للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْهِمَا السَّلَام، وَالْوتر هُوَ الله تَعَالَى، وَقِرَاءَة الْمَدِينَة وَمَكَّة وَالْبَصْرَة وَبَعض الْكُوفِيّين بِفَتْح الْوَاو هِيَ لُغَة أهل الْحجاز، وَعَامة قراء الْكُوفَة بِكَسْرِهَا.

{إرَمَ ذَاتِ العِمادِ} (الْفجْر: ٧) القَدِيمَةِ وَالعِمَادُ أهْلُ عَمُودٍ لَا يُقِيمُونَ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بعاد إرم ذَات الْعِمَاد} (الْفجْر: ٦، ٧) قَوْله: (إرم) ، عطف بَيَان لعاد، وَكَانَت عَاد قبيلتين عَاد الأولى وَعَاد الْأَخِيرَة، وأشير إِلَى عَاد الأولى بقوله الْقَدِيمَة، وَقيل: لعقب عَاد بن عوص بن إرم بن سَام بن نوح، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عا، كَمَا يُقَال لبني هَاشم، وارم تَسْمِيَة لَهُم باسم جدهم وهم عَاد الأولى، وَقيل: لمن بعدهمْ، عَاد الْأَخِيرَة، وإرم غير منصرف، قَبيلَة كَانَت أَو أَرضًا للتعريف والتأنيث، وَاخْتلف فِي إرم ذَات الْعِمَاد فَقيل: دمشق. قَالَه سعيد بن الْمسيب، وَعَن الْقُرْطُبِيّ: هِيَ الاسكندرية، وَعَن مُجَاهِد: هِيَ أمة وَمَعْنَاهَا الْقَدِيمَة، وَعَن قَتَادَة: هِيَ قَبيلَة من عَاد، وَعَن ابْن إِسْحَاق: هِيَ جد عَاد، وَالصَّوَاب أَنَّهَا اسْم قَبيلَة أَو بَلْدَة. قَوْله: (ذَات الْعِمَاد) ، ذَات الطول والشدة وَالْقُوَّة، وَعَن الْمِقْدَام عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر إرم ذَات الْعِمَاد فَقَالَ: كَانَ الرجل مِنْهُم يَأْتِي الصَّخْرَة فيحملها على الْحَيّ فيهلكهم، وَعَن الْكَلْبِيّ: كَانَ طول الرجل مِنْهُم أَرْبَعمِائَة ذِرَاع. وَعَن مقَاتل: طول أحدهم إثنا عشر ذِرَاعا فِي السَّمَاء مثل أعظم أسطوانة، وَفِي (تَفْسِير ابْن عَبَّاس) طول أحدهم مائَة ذِرَاعا وأقصرهم اثْنَا عشر ذِرَاعا. قَوْله: (والعماد) ، مُبْتَدأ أَو و (أهل عَمُود) خَبره. أَي: أهل خيام لَا يُقِيمُونَ فِي بَلْدَة وَحَاصِل الْمَعْنى أَنه قيل لَهُم ذَات الْعِمَاد لأَنهم كَانُوا أهل عَمُود لَا يُقِيمُونَ. وَكَانُوا سيارة ينتجعون الْغَيْث وينتقلون إِلَى الكلاء حَيْثُ كَانَ ثمَّ يرجعُونَ إِلَى مَنَازِلهمْ فَلَا يُقِيمُونَ فِي مَوضِع، وَكَانُوا أهل جنان وزروع ومنازلهم كَانَت بوادي الْقرى، وَقيل: سموا ذَات الْعِمَاد لبِنَاء بناه شَدَّاد بن عَاد وحكايته مَشْهُورَة فِي التفاسير.

سَوْطَ عَذَابٍ: الَّذِي عُذِّبُوا بِهِ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فصب عَلَيْهِم رَبك سَوط عَذَاب} (الْفجْر: ٣١) وَفسّر: (سَوط عَذَاب) بقوله: (الَّذِي عذبُوا بِهِ) فَقيل: هُوَ كلمة تَقُولهَا الْعَرَب لكل نوع من الْعَذَاب يدْخل فِيهِ السَّوْط، وروى ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق قَتَادَة: كل شَيْء عذب بِهِ سَوط عَذَاب.

أكْلاً لَمَّا: السَّفُّ. وَجَمّا: الكَثِيرُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وتأكلوا التراث أكلا لمّا وتحبون المَال حبا جما} (الْفجْر: ٩١، ٠٢) قَوْله: (التراث) ، أَي: تراث الْيَتَامَى أَي: ميراثهم. قَوْله: (لمّا) ، فسره بقوله: (السف) من سففت الْأكل أسفه سفّا. وَيُقَال أَيْضا سففت الدَّوَاء أسفة، وأسففت غَيْرِي وَهُوَ السفوف بِالْفَتْح. وسففت المَاء إِذا أكثرت من شربه من غير أَن تروى. وَقَالَ الْحسن: يَأْكُل نصِيبه وَنصِيب غَيره، وَقَالَ النَّسَفِيّ: أكلا لمّا: ذَا لم وَهُوَ الْجمع بَين الْحَلَال وَالْحرَام، وَعَن بكر بن عبد الله اللم الاعتداء فِي الْمِيرَاث يَأْكُل كل شَيْء يجده وَلَا يسْأَل عَنهُ أحلال أم حرَام، وَيَأْكُل الَّذِي لَهُ وَلغيره، وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا لَا يورثون النِّسَاء وَلَا الصّبيان، وَقيل: يَأْكُلُون مَا جمعه الْمَيِّت من الْمظْلمَة وَهُوَ عَالم بذلك فيلم فِي الْأكل من حَلَاله وَحَرَامه، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال: لممت مَا على الخوان إِذا أتيت مَا عَلَيْهِ وأكلته كُله أجمع. قَوْله: (وجما الْكثير) ، أَي: معنى قَوْله: (حبا جما) ، أَي: كثيرا شَدِيدا مَعَ الْحِرْص، والشره عَلَيْهِ وَمنع الْحُقُوق يُقَال: جم المَاء فِي الْحَوْض إِذا كثر وَاجْتمعَ.

وَقَالَ مُجاهِدٌ: كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ فَهُوَ شَفْعٌ السماءُ شَفْعٌ وَالوِتْرُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى

أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالشَّفْع وَالْوتر} (الْفجْر: ٣) وَالْبَاقِي ظَاهر فَإِن قلت السَّمَاء وتر لِأَنَّهُ سبع قلت مَعْنَاهُ السَّمَاء شفع الأَرْض كالحار والبارد وَالذكر وَالْأُنْثَى.

وَقَالَ غَيْرُهُ سَوْطَ عَذَابٍ كَلِمَةٌ تَقُولُها العَرَبُ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ العَذَابِ يَدْخُلُ فِيهِ السَّوْطُ.

أَي: قَالَ غير مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {فصب عَلَيْهِم رَبك سَوط عَذَاب} وَقد مر الْكَلَام فِيهِ الْآن، وَلَو ذكر هَذَا عِنْد قَوْله: {سَوط عَذَاب} الَّذِي عذبُوا بِهِ لَكَانَ أولى وأرتب.

لَبِالْمِرْصَادِ إلَيْهِ المَصِيرُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِن رَبك لبالمرصاد} (الْفجْر: ٤١) وَفَسرهُ بقوله: إِلَيْهِ الْمصير، وَكَذَا فسره الْفراء، والمرصاد على وزن مفعال،

<<  <  ج: ص:  >  >>