مَحْفُوظًا فمراده بجمعه حفظه فِي صَدره قَوْله: (وَالله خير) ، يَعْنِي: خير فِي زمانهم. قَوْله: (فتتبع الْقُرْآن) صِيغَة أَمر، وَكَذَلِكَ قَوْله: (فاجمعه) قَوْله: (فتتبعت الْقُرْآن أجمعه) حَال أَي: حَال كوني أجمعه، وَقت التتبع. قَوْله: (من العسب) بِضَم الْعين وَالسِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ بعدهمَا بَاء مُوَحدَة جمع عسب وَهُوَ جريد النّخل كَانُوا يكشطون الخوص ويكتبون فِي الطّرف العريض، وَقيل: العسب طرف الجريد العريض الَّذِي لم ينْبت عَلَيْهِ الخوص، وَالَّذِي ينْبت عَلَيْهِ الخوص هُوَ السعف، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن شهَاب: الْقصب والعسب والكرانيف وجرائد النّخل. وَفِي الرِّوَايَة الْمُتَقَدّمَة فِي التَّفْسِير من الرّقاع، الأكتاف والعسب وصدور الرِّجَال، والرقاع جمع رقْعَة، وَقد يكون من جلد أَو ورق أَو كاغد، وَفِي رِوَايَة عمَارَة بن غزيَّة: وَقطع الْأَدِيم. وَفِي رِوَايَة ابْن أبي دَاوُود من طَرِيق أبي دَاوُود الذيالسي عَن إِبْرَاهِيم بن سعد: والصحف وَفِي رِوَايَة ابْن أبي دَاوُد والأضلاع، وَعِنْده أَيْضا: والاقتاب جمع قتب الْبَعِير. قَوْله: (واللخاف) ، بِكَسْر اللَّام وبالخاء الْمُعْجَمَة وَبعد الْألف فَاء وَهُوَ جمع لخفة، بِفَتْح اللَّام وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَهُوَ الْحجر الْأَبْيَض الرَّقِيق، وَقَالَ الْخطابِيّ: اللخاف صَفَائِح الْحِجَارَة الرقَاق. قَوْله: (مَعَ أبي خُزَيْمَة الْأنْصَارِيّ) وَوَقع فِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن إِبْرَاهِيم بن سعد مَعَ خُزَيْمَة بن ثَابت، أخرجه أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ، وَرِوَايَة من قَالَ: مَعَ أبي خُزَيْمَة أصح، وَالَّذِي وجد مَعَه آخر سُورَة التَّوْبَة أَبُو خُزَيْمَة بالكنية، وَالَّذِي وجد مَعَه الْآيَة من الْأَحْزَاب خُزَيْمَة، وَاسم أبي خُزَيْمَة لَا يعرف وَهُوَ مَشْهُور بكنيته وَهُوَ ابْن أَوْس بن زيد بن أَصْرَم. قَوْله: (فَكَانَت) أَي: الصُّحُف الَّتِي جمعهَا زيد بن ثَابت عِنْد أبي بكر إِلَى أَن توفاه الله تَعَالَى. قَوْله: (ثمَّ عِنْد عمر حَيَاته) ، أَي: ثمَّ كَانَت عِنْد عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مُدَّة حَيَاته. قَوْله: (ثمَّ عِنْد حَفْصَة) ، أَي: ثمَّ بعد عمر كَانَت عِنْد حَفْصَة بنت عمر فِي خلَافَة عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَإِنَّمَا كَانَت عِنْد حَفْصَة لِأَن عمر أوصى بذلك فاستمرت عِنْدهَا إِلَى أَن طلبَهَا من لَهُ الطّلب.
٧٨٩٤ - حدَّثنا مُوسى احدّثنا إبْرَاهيم حَدثنَا ابنُ شِهاب: أنَّ أنَسَ بنَ مالِكٍ حدَّثَهُ أنَّ حذَيْفَةَ ابنَ اليَمانِ قَدِمَ علَى عُثْمانَ، وكانَ يُغازي أهْلع الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وأذْرَبِيجانَ مَعَ أهْلِ العِرَاقِ، فأفْزعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي القِرَاءَة، فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمانَ: يَا أميرَ المُؤْمِنينَ أدْرِكَ هذِه الأُمَّةَ قَبْلَ أنْ يَخْتَلِفُوا فِي الكِتَابِ اخْتِلَافَ اليَهُودِ والنصارَى، فأرْسَلَ عثْمانُ إِلَى حَفْصَةَ أنْ أرْسِلِي إليْنا بالصُّحُفِ نَنْسَخُها فِي المصاحِفِ ثُمَّ نَزُدها إليْكِ، فأرْسَلَتْ بِها حَفْصَةُ إِلَى عُثْمانَ فأمَرَ زَيْدَ بنَ ثابِتٍ وعَبْدَ الله بنَ الزُّبَيْرِ وسَعِيدَ بنَ الْعاصِ وعبْدَ الرَّحْمانِ بنَ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوها فِي المَصاحِفِ. وَقَالَ عُثْمانُ لِلرَّهْطِ القُرَشِيِّينَ الثلاثَةِ: إِذا اخْتَلَفْتُمْ أنْتُمْ وزَيْدُ بنُ ثابتٍ فِي شَيْء مِنَ القُرْآنِ فاكْتُبُوهُ بِلِسانِ قُرَيْشٍ فإِنَّما نَزَلَ بلِسَانِهمْ. ففَعَلُوا، حتَّى إذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي المَصاحِفِ رَدَّ عُثْمانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، فأرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ ممَّا نَسَخُوا وأمَرَ بمَا سِوَاهُ مِنَ القُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أوْ مُصْحَفٍ أنْ يخْرَقَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة ومُوسَى هُوَ ابْن إِسْمَاعِيل، وَإِبْرَاهِيم هُوَ ابْن سعد، وَهَذَا الْإِسْنَاد إِلَى ابْن شهَاب هُوَ الَّذِي قبله بِعَيْنِه، أَعَادَهُ إِشَارَة إِلَى أَنَّهُمَا حديثان لِابْنِ شهَاب فِي قصتين مختلفتين، وَإِن اتفقَا فِي كِتَابَة الْقُرْآن وَجمعه، وَله قصَّة أُخْرَى عَن خَارِجَة بن زيد فِي آخر هَذَا الحَدِيث، على مَا يَأْتِي الْآن.
قَوْله: (وَكَانَ يغازي) ، أَي: يغزى، أَي: كَانَ عُثْمَان يُجهز أهل الشَّام وَأهل الْعرَاق لغزو أرمينية وأذربيجان وفتحهما، وأرمينية بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الرَّاء وَكسر الْمِيم بعْدهَا يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة ثمَّ نون مَكْسُورَة، وَقَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ بِفَتْح الْهمزَة، وَقَالَ أَبُو عبيد: هِيَ بلد مَعْرُوف يضم كورا كَثِيرَة سميت بذلك لكَون الأرمن فِيهَا، وَهِي أمة كالروم، وَقيل: سميت بأرمون بن ليطى بن يومن بن يافث بن نوح، عَلَيْهِ السَّلَام: وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute