زُهَيْر بن حَرْب وَأبي بكر بن أبي النَّضر كِلَاهُمَا عَن هَاشم بن الْقَاسِم عَن وَرْقَاء عَنهُ بِهِ وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي المناقب عَن أبي بكر بن أبي النَّضر بِهِ (بَيَان اللُّغَات) قَوْله وضوأ بِفَتْح الْوَاو وَهُوَ المَاء الَّذِي يتَوَضَّأ بِهِ وبالضم الْمصدر وَقد مر تَحْقِيقه فِي أول كتاب الْوضُوء قَوْله فقهه فِي الدّين من الْفِقْه وَهُوَ فِي اللُّغَة الْفَهم تَقول فقه الرجل بِالْكَسْرِ وَفُلَان لَا يفقه وَلَا يفقه ثمَّ خص بِهِ علم الشَّرِيعَة والعالم بِهِ فَقِيه وَقد فقه بِالضَّمِّ فقاهة وفقهه الله وتفقه إِذا تعاطى ذَلِك وفاقهته إِذا باحثته فِي الْعلم. (بَيَان الْإِعْرَاب) قَوْله دخل الْخَلَاء جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا خبر أَن قَوْله فَوضعت لَهُ جملَة معطوفة على الْجُمْلَة السَّابِقَة قَوْله وضوأ نصب بقوله فَوضعت قَوْله من استفهامية مُبْتَدأ وَقَوله وضع هَذَا خَبره قَوْله فَأخْبر على صِيغَة الْمَجْهُول عطف على مَا قبله وَقد علم أَن فِي عطف الاسمية على الفعلية وَالْعَكْس أقوالا وَالْمَفْهُوم من كَلَام النُّحَاة جَوَاز ذَلِك كَمَا عرف فِي مَوْضِعه قَوْله اللَّهُمَّ أَصله يَا الله فَحذف حرف النداء وَعوض عَنْهَا الْمِيم قَوْله فقهه جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَهُوَ أَنْت المستكن فِيهِ وَالْمَفْعُول وَهُوَ الضَّمِير الرَّاجِع إِلَى ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وَقَوله فِي الدّين يتَعَلَّق بِهِ. (بَيَان الْمعَانِي) قَوْله قَالَ من وضع هَذَا أَي قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بعد الْخُرُوج من الْخَلَاء من وضع الْوضُوء قَوْله فَأخْبر أَي النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ومَيْمُونَة بنت الْحَارِث خَالَة ابْن عَبَّاس هِيَ المخبرة بذلك لِأَن وضع ابْن عَبَّاس الْوضُوء للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم كَانَ فِي بَيتهَا قَوْله اللَّهُمَّ فقهه فِي الدّين مُنَاسبَة دُعَائِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لِابْنِ عَبَّاس بالتفقه فِي الدّين لأجل وَضعه الْوضُوء لَهُ لكَونه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تفرس فِيهِ الذكاء والفطنة فالمناسبة أَن يَدعِي لَهُ بالتفقه فِي الدّين ليطلع بِهِ على أسرار الْفِقْه فِي الدّين فينتفع وينفع وَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَضعه عِنْد الْخَلَاء لِأَنَّهُ كَانَ أيسر لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لِأَنَّهُ لَو وَضعه فِي مَكَان بعيد مِنْهُ كَانَ يحْتَاج إِلَى طلب المَاء وَفِيه مشقة مَا وَلَو دخل بِهِ إِلَيْهِ كَانَ تعرضا للاطلاع على حَاله وَهُوَ يقْضِي حَاجته فَلَمَّا رأى ابْن عَبَّاس هَذِه الْحَالة أوفق وأيسر اسْتدلَّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام على غَايَة ذكائه مَعَ صغر سنه فَدَعَا لَهُ بِمَا دَعَا بِهِ (بَيَان استنباط الْأَحْكَام) الأول فِيهِ جَوَاز خدمَة الْعَالم بِغَيْر أمره ومراعاته حَتَّى حَال دُخُوله الْخَلَاء. الثَّانِي فِيهِ اسْتِحْبَاب الْمُكَافَأَة بِالدُّعَاءِ. الثَّالِث قَالَ الدَّاودِيّ فِيهِ دلَالَة على أَنه رُبمَا لَا يستنجي عِنْدَمَا يَأْتِي الْخَلَاء ليَكُون ذَلِك سنة لِأَنَّهُ لم يَأْمر بِوَضْع المَاء وَقد اتبعهُ عمر رَضِي الله عَنهُ بِالْمَاءِ فَقَالَ لَو استنجيت كلما أتيت الْخَلَاء لَكَانَ سنة وَفِيه نظر وَمَا اسْتشْهد بِهِ حَدِيث ضَعِيف. الرَّابِع قَالَ الْخطابِيّ فِيهِ أَن حمل الْخَادِم المَاء إِلَى المغتسل غير مَكْرُوه وَأَن الْأَدَب فِيهِ أَن يَلِيهِ الأصاغر من الخدم دون الأكابر. الْخَامِس فِيهِ دَلِيل قَاطع على إِجَابَة دُعَاء الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لِأَنَّهُ صَار فَقِيها أَي فَقِيه. السَّادِس قَالَ ابْن بطال مَعْلُوم أَن وضع المَاء عِنْد الْخَلَاء إِنَّمَا هُوَ للاستنجاء بِهِ عِنْد الْحَدث وَفِيه رد على من يُنكر الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ وَقَالَ إِنَّمَا ذَلِك وضوء النِّسَاء وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ الرِّجَال يتمسحون بِالْحِجَارَةِ وَنقل ابْن التِّين فِي شَرحه عَن مَالك أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم لم يسْتَنْج عمره بِالْمَاءِ وَهُوَ عَجِيب مِنْهُ وَقد عقد البُخَارِيّ قَرِيبا بَابا للاستنجاء بِالْمَاءِ وَذكر فِيهِ أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام استنجى على مَا سَيَجِيءُ بَيَانه إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَفِي صَحِيح ابْن حبَان أَيْضا من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج من غَائِط قطّ إِلَّا مس مَاء وَفِي جَامع التِّرْمِذِيّ من حَدِيثهَا أَيْضا أَنَّهَا قَالَت مرن أزواجكن أَن يغسلوا أثر الْغَائِط وَالْبَوْل فَإِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ يَفْعَله ثمَّ قَالَ هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح وَفِي صَحِيح ابْن حبَان أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى حَاجته ثمَّ استنجى من تور وَقَالَ ابْن بطال أَن مَالِكًا روى فِي موطئِهِ عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه كَانَ يتَوَضَّأ بِالْمَاءِ وضوأ لما تَحت الْإِزَار قَالَ مَالك يُرِيد الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ وَقَالَ الْخطابِيّ فِي الحَدِيث اسْتِحْبَاب الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ وَإِن كَانَت الْحِجَارَة مجزئة وَكره قوم من السّلف الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ وَزعم بعض الْمُتَأَخِّرين أَن المَاء نوع من المطعوم فكرهه لأجل ذَلِك وَكَانَ بعض الْقُرَّاء يكره الْوضُوء فِي مشارع الْمِيَاه الْجَارِيَة وَكَانَ يسْتَحبّ أَن يُؤْخَذ لَهُ المَاء فِي ركوة وَنَحْوهَا لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute