذَّبَنِي رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَدَّقَهُ فأصابَنِي هَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ قَطُّ فَجَلَسْتُ فِي البَيْتِ فَقَالَ لِي عَمِّي مَا أَرَدْتَ إلَى أنْ كَذَّبَكَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَقْتَكَ فَأنْزَلَ الله تَعَالَى:{إذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ} فَبَعَثَ إلَيَّ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ فَقَالَ إنَّ الله قَدْ صَدَّقَكَ يَا زَيْدُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. لِأَنَّهُ يبين سَبَب نُزُولهَا. وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس يروي عَن جده أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن آدم وَعبيد الله بن مُوسَى فهم ثَلَاثَتهمْ عَن إِسْرَائِيل وَعَن عَمْرو بن خَالِد وَأخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن عبد بن حميد وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن أبي داودالحراني.
قَوْله:(فِي غزَاة) ، هِيَ غَزْوَة تَبُوك على مَا وَقع فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ، وَالَّذِي عَلَيْهِ أهل الْمَغَازِي أَنَّهَا غَزْوَة بني المصطلق، وَذكر أَبُو الْفرج أَنَّهَا الْمُريْسِيع سنة خمس، وَقيل: سِتّ وَقَالَ مُوسَى: سنة أَربع. قَوْله:(عبد الله بن أبي) ، ابْن سلول رَأس الْمُنَافِقين وَالِابْن الثَّانِي صفة لعبد الله فَهُوَ بِالنّصب وسلول غير منصرف لِأَنَّهُ اسْم أم عبد الله فَهُوَ مَنْسُوب إِلَى الْأَبَوَيْنِ. قَوْله:(يَقُول لَا تنفقوا) ، إِلَى قَوْله:(الْأَذَل) هُوَ كَلَام عبد الله بن أبي وَلم يقْصد الرَّاوِي بِهِ التِّلَاوَة، وَقَالَ بَعضهم: وَغلط بعض الشُّرَّاح فَقَالَ. هَذَا وَاقع فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قلت: أَرَادَ بِهِ صَاحب (التَّلْوِيح) وَلكنه لم يقل هَكَذَا وَإِنَّمَا قَالَ. قَوْله: حَتَّى يَنْفضوا من حوله، بِكَسْر الْمِيم وجر اللَّام، وَكَذَا هُوَ فِي السَّبْعَة. قَالَ النَّوَوِيّ: وقرىء فِي الشاذ من حوله، بِالْفَتْح هَذَا الَّذِي ذكره صَاحب (التَّلْوِيح) نعم قَوْله: كَذَا هُوَ فِي السَّبْعَة، فِيهِ نظر. قَوْله:(وَلَئِن رَجعْنَا) ، كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني، وَلَو رَجعْنَا. قَوْله:(لِعَمِّي أَو لعمر) ، كَذَا بِالشَّكِّ، وَفِي سَائِر الرِّوَايَات الَّتِي تَأتي: لعمى، بِلَا شكّ وَكَذَا عِنْد التِّرْمِذِيّ من طَرِيق أبي سعيد الْأَزْدِيّ عَن زيد، وَوَقع عِنْد الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه: أَن المُرَاد بِعَمِّهِ سعد بن عبَادَة وَلَيْسَ عَمه حَقِيقَة، وَإِنَّمَا هُوَ سيد قومه الْخَزْرَج، وَعم زيد بن أَرقم الْحَقِيقِيّ ثَابت بن قيس لَهُ صُحْبَة وَعَمه زوج أمه عبد الله بن رَوَاحَة خزرجي أَيْضا وَفِي كَلَام الْكرْمَانِي أَنه عبد الله بن رَوَاحَة وَهُوَ عَمه الْمجَازِي لِأَنَّهُ كَانَ فِي حجره وأنهما من أَوْلَاد كَعْب الخزرجي، وَقَالَ الغساني: الصَّوَاب عمي لَا عمر، على مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَة. قَوْله: فَذكره للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: فَذكره عمي وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن أبي ليلى عَن زيد، فَأخْبرت بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَذَا وَقع فِي مُرْسل قَتَادَة، والتوفيق بَينهمَا أَنه يحمل على أَنه أرسل أَولا ثمَّ أخبر بِهِ بِنَفسِهِ. قَوْله:(فَكَذبنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) بِالتَّشْدِيدِ. قَوْله:(وَصدقه) أَي: وَصدق عبد الله بن أبي. قَوْله:(فَأَصَابَنِي هم لم يُصِبْنِي مثله قطّ) يَعْنِي: فِي الزَّمن الْمَاضِي، وَوَقع فِي رِوَايَة زُهَيْر: فَوَقع فِي نَفسه شدَّة، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي سعد الْأَزْدِيّ عَن زيد. فَوَقع على من الْهم مَا لم يَقع على أحد، وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن كَعْب فَرَجَعت إِلَى الْمنزل فَنمت، زَاد التِّرْمِذِيّ رِوَايَة: فَنمت كئيبا حَزينًا. وَفِي رِوَايَة ابْن أبي ليلى: حَتَّى جَلَست فِي الْبَيْت مَخَافَة إِذْ رَآنِي النَّاس أَن يَقُولُوا: كذبت. قَوْله:(مَا أردْت إِلَى أَن كَذبك) بِالتَّشْدِيدِ، أَي: مَا قصدت منتهيا إِلَيْهِ. أَي: مَا حملك عَلَيْهِ قَوْله: (ومقاك) من مقته مقتا إِذا أبغضه بغضا. وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن كَعْب: فلامني الْأَنْصَار، وَعند النَّسَائِيّ من طَرِيقه ولامني قومِي. قَوْله:(فَأنْزل الله) وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد ابْن كَعْب، فَإِنِّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: الْوَحْي، وَفِي رِوَايَة زُهَيْر: حَتَّى أنزل الله تَعَالَى، وَفِي رِوَايَة أبي الْأسود عَن عُرْوَة فَبَيْنَمَا هم يَسِيرُونَ أبصروا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوحى إِلَيْهِ فَنزلت، وَفِي رِوَايَة أبي سعد عَن زيد قَالَ: فَبَيْنَمَا إِنَّا أَسِير مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد خَفَقت برأسي من الْهم أَتَانِي فَعَرَكَ أُذُنِي فَضَحِك فِي وَجْهي فلحقني أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَسَأَلَنِي فَقلت لَهُ: أبشر ثمَّ لَحِقَنِي عمر رَضِي اللهغنه ذَلِك. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَرَأَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُورَة الْمُنَافِقين، قَوْله:{إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ} زَاد آدم بن أبي إِيَاس إِلَى قَوْله: هم الَّذين يَقُولُونَ: لَا تنفقوا على من عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى قَوْله: ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل.